ثقافة

عن حياة الماعز ومدارس الظلم المتعددة

سميرة البوزيدي

لكي‭ ‬تصف‭ ‬أحداث‭ ‬الفيلم‭ ‬لا‭ ‬يتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬منك‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مواطنًا‭ ‬هنديًا‭ ‬في‭ ‬صحراء‭ ‬السعودية

فقط‭ ‬انتظر‭ ‬في‭ ‬طابور‭ ‬البنزين‭ ‬وانتظر‭ ‬راتبك‭ ‬بفارغ‭ ‬الصبر‭ ‬من‭ ‬كفيل‭ ‬يدعى‭ ‬محافظ‭ ‬مصرف‭ ‬ليبيا،‭ ‬أو‭ ‬رئيس‭ ‬دولة،‭ ‬أو‭ ‬رئيس‭ ‬مؤسسة‭ ‬نفطية‭ ‬وهذا‭ ‬يكفي‭..‬

ما‭ ‬علينا‭ .. ‬شاهدتُ‭ ‬فيلم‭ )‬حياة‭ ‬الماعز‭( ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬كانت‭ ‬كالآتي‭:‬

‭- ‬مشاهدة‭ ‬كاملة

‭- ‬مشاهدة‭ ‬متقطعة

‭- ‬مشاهد‭ ‬دونتها،‭ ‬ثم‭ ‬عدتُ‭ ‬إليها‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬

شاهدتُ‭ ‬كما‭ ‬أشاهد‭ ‬فيلمًا‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬العوالم‭ ‬الخيالية،‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تحيز‭ ‬للقصة‭ ‬الحقيقية‭.. ‬ما‭ ‬يتحدث‭ ‬عنه‭ ‬الفيلم،‭ ‬وبشكل‭ ‬موضوعي،‭ ‬هي‭ ‬مسألة‭ ‬سيطرة‭ ‬الظلم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬فوضى‭ ‬إدارية‭ ‬داخل‭ ‬الدولة،‭ ‬أو‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر

‭- ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬للظلم‭ ‬أن‭ ‬يستفحل‭ ‬داخل‭ ‬أي‭ ‬دولة؟،‭ ‬وهل‭ ‬أحدثكم‭ ‬عن‭ ‬دول‭ ‬تقدم‭ ‬أشكالاً‭ ‬متعددة‭ ‬لمدارس‭ ‬الظلم،‭ ‬والسبب‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬الفوضى‭ ‬الداخلية‭ ..‬

ما‭ ‬علينا‭ ..‬ولا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬حضرتكم‭ ‬في‭ ‬افتتاحية‭ ‬القصة،‭ ‬طريقة‭ ‬استقبال‭ ‬المسافر‭ ‬الهندي‭ ‬كانت‭ ‬بشكل‭ ‬فوضوي،‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تنسيق‭ ‬أو‭ ‬ترتيب‭ ‬بين‭ ‬الكفيل،‭ ‬والعامل‭ ‬الهندي‭ ‬هذا‭ ‬إن‭ ‬دل‭ ‬على‭ ‬شيء،‭ ‬فهو‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬السعودية‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬سمحت‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬هب‭ ‬ودب‭ ‬أن‭ ‬يستغل‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬لتمرير‭ ‬مآربه‭ ‬دون‭ ‬دراية

حاولتُ‭ ‬أن‭ ‬أشاهد‭ ‬الفيلم‭ ‬بعين‭ ‬ثالثة

هل‭ ‬حقًا‭ ‬يتحدث‭ ‬الفيلم‭ ‬عن‭ ‬السعودية‭ ‬محاولا‭ ‬تشويه‭ ‬سمعتها‭ ‬كدولة‭ ‬التحقت‭ ‬أخيرًا‭ ‬بالدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬إزالة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬العوائق‭ ‬والقيود‭ ‬وبدأت‭ ‬ترسم‭ ‬ملامح‭ ‬جديدة‭ ‬للدولة‭ ‬المحافظة،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬محبة‭ ‬الناس‭ ‬لأرض‭ ‬الكعبة‭ ‬جعلتهم‭ ‬يهاجمون‭ ‬القصة‭ ‬الحقيقية‭ ‬دون‭ ‬حتى‭ ‬مشاهدة‭ ‬للفيلم‭.‬

وقد‭ ‬يرجع‭ ‬الأمر‭ ‬للصدمة،‭ ‬ويدعم‭ ‬مدى‭ ‬مأساوية‭ ‬القصة‭ ‬لدرجة‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تصديقها‭ ‬بمعنى‭ ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬الانتقاد‭ ‬فني،‭ ‬تاريخي،‭ ‬أدبي،‭ ‬أم‭ ‬نابع‭ ‬عن‭ ‬عاطفة‭ ‬وانتماء‭ ‬وخلفيات‭ ‬أخرى‭ ‬تجحف‭ ‬حق‭ ‬مواطن‭ ‬هندي

بينما‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬تمكن‭ ‬الظلم‭ ‬وتضعه‭ ‬على‭ ‬عرش‭ ‬أكثر‭ ‬دولة‭ ‬يعرفها‭ ‬الغرب‭ ‬كواجهة‭ ‬للدين‭ ‬الاسلامي‭ ‬ويستعملها‭ ‬كرمزية‭ ‬للعرب؟

سأخبرك‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬أميركا‭ ‬وغيرها‭ ‬ماهم‭ ‬إلا‭ ‬شماغ‭ ‬وعقال‭ ‬وبشت‭ ‬وجمل‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الملايين‭ ‬التي‭ ‬تصرف‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬محلها

والحديث‭ ‬يطول

‭ ‬ما‭ ‬علينا‭ .. ‬ونرجع‭ ‬لمخرج‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬عباءة‭ ‬الخير‭ ‬المطلق‭ ‬والشر‭ ‬المطلق‭ ‬يضع‭ ‬الكفيل‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬إنسان‭ ‬عليه‭ ‬ملامح‭ ‬الشر؛‭ ‬بينما‭ ‬كاركتر‭ ‬القصة‭ ‬الحقيقية‭ ‬يقول‭: ‬إن‭ ‬أبناء‭ ‬الكفيل‭ ‬لم‭ ‬يصدقوا‭ ‬أن‭ ‬والدهم‭ ‬بهذه‭ ‬الصورة‭ ‬وأنه‭ ‬يمارس‭ ‬ساديته‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬أنظار‭ ‬العائلة‭ ‬في‭ ‬صحراء‭ ‬منعزلة‭ ‬عن‭ ‬السعودية‭ ‬والسعوديين‭.‬لهذا‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬نقع‭ ‬فريسة‭ ‬الوجوه‭ ‬البريئة‭ ‬والمظاهر‭ ‬الخادعة

كما‭ ‬يفعل‭ ‬مخرجو‭ ‬زمان‭ ‬مع‭ ‬كفار‭ ‬قريش‭ ‬واصحاب‭ ‬الطوائف‭ ‬الدينية‭ ‬الأخرى‭ ‬والمجرمين‭ ‬والسفاحين‭ ‬من‭ ‬بداية‭ ‬أي‭ ‬المسلسل‭ ‬لن‭ ‬يتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬منك‭ ‬لنظرة‭ ‬فنية‭ ‬عميقة،‭ ‬ستعرف‭ ‬من‭ ‬ملامح‭ ‬الممثل،‭ ‬أنه‭ ‬طيب‭ ‬جدًا‭ ‬أو‭ ‬مصنع‭ ‬كامل‭ ‬للشر‭.‬

عنصر‭ ‬الصدمة‭ ‬والمفاجأة‭ ‬غير‭ ‬موجود

كملامح‭ ‬الكفيل‭ ‬وكذلك‭ ‬ملامح‭ ‬الهندي‭ ‬تقول‭ ‬أنه‭ ‬سيتعرض‭ ‬للظلم‭ ‬والاضطهاد‭ ‬وانه‭ ‬مغلوب‭ ‬على‭ ‬أمره

العمل‭ ‬تقنيًا‭ ‬بارزٌ‭ ‬وأداء‭ ‬الممثلين‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الاحترافية،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عمل‭ ‬يقدم‭ ‬صورتين‭ ‬للبشر،‭ ‬يا‭ ‬أبيض،يا‭ ‬أسود،‭ ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬المنطقة‭ ‬الرصاصية‭ ‬وغالبً0ا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬غير‭ ‬موجودة‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الماعز‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى