قبل ثلاثون سنة تسلقت جموع من برلين الشرقية الجدار عند بوابة براندنبورغ رمز تقسيم المدينة..وتحيي الأمم المتحدة ماحدث وقتها في شهر نوفمبر من كل عام بإسم يوم الحرية الذي قال عنه رئيس أمريكي سابق بأنه كان رحيل الناس إلى الغرب رمز الإنعتاق..وكلنا نعلم إن الهيئة الأممية هي منظومة تشمل العديد من الصناديق والبرامج والوكالات ولكن تتركز مقارها في النصف الشمالي الغربي للكرة الأرضية..مما أدى إلى ظهور جدار افتراضي ساهم في تعقيد تناول الأمم المتحدة للقضايا العالمية الملحة..مثل برنامج الأغذية العالمي الذي يحاول التعامل مع معاناة 733 مليون إنسان في العالم من الجوع المزمن و2.3 مليار من انعدام الأمن الغذائي..مما افسح المجال للبنك الدولي المستقل عن المنظمة للعمل على تحسين معايير المعيشة..لكن من خلال تقديم قروض ذات فوائد وأخرى ائتمانية ومنحا للبلدان النامية..وكذلك وجود جامعة الأمم المتحدة التي تبحث في المشكلات العالمية الملحة لتنمية الإنسان والمجتمع وهي تضم اليوم 14 معهدا للبحث والتدريب في 12 دولة فقط..ولإنها مركز للفكر وتزود صانعي السياسات ببحوث عالية الجودة والتميز..لذا من المفترض أن يكون هذا ما تحتاجه دول بعينها أكثر من غيرها..واليوم لابد من مواجهة حقيقة ان غالبية دور المنظمة الأممية مع كل التقدير والإحترام لجهودها ينحصر في الإحتفاء بمناسبات يخصص لكل منها شعارا أو موضوعا معينا..فهل تحقق بنسبة عالية صون السلم والأمن الدوليين وتعزيز التنمية المستدامة وحماية حقوق الإنسان وضمان سيادة القانون الدولي وإيصال المساعدات الإنسانية..وكمثال مرور عقد لمشروع عالمي أي يستغرق تنفيذه عشر سنوات دون تغيير ملحوظ ومنها تحقيق شعار الماء من أجل التنمية المستدامة وآخر للقضاء على الفقر وغيره لتوفير الطاقة المستدامة وكذلك مكافحة التصحر..كما مرت السنة الدولية للتقارب بين الثقافات والحوار بين الحضارات ومكافحة العنصرية والتمييز العنصري دون نتائج ملموسة..إذن لماذا لا يتم فتح فروع رئيسية ومكاتب في الدول النامية لتقترب المنظمة أكثر من تحقيق أهدافها..خاصة إن كل الحروب والتوترات الإقليمية والصراع الجيوسياسي يتم في النصف الجنوبي من الأرض بسبب فوقية الغرب في التصدي للأمور وتراه يدفع بما قد يمسه بسوء بعيدا عن أقاليمه وبالتالي تتحرك الهجرة والنزوح للشمال اليوم ليس من أجل الحرية بل بإتجاه مناطق الإستقرار..لماذا لا ترمي المنظمة بجزء من زخمها في بلدان العالم الثالث تبدأ بورش عمل تعليمية وجلسات تفاعلية ومناقشات ومشاريع تعاونية لتعزيز الحلول المبتكرة بشرط أن تكون دورية متقاربة وليست احتفالية..ولربما تحتاج لتجسيد مبادئها إلى كلمتين قالهما الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف وإن كان وقتها تحت تأثير الفسيفساء الغربية وهما بيريسترويكا بمعنى إعادة الهيكلة و غلاسنوست أي الشفافية..لكن من المؤكد حاجتها إلى إعادة التموضع وتبرعات مالية لتحقق أول أهداف تأسيسها عام 1945 وهو منع الحروب مستقبلا..رغم انه في الأسبوع الماضي وفق كلمة ألقاها وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية الصديقة وهي وعاء متنوع ثقافيا من مختلف القارات بقوله إن العالم مقبل على المزيد من الصراعات..المهم لقد وصل الحال بمنظمة الأمم المتحدة إلى قصف مقرات الأونروا في فلسطين واليونيفيل في لبنان..وهنا لمن تتوجه منظمة الأمم المتحدة لتقديم الشكوى..