رأي

عن الفرعون الليبي أتحدث

معمر الزايدي

يقول‭ ‬التاريخ‭ ‬أن‭ ‬الأسرة‭ ‬الفرعونية‭ ‬الليبية‭ ‬حكمت‭ ‬مصر‭ ‬ووادي‭ ‬النيل‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬سبعمائة‭ ‬عام‭ . ‬فيها‭ ‬مافيها‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬مايمكن‭ ‬تخيله‭ ‬من‭ ‬إزدهار‭ ‬ومظاهر‭ ‬الملك‭ ‬العظيم‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬الحاكم‭ ‬الأخير‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬يتفرعن‭ ‬بإعتباره‭ ‬شعر‭ ‬بأنه‭ ‬وصل‭ ‬الى‭ ‬مستوى‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬والعتو‭ ‬والجبروت‭ ‬لم‭ ‬يسبقه‭ ‬إليه‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬أسلافه‭ ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬قوته‭ ‬التي‭ ‬يستمدها‭ ‬من‭ ‬إعتماده‭ ‬على‭ ‬جيوشه‭ ‬وعلى‭ ‬السحرة‭ ‬والكهان‭ ‬وقراءة‭ ‬الطالع‭ ‬والمغييات‭ ‬نتيجة‭ ‬لإزدهار‭ ‬هذا‭ ‬العلم‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬فإنه‭ ‬رسخ‭ ‬في‭ ‬ذهنه‭ ‬أنه‭ ‬إله‭ ‬وصرح‭ ‬بذلك‭ ‬بقوله‭ ‬أنا‭ ‬ربكم‭ ‬الأعلى‭ ‬في‭ ‬تحد‭ ‬صريح‭ ‬للمشككين‭ ‬في‭ ‬سطوته‭ ‬ومقدرته‭ ‬على‭ ‬البطش‭ ‬‭. ‬وحيث‭ ‬أن‭ ‬التأريخ‭ ‬لتلك‭ ‬الحقبة‭ ‬يروي‭ ‬أن‭ ‬الأسرة‭ ‬الليبية‭ ‬هي‭ ‬آخر‭ ‬عهد‭ ‬وادي‭ ‬النيل‭ ‬بالفرعنة‭ ‬والفراعنة‭ ‬ولست‭ ‬أدري‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬الحكام‭ ‬ذوي‭ ‬الأصول‭ ‬المصرية‭ ‬قال‭ ‬بمثل‭ ‬هذا‭ ‬القول‭ ‬وإن‭ ‬كانوا‭ ‬حكاما‭ ‬أقوياء‭ .. ‬لقد‭ ‬طغى‭ ‬الليبيون‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬حكمهم‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬سطر‭ ‬في‭ ‬التجبر‭ ‬والمطلع‭ ‬على‭ ‬التاريخ‭ ‬القديم‭ ‬يعرف‭ ‬ذلك‭ ‬وليس‭ ‬بخاف‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬للحد‭ ‬ساموا‭ ‬الناس‭ ‬فيه‭ ‬سوء‭ ‬العذاب‭ ‬وخصوصا‭ ‬اليهود‭ ‬لنستخلص‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬نمط‭ ‬من‭ ‬التفكير‭ ‬إنتقائي‭ ‬ومعرفي‭ . ‬وحسب‭ ‬الرواية‭ ‬الدينية‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬الرواية‭ ‬التاريخية‭ ‬فإن‭ ‬الفرعون‭ ‬الأخير‭ ‬تحدى‭ ‬موسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬وجمع‭ ‬مظاهر‭ ‬قوته‭ ‬ونادى‭ ‬في‭ ‬الناس‭ ‬لموعد‭ ‬يكون‭ ‬الفائز‭ ‬فيه‭ ‬لمن‭ ‬يبرهن‭ ‬على‭ ‬قوته‭ ‬وهو‭ ‬يريد‭ ‬بذلك‭ ‬أن‭ ‬يؤكد‭ ‬أنه‭ ‬رب‭ ‬أعلى‭ ‬وأن‭ ‬موسى‭ ‬ليس‭ ‬مرسلا‭ ‬ويستمد‭ ‬قوته‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ‬حتى‭ ‬يفآجأ‭ ‬بالجبروت‭ ‬الإلهي‭ ‬ويسجد‭ ‬السحرة‭ ‬لرب‭ ‬العالمين‭ . ‬هنا‭ ‬يجن‭ ‬فرعون‭ .. ‬ويرفض‭ ‬الخضوع‭ ‬للحق‭ ‬ويزداد‭ ‬تفرعناً‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬حدا‭ ‬بموسى‭ ‬وقومه‭ ‬الى‭ ‬عبور‭ ‬البحر‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬إغراق‭ ‬ذلك‭ ‬الليبي‭ ‬الفرعون‭ ‬وينجو‭ ‬بدنه‭ ‬لينام‭ ‬تحت‭ ‬مكيفات‭ ‬متحف‭ ‬القاهرة‭ ‬مستفبلا‭ ‬الزوار‭ ‬دونما‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬الضيافة‭ ‬لهم‭ ‬أو‭ ‬سجنهم‭ ‬‭.. ‬لتكون‭ ‬لمن‭ ‬خلفك‭ ‬آية‭ ..‬

برأيي‭ ‬لم‭ ‬يفعلها‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬ملوك‭ ‬مصر‭ ‬ولا‭ ‬فراعنتهم‭ ‬بل‭ ‬لايجروء‭ ‬على‭ ‬تحدي‭ ‬نبي‭ ‬من‭ ‬الانبياء‭ ‬سوى‭ ‬ذلك‭ ‬البائس‭ ‬الليبي‭ ‬الأهوج‭ .. ‬وجت‭ ‬على‭ ‬رأسه‭ .‬

ماجعلني‭ ‬أسرد‭ ‬هذه‭ ‬القصة‭ ‬هو‭ ‬إعتقادي‭ ‬بأن‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬منا‭ ‬في‭ ‬داخله‭ ‬فرعون‭ ‬أو‭ ‬مشروع‭ ‬فرعون‭ .. ‬هناك‭ ‬من‭ ‬أطلق‭ ‬له‭ ‬العنان‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يتفاوض‭ ‬معه‭ ‬وهناك‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬إستطاع‭ ‬أن‭ ‬يكسر‭ ‬شوكته‭ ‬ولو‭ ‬لحين‭ ..‬

فعندما‭ ‬ترى‭ ‬إلى‭ ‬المشهد‭ ‬الليبي‭ ‬بجميع‭ ‬صوره‭ ‬ومختلف‭ ‬تنوعاته‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات‭ ‬لاترى‭ ‬سوى‭ ‬عنواناً‭ ‬واحدا‭ ‬لمسئول‭ ‬يقول‭ ‬أنا‭ ‬ربكم‭ ‬الأعلى‭ ‬في‭ ‬نبرة‭ ‬من‭ ‬التحدى‭ ‬أشبه‭ ‬بذلك‭ ‬الذي‭ ‬يفتقر‭ ‬الى‭ ‬غطاء‭ ‬يقيه‭ ‬برد‭ ‬التكييف‭ ‬في‭ ‬المتحف‭ .‬

ففي‭ ‬المصرف‭ ‬المركزي‭ ‬كان‭ ‬الفرعون‭ ‬الكبير‭ ‬جاثماً‭ ‬على‭ ‬قلوبنا‭ ‬وفي‭ ‬الصحة‭ ‬كذلك‭ ‬والتعليم‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬القطاعات‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬المومياءات‮ ‬‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬فراعنة‭ ‬تفرخ‭ ‬فراعنة‭ ‬في‭ ‬الشرطة‭ ‬الحرس‭ ‬البلدي‭ …‬الخ‭ ‬فراعنة‭ ‬فراعنة‭ ‬فراعنة‭ ..‬

والغريب‭ ‬أنهم‭ ‬يسوموننا‭ ‬سوء‭ ‬العذاب‭ ‬فهل‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬ماسة‭ ‬لبرهان‭ ‬كالذى‭ ‬نصر‭ ‬الله‭ ‬به‭ ‬موسى‭ ‬على‭ ‬فرعون‭ ‬واحد‭ ‬أم‭ ‬أننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬بمستوى‭ ‬المسؤلية‭ ‬أمام‭ ‬التاريخ‭ ‬ونقف‭ ‬عازمين‭ ‬حازمين‭ ‬ونقول‭ ‬بصوت‭ ‬واحد‭ ‬حقيقي‭ .. ‬قولا‭ ‬وفعلا‭ : ‬لامزيد‭ ‬من‭ ‬الفرعنة‭ ‬لامكان‭ ‬لفرعون‭ ‬أبداً‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الارض‭ .‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى