رأي

عن الإعلام مهنة والأعلام عددًا وما خفي كان أعظم

أمين مازن

للمرة‭ ‬الثالثة‭ ‬شهدت‭ ‬طرابلس،‭ ‬ما‭ ‬أطلق‭ ‬عليه‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬بيدهم‭ ‬القرار‭ ‬الإعلامي،‭ ‬أو‭ ‬الثقافي‭ ‬الإعلامي‭ ‬وربما‭ ‬التقني‭ ‬المتعلق‭ ‬بها،‭ )‬أيام‭ ‬طرابلس‭( ‬حيث‭ ‬دُعيَ‭ ‬إلى‭ ‬البلاد‭ ‬عددٌ‭ ‬غير‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬الأسماء‭ ‬المعروفة‭ ‬بالمؤسسات‭ ‬الضالعة‭ ‬في‭ ‬تسييرها،‭ ‬فعرضت‭ ‬بعض‭ ‬الشاشات‭ ‬ما‭ ‬تسنى‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تعرض،‭ ‬وخصّت‭ ‬بالضرورة‭ ‬ما‭ ‬راق‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تخصَّ،‭ ‬وما‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬لأن‭ ‬الإعلام‭ ‬دوماً‭ ‬أداة‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬السلطة‭ ‬يحرص‭ ‬بشتى‭ ‬الوسائل‭ ‬على‭ ‬تطويعها‭ ‬ويحاول‭ ‬المتضلعون‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬تصيرَ‭ ‬لما‭ ‬يروقهم‭ ‬من‭ ‬المردود‭ ‬المعنوي،‭ ‬أو‭ ‬المادي،‭ ‬أو‭ ‬كليهما،‭ ‬ومع‭ ‬أن‭ ‬العهود‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬تضيق‭ ‬ذرعًا‭ ‬أو‭ ‬تعدم‭ ‬اطمئنانا‭ ‬لمن‭ ‬سبق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬ارتبط‭ ‬بالماضي‭ ‬وسعى‭ ‬إلى‭ ‬حسن‭ ‬أداء‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬به‭ ‬يأمر‭ ‬وإليه‭ ‬يرغب،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬ذوي‭ ‬الماضي‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬ما‭ ‬يسعى‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬يناط‭ ‬به‭ ‬القرار‭ ‬الرسمي،‭ ‬ومع‭ ‬أنه‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬يبرر‭ ‬مسعاه‭ ‬هذا‭ ‬بالحرص‭ ‬على‭ ‬التنزه‭ ‬عن‭ ‬الإقصاء‭ ‬وإفساح‭ ‬المجال‭ ‬للجميع،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحقيقة‭ ‬مفادها‭ ‬ما‭ ‬عجز‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬جاءت‭ ‬به‭ ‬المحاصصة‭ ‬أو‭ ‬شراكة‭ ‬المصلحة‭ ‬أو‭ ‬مكافأة‭ ‬خدمة‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬مشرفة‭ ‬ويمررها‭ ‬مقترفها‭ ‬تحت‭ ‬غطاء‭ ‬التعاون‭ ‬ونقيصة‭ ‬التنازلات‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬استشعار‭ ‬الأهلية‭ ‬إحساس‭ ‬لا‭ ‬يكابده‭ ‬الكل،‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬عادة‭ ‬نتاج‭ ‬التكوين‭ ‬الجبهوي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يكتسبه‭ ‬سوى‭ ‬من‭ ‬أمضى‭ ‬وتنامى‭ ‬في‭ ‬التكوين‭ ‬المنهجي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يفرق‭ ‬بين‭ ‬شرط‭ ‬استقامة‭ ‬الفكرة‭ ‬والأداة،‭ ‬لا‭ ‬فرق‭ ‬أن‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بوطننا‭ ‬ليبيا،‭ ‬بنغازي‭ ‬أو‭ ‬طرابلس،‭ ‬أو‭ ‬تونس‭ ‬والرباط‭ ‬وبينهما‭ ‬الجزائر‭ ‬أو‭ ‬شرقًا‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬وبغداد‭ ‬وفلسطين‭ ‬الشتات،‭ ‬ممن‭ ‬طالما‭ ‬غصّت‭ ‬بهم‭ ‬ملتقياتنا‭ ‬ولم‭ ‬تشغلهم‭ ‬الاهتمامات‭ ‬الرسمية،‭ ‬فلم‭ ‬يترددوا‭ ‬في‭ ‬السؤال‭ ‬بل‭ ‬واستشعار‭ ‬المسؤولية‭ ‬بأهمية‭ ‬الغائبين‭ ‬أو‭ ‬المغيبين،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬لبث‭ ‬أن‭ ‬دفع‭ ‬العهد‭ ‬إلى‭ ‬تدارك‭ ‬ذلك‭ ‬النقص‭ ‬ووسعت‭ ‬الدائرة‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬أحسن‭ ‬استثمارها‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬السقف‭ ‬وتجويد‭ ‬الأداء،‭ ‬فكان‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الكتابات‭ ‬التي‭ ‬أعطت‭ ‬حجة‭ ‬للعهد‭ ‬وليس‭ ‬عليه‭ ‬كما‭ ‬كنا‭ ‬نقول‭ ‬ونسمع،‭ ‬ونرفض‭ ‬اليوم‭ ‬مجانية‭ ‬الشيطنة‭ ‬ونترفع‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يوسع‭ ‬شقة‭ ‬الخلاف‭ ‬ولا‭ ‬يخشى‭ ‬عار‭ ‬الملق‭ ‬ونقيصة‭ ‬احتراف‭ ‬المدح،‭ ‬فمن‭ ‬يقض‭ ‬الوقت‭ ‬الكافي‭ ‬وهو‭ ‬يبدي‭ ‬الرأي‭ ‬الدال‭ ‬على‭ ‬اكتساب‭ ‬الكافي‭ ‬من‭ ‬الخبرة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الشؤون‭  ‬يخجل‭ ‬أن‭ ‬يجلس‭ ‬بين‭ ‬صفوف‭ ‬المحترفين،‭ ‬أجل‭ ‬فمن‭  ‬يحقق‭ ‬من‭ ‬الحضور‭ ‬ما‭ ‬يدخله‭ ‬قامة‭ ‬الأعلام‭ ‬ليترك‭ ‬ما‭ ‬استطاع‭ ‬الإعلام‭ ‬لغيره‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬يكبرون‭ ‬أبدا،‭ ‬أما‭ ‬الذين‭ ‬يقولون‭ ‬بأن‭ ‬أعداد‭ ‬الإعلاميين‭ ‬عندنا‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الآلاف‭ ‬عددًا،‭ ‬فرغم‭ ‬أن‭ ‬أسلم‭ ‬رد‭ ‬قول‭ ‬محمد‭ ‬حسن‭ ‬‮«‬صحيح‭ ‬صحيح‮»‬‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬لن‭ ‬نلومهم‭ ‬والميزانيات‭ ‬العامة‭ ‬تحضر‭ ‬وملاحظات‭ ‬ديوان‭ ‬المحاسبة‭ ‬عليها‭ ‬لا‭ ‬تهم‭ ‬أحدًا،‭ ‬فإن‭ ‬العدد‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتضاعف‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬كل‭ ‬متحدث‭ ‬يلقي‭ ‬بما‭ ‬يطيب‭ ‬له‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يطلب‭ ‬إليه‭ ‬تقديم‭ ‬الدليل‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى