رأي

عودة جدار برلين!

هاشم شليق

قبل‭ ‬ثلاثون‭ ‬سنة‭ ‬تسلقت‭ ‬جموع‭ ‬من‭ ‬برلين‭ ‬الشرقية‭ ‬الجدار‭ ‬عند‭ ‬بوابة‭ ‬براندنبورغ‭ ‬رمز‭ ‬تقسيم‭ ‬المدينة‭..‬وتحيي‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ماحدث‭ ‬وقتها‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬بإسم‭ ‬يوم‭ ‬الحرية‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬عنه‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‭ ‬سابق‭ ‬بأنه‭ ‬كان‭ ‬رحيل‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬الغرب‭ ‬رمز‭ ‬الإنعتاق‭..‬وكلنا‭ ‬نعلم‭ ‬إن‭ ‬الهيئة‭ ‬الأممية‭ ‬هي‭ ‬منظومة‭ ‬تشمل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصناديق‭ ‬والبرامج‭ ‬والوكالات‭ ‬ولكن‭ ‬تتركز‭ ‬مقارها‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الشمالي‭ ‬الغربي‭ ‬للكرة‭ ‬الأرضية‭..‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ظهور‭ ‬جدار‭ ‬افتراضي‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تعقيد‭ ‬تناول‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للقضايا‭ ‬العالمية‭ ‬الملحة‭..‬مثل‭ ‬برنامج‭ ‬الأغذية‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬يحاول‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬معاناة‭ ‬733‭ ‬مليون‭ ‬إنسان‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬المزمن‭ ‬و2‭.‬3‭ ‬مليار‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭..‬مما‭ ‬افسح‭ ‬المجال‭ ‬للبنك‭ ‬الدولي‭ ‬المستقل‭ ‬عن‭ ‬المنظمة‭  ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬معايير‭ ‬المعيشة‭..‬لكن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬قروض‭ ‬ذات‭ ‬فوائد‭ ‬وأخرى‭ ‬ائتمانية‭ ‬ومنحا‭ ‬للبلدان‭ ‬النامية‭..‬وكذلك‭ ‬وجود‭ ‬جامعة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬تبحث‭ ‬في‭ ‬المشكلات‭ ‬العالمية‭ ‬الملحة‭ ‬لتنمية‭ ‬الإنسان‭ ‬والمجتمع‭ ‬وهي‭ ‬تضم‭ ‬اليوم‭ ‬14‭ ‬معهدا‭ ‬للبحث‭ ‬والتدريب‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬دولة‭ ‬فقط‭.‬‭.‬ولإنها‭ ‬مركز‭ ‬للفكر‭ ‬وتزود‭ ‬صانعي‭ ‬السياسات‭ ‬ببحوث‭ ‬عالية‭ ‬الجودة‭ ‬والتميز‭..‬لذا‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬تحتاجه‭ ‬دول‭ ‬بعينها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرها‭..‬واليوم‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬حقيقة‭ ‬ان‭ ‬غالبية‭ ‬دور‭ ‬المنظمة‭ ‬الأممية‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬التقدير‭ ‬والإحترام‭ ‬لجهودها‭ ‬ينحصر‭ ‬في‭ ‬الإحتفاء‭ ‬بمناسبات‭ ‬يخصص‭ ‬لكل‭ ‬منها‭ ‬شعارا‭ ‬أو‭ ‬موضوعا‭ ‬معينا‭..‬فهل‭ ‬تحقق‭ ‬بنسبة‭ ‬عالية‭ ‬صون‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬الدوليين‭ ‬وتعزيز‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬وحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وضمان‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وإيصال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭..‬وكمثال‭ ‬مرور‭ ‬عقد‭ ‬لمشروع‭ ‬عالمي‭ ‬أي‭ ‬يستغرق‭ ‬تنفيذه‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬دون‭ ‬تغيير‭ ‬ملحوظ‭ ‬ومنها‭ ‬تحقيق‭ ‬شعار‭ ‬الماء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬وآخر‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬الفقر‭ ‬وغيره‭ ‬لتوفير‭ ‬الطاقة‭ ‬المستدامة‭ ‬وكذلك‭ ‬مكافحة‭ ‬التصحر‭..‬كما‭ ‬مرت‭ ‬السنة‭ ‬الدولية‭ ‬للتقارب‭ ‬بين‭ ‬الثقافات‭ ‬والحوار‭ ‬بين‭ ‬الحضارات‭ ‬ومكافحة‭ ‬العنصرية‭ ‬والتمييز‭ ‬العنصري‭ ‬دون‭ ‬نتائج‭ ‬ملموسة‭..‬إذن‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬فتح‭ ‬فروع‭ ‬رئيسية‭ ‬ومكاتب‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬لتقترب‭ ‬المنظمة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭..‬خاصة‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬الحروب‭ ‬والتوترات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والصراع‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬يتم‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الجنوبي‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬بسبب‭ ‬فوقية‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬للأمور‭ ‬وتراه‭ ‬يدفع‭ ‬بما‭ ‬قد‭ ‬يمسه‭ ‬بسوء‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬أقاليمه‭ ‬وبالتالي‭ ‬تتحرك‭ ‬الهجرة‭ ‬والنزوح‭ ‬للشمال‭ ‬اليوم‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحرية‭ ‬بل‭ ‬بإتجاه‭ ‬مناطق‭ ‬الإستقرار‭..‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬ترمي‭ ‬المنظمة‭ ‬بجزء‭ ‬من‭ ‬زخمها‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬تبدأ‭ ‬بورش‭ ‬عمل‭ ‬تعليمية‭ ‬وجلسات‭ ‬تفاعلية‭ ‬ومناقشات‭ ‬ومشاريع‭ ‬تعاونية‭ ‬لتعزيز‭ ‬الحلول‭ ‬المبتكرة‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬دورية‭ ‬متقاربة‭ ‬وليست‭ ‬احتفالية‭..‬ولربما‭ ‬تحتاج‭ ‬لتجسيد‭ ‬مبادئها‭ ‬إلى‭ ‬كلمتين‭ ‬قالهما‭ ‬الزعيم‭ ‬السوفياتي‭ ‬ميخائيل‭ ‬غورباتشوف‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬وقتها‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬الفسيفساء‭ ‬الغربية‭ ‬وهما‭ ‬بيريسترويكا‭ ‬بمعنى‭ ‬إعادة‭ ‬الهيكلة‭ ‬و‭ ‬غلاسنوست‭ ‬أي‭ ‬الشفافية‭..‬لكن‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬حاجتها‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬التموضع‭ ‬وتبرعات‭ ‬مالية‭ ‬لتحقق‭ ‬أول‭ ‬أهداف‭ ‬تأسيسها‭ ‬عام‭ ‬1945‭ ‬وهو‭ ‬منع‭ ‬الحروب‭ ‬مستقبلا‭..‬رغم‭ ‬انه‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬وفق‭ ‬كلمة‭ ‬ألقاها‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الصديقة‭ ‬وهي‭ ‬وعاء‭ ‬متنوع‭ ‬ثقافيا‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬القارات‭ ‬بقوله‭ ‬إن‭ ‬العالم‭ ‬مقبل‭ ‬على‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭..‬المهم‭ ‬لقد‭ ‬وصل‭  ‬الحال‭ ‬بمنظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬قصف‭ ‬مقرات‭ ‬الأونروا‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬واليونيفيل‭ ‬في‭ ‬لبنان‭..‬وهنا‭ ‬لمن‭ ‬تتوجه‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتقديم‭ ‬الشكوى‭..‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى