إجتماعي

علاقاتنا الاجتماعية.. إلى أين ..؟!!

فايزة العجيلي

شهدتْ‭ ‬العلاقاتُ‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وروابط‭ ‬التواصل‭ ‬داخل‭ ‬مجتمعنا،‭ ‬خلال‭ ‬العقدين‭ ‬الأخيرين‭ ‬تغيّرًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬أثّر‭ ‬على‭ ‬سلوكيات‭ ‬أفراده‭ ‬وترابطهم،‭ ‬ويحدث‭ ‬أحيانًا‭ ‬أن‭ ‬يحدثكَ‭ ‬أحدهم‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬أبناء‭ ‬عمه،‭ ‬أو‭ ‬أبناء‭ ‬خاله،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بعض‭ ‬أبناء‭ ‬إخوته‭..‬

لقد‭ ‬كانت‭ ‬مناسباتنا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬أفراح،‭ ‬وأتراح،‭ ‬تشهد‭ ‬حضور‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬جميعهم،‭ ‬وفيها‭ ‬يحدث‭ ‬التعارف‭ ‬والتقارب‭ ‬والترابط‭ ‬مع‭ ‬الآخرين،‭ ‬الذين‭ ‬ستكون‭ ‬علاقاتهم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬قوية‭ ‬ومتينة‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭..‬

قد‭ ‬ينحي‭ ‬البعض‭ ‬باللائمة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬تسارع‭ ‬وتيرة‭ ‬الحياة،‭ ‬وصعوبة‭ ‬تكاليفها،‭ ‬والانشغال‭ ‬الدائم‭ ‬وانعدام‭ ‬أوقات‭ ‬الفراغ،‭ ‬وكذلك‭ ‬التطور‭ ‬التقني‭ ‬الذي‭ ‬غزا‭ ‬العقول‭ ‬واستوطن‭ ‬البيوت‭..‬

ولكن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬ليس‭ ‬عذرًا‭ ‬لمَنْ‭ ‬قطع‭ ‬رحمه،‭ ‬وغاب‭ ‬عن‭ ‬صديقه‭ ‬وقت‭ ‬حاجته،‭ ‬ولم‭ ‬يربط‭ ‬أبناءه‭ ‬بوشائج‭ ‬المودة‭ ‬والإيثار‭ ‬مع‭ ‬أهله‭ ‬وأقاربه‭..‬

وما‭ ‬نشاهده‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬من‭ ‬خلافات‭ ‬عائلية‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬الواحدة،‭ ‬وإن‭ ‬تعدَّدت‭ ‬أسبابها‭ ‬التي‭ ‬منها‭ )‬الميراث،‭ ‬والحسد،‭ ‬وعدم‭ ‬الاختيار‭ ‬المناسب‭ ‬للزوجين‭(‬،‭ ‬فإن‭ ‬للتفكك‭ ‬الأسري،‭ ‬وانفصام‭ ‬عُرى‭ ‬الترابط‭ ‬المجتمعي‭ ‬الأثر‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬حتى‭ ‬بات‭ ‬الابن‭ ‬يعتدي‭ ‬على‭ ‬جده‭ ‬أو‭ ‬عمه‭ ‬أو‭ ‬خاله،‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬إحساس‭ ‬بالخجل،‭ ‬أو‭ ‬الأسف‭..‬

وزد‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تقدّم،‭ ‬فإن‭ ‬طغيان‭ ‬المظاهر،‭ ‬والحياة‭ ‬المادية،‭ ‬صار‭ ‬يقتل‭ ‬فينا‭ ‬روح‭ ‬وأصالة‭ ‬المجتمع‭ ‬الليبي،‭ ‬المعروفة‭ ‬بالبساطة‭ ‬والتواضع‭ ‬والكرم‭ ‬والنُبل‭ ‬والشهامة‭ ‬والإيثار،‭ ‬فصار‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬المجتمع،‭ ‬ليس‭ ‬بجوهرهم‭ ‬في‭ ‬الخُلق‭ ‬ولا‭ ‬العلم‭ ‬ولا‭ ‬الشهامة‭ ‬ولا‭ ‬ولا،‭ ‬بل‭ ‬بمظاهرهم‭ ‬وبما‭ ‬يحوزونه‭ ‬من‭ ‬أموال‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬مصادرها‭ ‬فاسدة‭ ‬وحرام‭..‬

نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تأسيس‭ ‬قواعد‭ ‬تواصل‭ ‬بين‭ ‬الأجيال،‭ ‬تغرس‭ ‬قيم‭ ‬المجتمع‭ ‬الأصيلة‭ ‬السمحاء،‭ ‬في‭ ‬الجيل‭ ‬الناشيء،‭ ‬وذلك‭ ‬أمرٌ‭ ‬يأتي‭ ‬بتكاتف‭ ‬الجهود‭ ‬من‭ ‬مجتمع،‭ ‬ومؤسسات،‭ ‬وتهذيب‭ ‬مجتمعنا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الشوائب‭ ‬الدخيلة‭ ‬التي‭ ‬رمانا‭ ‬بها‭ ‬الزمن‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬حدب‭ ‬وصوب،‭ ‬ولا‭ ‬تمت‭ ‬لهويتنا‭ ‬ولا‭ ‬ثقافتنا‭ ‬بصلة‭..‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى