ذات صباح مشرق من يوم الجمعة وفي دردشة رائعة جمعتني بصديقي سليمان عيسى أصيل مدينة يفرن الجميلة الواقعة على سفوح جبل نفوسة الغني بالكثير من معالم التراث في ليبيا، تناولنا جماليات الوطن الحبيب ولوحاته الفنيّة الطبيعية الجميلة التي يجهلها حتى الكثير من أبنائه، وقال لي صديقي سليمان بأنه يرغب بجولة داخل ربوع بلادنا لإظهار هذه اللوحات الطبيعية بكل ما تحتوي من كنوز وعراقة، وحييته على روحه الوطنية، وحبه لوطن يحاول البعض تمزيقه لمأرب شخصية وبإملاءات خارجية من دول قزمية.
ولأني دائم التنقل في ربوع بلادي وحتى في بلادنا المغاربية، ارتأيت بأن أستذكر بعضا من هذه اللوحات الجميلة التي ازدانت بها بلادي، في محاولة لإظهار صور لوطن رائع لا يمكن إلا أن يكون كما يجب أن يكون، وهذه المرة من الجبل الأخضر المزدان بجمال الطبيعة والمآثر الجميلة، ففي ليبيا وبالتحديد في هذه البقعة الجميلة والتي يجهل معالمها الكثير من أبناء الوطن، تعلو منطقة الجبل الأخضر عن سطح البحر بمعدل 850 مترا، وتطل سفوحها على البحر الأبيض المتوسط، التي وصفها صديقي اللبناني راني فضول، بأنها لبنان ليبيا، وقال لي بأنها مشروع سياحي كبير، خاصة وأنها غنية في الآثار القديمة من إغريقية ورومانية وإسلامية.
هذه المنطقة الواسعة تمتد من درنة شرقا حتى مرتفعات الباكور غربا وأطراف الصحراء جنوبا، ولم يطلق اسم الجبل الأخضر عليها عفوا، إذ انها منطقة خضراء فعلا بغاباتها وأدغالها ومزارعها، ووديانها المكسوة بالأشجار الباسقة، ولها تربة حمراء، مما يدل على وجود مقادير من عنصر الحديد في تكوينها ويجعلها خصبة صالحة للزراعة وللحياة النباتية، رغم أن معدل هطول الامطار فيها يتراوح ما بين 150,100 ميليمترا فقط في العام الواحد.
ففي هذا المكان الجميل تكتسي الأرض في فصل الربيع بهذا اللون الزاهي من أزهار الربيع، مانحة لكل من يزورها أمتع المناظر التي حباها الله بها، بطبيعة ساحرة ومتنوعة، متمثلة في تنوع غريب وجبال مختلفة من حيث الطبيعة والارتفاع، فأينما وضعت رجلك وجدت نفسك في إحدى جناتها، سهول وأودية وجبال خضراء، بشريط من الطبيعة الجميلة، لا يتغير لون النباتات والأشجار الموجودة فيها على اختلاف الفصول وتغيّرها، تزرع فيها محاصيل القمح، والشعير، ومحاصيل الخضروات والفواكه، مثل: العنب، والتفاح، والخوخ، كما تزرع فيها أشجار والزيتون، الخروب، والشعرا أو (العرعار سيد الغابة) والبلوط والشماري والزعتر، وشجيرات البطوم والإكليل العطري والسخاب والزهيرا وتفاح الشاي المعطر والزريقة والقندول والسلوف الشائك والشبرق والبرابش البيضاء والكحلاء وشوك الرقيطة والبيروف العملاق وشوك الحمار المؤلم المؤذي والقوص، وأنواع كثيرة من الأعشاب والأزاهير الملونة، زهور الصليعة (شقائق النعمان) والدرياس السام في أمكنة وأمكنة خالية، ومنبوتات العناصل والبراقع (الغيصلان) المنتشرة في كل البقاع وكل هذه الأعشاب التي ذكرت ربيعية، وأنواع أخرى من الأشجار دائمة الخضرة، كما ينتج هذا الجبل العسل بأنواعه الكثيرة، وفي الجبل أيضاً توجد العديد من المناطق الأثريّة والسياحية، بتوليمايس (طلميثة)، وارثرون (الأثرون)، وقوريني، وأبولونيا (سوسة)، ورأس الهلال، ووادي الإنجيل، ووادي مرقص، (مرقص أو سان ماركو كما يطلق عليه في الفاتيكان، هو أحد أتباعه السيد المسيح عليه السلام، وأحد الإنجيليين الأربعة، كاتب الإنجيل الذي يحمل اسمه (أنجيل مرقص)، وواضع القداس المعروف حاليًا باسم القداس الكيرلسي لأنه كان أول من دوَّنه كتابة، ومؤسس الكنيسة الأرثوذكسية، وُلد في القرن الأول الميلادي مع فترة ميلاد السيد المسيح عليه السلام في قرية ابرياتولس وهي قرية قريبة من مدينة قوريني Cyrene أحدى المدن الليبية التاريخية الخمس الواقعة شرق ليبيا، ونشأ وترعرع في ربوع الريف القوريني الجميل، حمل عدة القاب، يوحنا أسم يعني «حنان» في اللغة الآرامية (لغة العرب القديمة)، ومرقص اسم روماني يعني «مطرقة»، ولقب بـــ لباوس «الليبي» والزيلوطي «سريع المشي»، وكان منذ صغره ذو علم وثقافة واسعة، هاجر مع والده أرسطو بولس وباقي أفراد عائلته مضطرين وهربا من جور الرومان من ليبيا إلى فلسطين، بعد أن هاجمت بعض الجماعات الوثنية الرومانية أملاكهم، حيث طاب لهم المقام في مدينة القدس، وقت ظهور السيد المسيح عليه السلام، عاش بقية حياته بوادي يقع ما بين منطقة الأثرون ومنطقة رأس الهلال في منتصف المسافة بينهما حوالي 4 كم، وسمي هذا الوادي فيما بعد بوادي مرقص، يحيط بهذا الوادي الشهير جمال الطبيعة الخلابة التي لا يضاهيها جمالاً، أشجار مثمرة وعيون مياه عذبة، وتعطر المكان رائحة أشجار العرعار والبطوم وأكليل الجبل والشيح، وتنتشر فيه أشجار العنب والرمان والموز والنخيل والخروب، وفي منتصف الوادي عين مياه عذبة تسمى عين العسل، وكلما تعمقت في الوادي ارتفاعا تلاقيك عيون المياه وهى تنضح من الجبل وكأنك في جنان الأرض والطيور التي تعشعش فوق اشجار البطوم والعرعار لا تفارقك وكأنها تحرسك أو تراقبك فربما تعرف وجهتك ونقطة وصولك في أعلى الوادي حيث كهف مرقص ذلك القديس الذى حطت به الأقدار في أعلى ذلك الوادي هارباً ومحافظاً على دينه من بطش الرومان الوثنيين الذين كانوا يطاردونه للتنكيل به والقضاء عليه، فقد حماه الله بقدرته في هذا الوادي من الظالمين، وأقام داخل هذا الكهف وبجواره عين ماء عذب سلسبيل، حتى توفي وفاضت روحه وأسلمت بيد الله، في آخر شهر برمودة (الشهر الثامن من التقويم القبطي، في التقويم الميلادي يبدأ من 9 أبريل إلى 8 مايو) سنة 68م.
تكرر هذا الاسم (الدبوسية) في عدة دول منها قرية الدبوسية التابعة لمنطقة تلكلخ في ريف حمص بمحافظة حمص في سورية، حيث توجد نقطة العبور الحدودية إلى لبنان، من الجهة الجنوبية الغربية للأراضي السورية، وتوجد قرية الدبوسية في الجولان المحتل، لكن ما يوجد في الدبوسية الليبية، قد يختلف عن ما يوجد في الدبوسية في أي مكان أخر.
وصفت الدبوسية في قصيدة (يا أم العطار تفوح)، قصيدة كان فيها وصفًا للطبيعة الخلابة، عين الدبوسية ذالك الجزء الجميل من ليبيا، الذي يعكس خضارها، والذي كان حاضرًا في معركة الساقية، التي استشهد فيها المجاهد الفضيل بو عمر الأوجلي رفيق شيخ الشهداء عمر المختار.
في قرية الدبوسية الجبلية تفتن عين الزائر بسحر الطبيعة وتشد بصره روعة إبداع الخالق عز وجل في خلقه، فلا يمل من تأمل روعة المناظر الخلابة التي رسمت بإتقان ليس كمثله إتقان. في هذه القرية حيث الجبل وخضرته ودفئ العيون المائية المنبثقة من باطن الجبال المحيطة في انسجام، فتضفي على المكان سحرًا وجمالاً، فيها تمتد ربوع ومساحات شاسعة من الغابات الخضراء، والزرقة الممتدة التي تعكس زرقة السماء الصافية، حيث الأشجار الكثيرة والكثيفة العالية والشامخة، وحيث المياه الجبلية العذبة.
الدبوسية قريه تقع غرب مدينة درنة بالتحديد بين منطقة القبة ومنطقة عين ماره على سفوح الجبل الأخضر مطلة على الوادي والساحل، تتوسط أعلى منطقتي رأس الهلال والأثرون على ارتفاع اكثر من 650 مترا فوق سطح البحر، ويعد هذا المكان من روائع الجبل الأخضر، رغم الإهمال، إلا أن رونق الطبيعة لا يزال حاضراً، وتكمن شهرته بأحد أهم ينابيع الماء في الجبل الأخضر (عين مياه الدبوسية) وهي من أكبر عيون الجبل، وتنبع من سفح جبل في (الوادي العميق) الذى يقع بين مدينتي رأس الهلال ودرنة، بغزارتها التي تصل تغذيتها الى مشارف درنة على بعد اكثر من 35كم وتصل مياهها الى مدينة البيضاء، كانت المياه تصل منها عبر شبكة مواسير إلى أغلب مناطق الجبل الأخضر، والآن تقتصر على بعض مناطقه، يوجد بها مضخة من أصل 4 مضخات تتغذى بجهد كهرباء، جزء كبير من هذه المياه العذبة يتم ضخه لمناطق الدبوسية والقبة وغيرها، فيما سبق كانت محطة عين مياه الدبوسية تغذي مناطق واسعة من الجبل الأخضر تصل إلى المرج غربا، وطبرق شرقا من خلال مشروع مد أنابيب مياه الشرب من عين الدبوسية إلى قصر السلام بمدينة طبرق.
بالإضافة لعين مياه الدبوسية يتميز الوادي بوجود عدد من الكهوف المعلقة، ويمتد من قرية الدبوسية وحتى مصبه في البحر الابيض المتوسط شرق منطقة لاثرون، ويقطع وادي الدبوسية والذي يبعد عن منطقة لاثرون ب 12 كم الطبقة الساحلية للجبل الأخضر، وينحدر من قرية الدبوسية حتى يصل منطقة لاثرون في الشمال، وتصب مياه الوادي في البحر، كمعظم الوديان في ليبيا، في غياب كامل عن المشاريع الاستراتيجية التي قد تفيد كثيرا، لأنه قد يكون مشروع مياه عين الدبوسية من المشاريع الجبارة، التي تمتاز مياهها بغزارتها وجودتها ولا يحتاج الى التصفية الا قليلا، ويبلغ معدل ما تدره من الماء أربعة ملايين غالون يوميا، وباعتبار أنه يستهدف احياء منطقة واسعة من الارض، وتطويرها زراعيا واقتصاديا واجتماعيا، من هنا يتضح وجوب استغلال مياه العيون الغنية المتوفرة في هذه المنطقة استغلالا صالحا وتوزيعها على النحو الذى يجلب أعظم فائدة لأكثر عدد من الناس والمزارع.
علي اطراف هضبة الجبل الأخضر الشرقية والتي تنحدر منها منابع اودية تتعرج وتندر في مصابها الى جهة الشرق وتنعطف لتصب في البحر المتوسط عند مدينة درنة، تتميز هذه المنطقة بتربتها شديدة الخصوبة وبكمية هطول أمطار كبيرة وفرت كميات من المياه خزنت في طبقات تدفقت في هيئة عيون جارية بمياه عذبة في عدة اماكن على سفوح هذه الاودية، كانت سببا في قيام الاستقرار الحضاري في هذه المنطقة منذ ان فطن بها الاغريق بعد أن اجتازوها في قدومهم الأول في طريقهم الي قوريني، لتمتد الحضارة الاغريقية ومن بعدها الرومانية إلى هذه المنطقة والتي شواهدها لا زالت حية، اندثرت الحضارة الاغريقية والرومانية وجاء فجر الإسلام وانتشر وواصلت هذه المنطقة مد ساكنيها بالماء والكلأ وتعاقبت عليها دويلات إسلامية الى ان وقعت كسائر الشمال الأفريقي تحت الحكم العثماني، ثم احتلتها ايطاليا كبقية تراب الوطن سنة 1911م، ونظرا لخصوبة تربة هذه المنطقة وكثرة أمطارها ووفرة عيون المياه بها اقام الإيطاليين قرية زراعية اسموها Giovanni Berta نسبة لاحد جنرالاتهم، بها مشتل زراعي (القرارو) ومزرعة حيوانات Centro، واقيمت مزارع حولها للعنب والزيتون واللوز والحبوب وغيرها.
تعتبر هذه المنطقة من أغنى جهات الجبل الأخضر بالأمطار كما تعتبر من المناطق التي تكثر بها الوديان، فمن أمثلتها تلك الوديان المنحدرة ناحية الشمال مثل وادي درنة ووادي الكوف، وتسير في أجزاء منها خوانق عميقة حتى تنتهي في البحر، أما الوديان المنحدرة ناحية الجنوب فهي تسير في انحدار بطيء وميل قليل إلى أن تنتهي في منخفضات مقفلة مثل منخفض البلط، ويتم التصريف المائي في اقليم الجبل الأخضر عن طريق المجاري المائية الباطنية ذلك أن المياه لا تجري على الأرض إلا لمسافات قليلة ثم تختفي وتجري باطنيا كما أن هذه المياه التي تتسرب إلى الباطن لا تلبث أن تعود إلى السطح في بعض المناطق في كنتور أدنى على شكل ينابيع وتعتبر هذه المنطقة من أغنى مناطق الجبل الأخضر بالعيون وهي تقسم إلى ثلاث مناطق:
1– ينابيع درنة وتشمل عين البلاد وعين بو منصور.
2– ينابيع عين ماره والتي تشمل عين شعيب وعين مغارة وعيون الصفا وهي أربعة، ومجموعة التصريف بهما يتراوح فيما بين 60 إلى 70 لترا/ث.
3– ينابيع عين الدبوسية.
ويبلغ مجموع التصريف للمناطق الثلاث حوالي 12 مليون جالون يوميا، ويخص المنطقة الواقعة بين مسة ودرنة وحدها من التسرب حوالي 25,000 مليار جالون سنويا أي أن الكمية الساقطة على هذه المساحة والتي تقدر بحوالي 2500 كم² وهي تعتبر منطقة أمطار تتراوح ما بين 200 إلى 600 ملم، كما أن نسبة التصريف اليومي في هذه المنطقة تمثل 15 مليون جالون يوميا.
وإذا نظرنا إلى نسبة التساقط اليومي من الكمية السابقة فإننا نجدها تقدر بحوالي 70 مليون جالون يوميا، وبهذا نطرح الكمية التي تصرفها العيون وهي 15 مليون جالون، فإن الباقي ويقدر بحوالي 55 مليون جالون، وهذه الكمية تقسم بين التسرب الباطني وتذهب إلى البحر دون استفادة منها، والبعض الآخر يخزن مكونا مناسيب المياه ذلك أن التسرب الرأسي الذي تحدثنا عنه لا يذهب أو ينتهي كله في البحر بل هناك جزء من هذا التسرب يتجمع في الشقوق والقنوات وتبقى هذه المياه مخزنة حتى إذا ما قطع أحد الوديان هذا المخزن تتفجر منه المياه على شكل عيون وهو ما يشبه عين ماره والدبوسية، أما بالنسبة لعيون درنة والتي تمثل عين البلاد وعين بو منصور فإن هذين الينبوعين يستمدان مياههما من منسوب المياه الجوفي بوادي درنة وذلك من المخزن الجوفي من الصخور الجيرية التابعة للايوسين الأوسط، ولقد كان هناك العديد من العيون التي ترجع إلى زمن اليوسين الأسفل ولكن لم يعد لها وجود، ويدل وجود عين بو منصور وعين البلاد على حداثتهما وذلك انهما لم يتركا أثرا في الرواسب التي تكتنفها، كما تعتبران من أغزر العيون في الجبل الأخضر، ويقدر تصريفهما حسب ما جاء في تقرير هيدرو بروجيكت بحوالي 580 لتر/ث، وتستغل مياههما في الشرب في كل من درنة وطبرق، كما تزرع بعض المساحات في سهل الفتائح قائمة على الري من هذه العيون.
أما المياه المستخرجة من عين الدبوسية فإنها تغطي مياه الشرب في كل من مدينتي البيضاء والمرج ويقدر التصريف بها حوالي 220 لتر/ث، وتنقل المياه عن طريق أنابيب يبلغ طولها حوالي 166 كم، ويبدأ من الدبوسية ويتجه الخط نحو الغرب ثم وادي الكوف حتى البياضة ثم يهبط متبعا الحافة الشمالية لسهل المرج، وينتهي إلى خزان في شمال المرج.
ولا يعني هذا أن المرج تعتمد كليا على عين الدبوسية بل يجري البحث عن مصادر أخرى للمياه من المرج نفسها حيث حفرت مجموعة من الآبار تقدر بحوالي 16 بئرا ومقدار تصريفها حوالي 10 لتر/ث، إضافة إلى عدد 6 آبار مقدرا تصريفها 3 لتر/ث كما يستفاد من المياه السطحية التي تنتهي إلى حوض المرج امثل وادي (القود) وذلك بإقامة السدود، وتم العمل على تصريف مياه بحيرة الغريق تصريفا باطنيا، وتوجد مجموعة من العيون الأخرى التي تعتبر مصدرا رئيسيا للمياه في هذه المنطقة البيضاء – درنة وهي:
1– عين (مسّه) ومقدار تصريفها 20 لترا/ث.
2– عين (رأس الهلال) ومقدار تصريفها 10 لتر/ث.
3– عين (ستوا) ومقدرا التصريف بها 23 لترا/ث.
4– هناك مجموعة عيون أخرى ويقدر عددها بحوالي 72 عينا بين مسّه شرقا وعين ستوا غربا, منها 40 عينا يقدر تصريفها بحوالي 22 لتر/ث.
وفى سبيل تحقيق كل النتائج الإيجابية عهدت المملكة الليبية في شهر سبتمبر من عام 1962م، الى مكتب المهندسين الاستشاريين البريطانيين (هوارد همفريز واولاده) بمسؤولية القيام بوضع تصميمات هذا المشروع، ومواصفاته، والاشراف على تنفيذه، وفى الشهر ذاته تعاقدت مع شركة مانزسمان الألمانية التي تعهدت بالقيام بالأعمال المطلوبة وانجازها في الوقت المحدد في العقد، وقد جاءت الأعمال الهندسية المدنية، من مسح الأراضي التي تمر الأنابيب عبرها وفتح الخنادق اللازمة لدفن الأنابيب الفولاذية فيها، في مقدمة الأعمال التي وجب انجازها، وإذ استلزم الأمر، في كثير من الأحيان، مد الأنابيب عبر الوديان السحيقة وعلى سفوح التلال وقممها.