
يقول التاريخ أن الأسرة الفرعونية الليبية حكمت مصر ووادي النيل لأكثر من سبعمائة عام . فيها مافيها من جميع مايمكن تخيله من إزدهار ومظاهر الملك العظيم الذي أدى إلى الحاكم الأخير الى أن يتفرعن بإعتباره شعر بأنه وصل الى مستوى من القوة والعتو والجبروت لم يسبقه إليه أحد من أسلافه وبالنظر إلى قوته التي يستمدها من إعتماده على جيوشه وعلى السحرة والكهان وقراءة الطالع والمغييات نتيجة لإزدهار هذا العلم في تلك الفترة فإنه رسخ في ذهنه أنه إله وصرح بذلك بقوله أنا ربكم الأعلى في تحد صريح للمشككين في سطوته ومقدرته على البطش . وحيث أن التأريخ لتلك الحقبة يروي أن الأسرة الليبية هي آخر عهد وادي النيل بالفرعنة والفراعنة ولست أدري أحد من الحكام ذوي الأصول المصرية قال بمثل هذا القول وإن كانوا حكاما أقوياء .. لقد طغى الليبيون في فترة حكمهم حتى آخر سطر في التجبر والمطلع على التاريخ القديم يعرف ذلك وليس بخاف على أحد للحد ساموا الناس فيه سوء العذاب وخصوصا اليهود لنستخلص من ذلك نمط من التفكير إنتقائي ومعرفي . وحسب الرواية الدينية التي تؤكد الرواية التاريخية فإن الفرعون الأخير تحدى موسى عليه السلام وجمع مظاهر قوته ونادى في الناس لموعد يكون الفائز فيه لمن يبرهن على قوته وهو يريد بذلك أن يؤكد أنه رب أعلى وأن موسى ليس مرسلا ويستمد قوته من السحر حتى يفآجأ بالجبروت الإلهي ويسجد السحرة لرب العالمين . هنا يجن فرعون .. ويرفض الخضوع للحق ويزداد تفرعناً الأمر الذي حدا بموسى وقومه الى عبور البحر وأدى إلى إغراق ذلك الليبي الفرعون وينجو بدنه لينام تحت مكيفات متحف القاهرة مستفبلا الزوار دونما قدرة على تقديم الضيافة لهم أو سجنهم .. لتكون لمن خلفك آية ..
برأيي لم يفعلها أي من ملوك مصر ولا فراعنتهم بل لايجروء على تحدي نبي من الانبياء سوى ذلك البائس الليبي الأهوج .. وجت على رأسه .
ماجعلني أسرد هذه القصة هو إعتقادي بأن لدى كل منا في داخله فرعون أو مشروع فرعون .. هناك من أطلق له العنان وهناك من يتفاوض معه وهناك أيضا من إستطاع أن يكسر شوكته ولو لحين ..
فعندما ترى إلى المشهد الليبي بجميع صوره ومختلف تنوعاته في شتى المجالات لاترى سوى عنواناً واحدا لمسئول يقول أنا ربكم الأعلى في نبرة من التحدى أشبه بذلك الذي يفتقر الى غطاء يقيه برد التكييف في المتحف .
ففي المصرف المركزي كان الفرعون الكبير جاثماً على قلوبنا وفي الصحة كذلك والتعليم كذلك في كل القطاعات في البرلمان المومياءات في الجيش فراعنة تفرخ فراعنة في الشرطة الحرس البلدي …الخ فراعنة فراعنة فراعنة ..
والغريب أنهم يسوموننا سوء العذاب فهل نحن بحاجة ماسة لبرهان كالذى نصر الله به موسى على فرعون واحد أم أننا يجب أن نكون بمستوى المسؤلية أمام التاريخ ونقف عازمين حازمين ونقول بصوت واحد حقيقي .. قولا وفعلا : لامزيد من الفرعنة لامكان لفرعون أبداً على هذه الارض .