عجيب الشعب الليبي ..
يبذر ثروته داخل وطنه بلا حساب ..
لا عدادات للكهرباء .. ولا للمياه .. بل وعندما يصطف في طابور المخابز يتلاعب الشيطان برأسه.. فيخرج نقوده ويمدها للخباز ويقول له : ثلاثون فردة .. في حين أن المستهدف لأسرته عشرة أرغفة فقط.. .
لم نتعلم من الحلاق القادم من الشرق الذي يقتصد حتى في المناديل التي يلفها حول رقبة الزبون كي لا يصل الشعر إلى بقية أجزاء جسده فيسبب له إزعاجًا مثيرًا لا ينهيه إلا دوش ساخن مع رغوة الشامبو ..
ولم يتعلم من الأجانب العاملين بوطننا حيث أنهم لا يستعملون سياراتهم الخاصة إلا عند الضرورة .. فنجدهم « يدقوا» على أرجلهم دون تعب وبلا ملل .. منها اقتصاد ومنها رياضة وحرقًا للسكر ..
المصابيح ليل نهار عندنا « تدقل» ..
المياه تفلت في الشوارع ..
المهم بلا حساب يهدر ثروة لو فكر قليلًا لكان من أثرياء الكون ..
لكنه عندما يتوكل على الله ويسافر لبلاد « بره» ..
تجده يقتصد في كل شيء ..
فهو على استعداد لقراءة مجلة أو جريدة على إنارة العمود المتسرب نورها إلى شرفة غرفته المطلة على الشارع ..
وربما يتأخر في تناول وجبة الغداء حتى لا يخسر ثمن وجبة العشاء كي يضرب عصفورين بحجر ..
علاوة على ذلك يمسك بقلم بعد أن هجره منذ سنوات الدراسة ويستذكر جدول الضرب ليلاحق أسعار العملات .. ويضرب أحماسه بأسداسه كما يقولون ويتحول دماغه الناشف إلى جهاز كمبيوتر لحساب كل شيء بالعملة الليبية ..