في تقرير يثير الاستغراب والدهشة، فإن السحر لازال يحتل مكانة وعلى نطاق أعلى النخب في العالم الغربي على عكس ما يتبادر إلى أذهاننا، فعلى سبيل المثال في فرنسا وحسب تقرير صاغه «معهد المستقبل» الأمريكي عام 2017 والذي يؤكد واضعوه أن 85 في المائة من المهن التي ستمارس في حدود عام 2030 ستتدخل تطبيقات الثورة التكنولوجية الرقمية فيها بشكل أو بآخر، ومع ذلك فإن هذا التقرير يخلص على غرار تقارير أخرى إلى أن الحاجة إلى الإنسان ستظل ملحة في ممارسة بعض الأنشطة منها أنشطة السحرة والمشعوذين، وانطلاقًا من هذه الرغبة لدى النَّاس من جهة، ومساعدة العاطلين عن العمل، أو الراغبين في الدخول إلى سوق العمل من جهة أخرى، أصبحت فرنسا منذ عام 2019 تُدَرس فنون السحر والشعوذة في مدارس خاصة تمنح طلبتها دبلومًا معترفًا به من قبل وزارتي العمل، والثقافة، وتقول «ألكسندرا دوفييه» مدير إحدى هذه المدارس التي تختص في تدريس هذه الفنون:
إنّ من يرتادها ينبغي أن يكون قد قضى في الجامعة عامين اثنين على الأقل، وأن يكون ناجحًا في أعقاب السنتين.
أما فترة الدراسة في مدارس السحر والشعوذة الفرنسية، فتستمر ثمانية عشر شهرًا فيها 550 ساعة يتلقى خلالها الطلاب معارفَ في عدة تخصصات بالإضافة إلى دورات تدريبية تستمر لفترة تتراوح بين 2500 و3000 آلاف ساعة.
ومن القائمين على المشروع البروفسور «فيليب دو برتوي» من أمهر المتخصصين في تدريس هذه المادة. والحقيقة أن هذا الأستاذ هو في الأصل مهندس متخرج من «المدرسة المركزية للفنون والصناعات» والتي تأسست عام 1829، وهي جزءٌ من منظومة ما يسمى «المدراس الكبرى» في فرنسا والتي يدرس فيها الطلبة الموهوبون، ويتخرج منها كبار المهندسين. وكان بإمكان هذا الأستاذ الحصول على عمل مجزٍ في شركة من الشركات الخاصة الفرنسية، أو غير الفرنسية التي تبحث خصيصًا عن خريجي المدارس الفرنسية الكبرى لتوظيفهم. ولكن ولعه بفنون الهزل السحري تغلب عنده على مهاراته التي تصلح لتحسين الإنتاج والإنتاجية في مثل هذه المؤسسات.
ويقول وهو يتحدث عن تدريس السحر والشعوذة إن الأشياء التي تبدو بالنسبة إلى النَّاس مستحيلة قد تخيفهم، أو تبهرهم، وإن مهمة الساحر تتمثل في ترويض ما يخيف، وجعله أمرًا يأخذ بالألباب..