الرئيسيةثقافةلقاءاتمتابعات

في يومه العالمي: “كتاب الطفل” على حوارية صالون فبراير.. والأسعار والطباعــة وتحديات النشر

متابعة: عبد السلام الفقهي.. عدسة: عمر النجار

 

أقيم بقاعة صلاح الطبال بالهيئة العامة للصحافة الثلاثاء الماضي، جلسة حوارية بمناسبة اليوم العالمي لكتاب الطفل، نظمها صالون صحيفة فبراير بالتعاون  مع الجمعية الليبية للمكتبات والمعلومات والارشيف، بمشاركة البحاث (أسماء الاسطى , د.عاشور الشيخي , د. محمد بن موسى , حسن حواص، نجلاء الشيباني، آمال بوعبود ، وليد بن دلة).

المواطن .. يتردد مرة لشراء غرض ومائة مرة لشراء كتاب

متابعة/عبد السلام الفقهي

عدسة /عمر النجار

معوقات النشر

وتحدث الدكتور عاشور الشيخي في الندوة التي أدارها كلٌ من الشاعرة سميرة البوزيدي، والكاتبة أسماء الاسطى عن معوقات نشر كتب الأطفال وتداولها في ليبيا بقوله إن مكتبات الأطفال اضحت في مقدمة الاهتمام العالمي باعتبارها المؤسسة الأولى التي يحتك بها الطفل، وإذا ما نظرنا إلى كتاب الطفل في ليبيا من الناحية العددية، نجده في اسفل القائمة على المستوى العربي، وإذا ما استثنيت الكتب المدرسية، أو ما يطلق عليه الكتيبات وتحدثنا عن كتاب الطفل الذي جعل العالم تاريخ الثاني من أبريل من كل عام موعدًا للاحتفال به فإن العدد في ليبيا لا يتجاوز المائة عنوان طيلة نصف قرن .

واضاف أن هناك مجموعة من العراقيل تحول دون وجود نشر جيد أبرزها النواحي الفنية لإعداد كتاب الطفل، فلابد أن تتكامل فيه إلى جانب دقة النص الجوانب الاخراجية، أي ينشر بمعايير عالية الجودة فنيًا، وهي عملية مكلفة، ولا يوجد في ليبيا ناشرٌ واحدٌ يمكنه تحمل مثل هذه الأعباء، وبالتالي تتم مسألة الطباعة خارج ليبيا، وهنا سندخل في دهاليز الاعتمادات والتحويلات وهو ما ينتج عنه معرقلٌ آخر وهو ارتفاع أسعار الكتب، وسبب ذلك ليس المحتوى أو عنوانه أو اسم مؤلفه إلا في حالات ضيقة للغاية بالنسبة للمؤلف، ولكن ما يعرف سعره هو المواد الداخلة في صناعته(الورق، الحب، الألوان، الرسومات، التجليد).

وأكد الشيخي أن كتب الأطفال مثل كتب الفنون تتطلب دقة عالية ما يتبعه ارتفاع السعر، وكذلك تحول طباعة الكتاب إلى الخارج، ما ينعكس على القوة الشرائية بالنسبة للكتب، وإذا كان المواطن يتردَّد عن  شراء أغراضه اليومية فسيتردد مئات المرات عن شراء كتاب، وأحيانًا نتفاجئ  بالسعر مع ركاكة موضوع الكتاب .

عامل نفسي

واوضح أن الجانب النفسي مهم وهو اضفاء الجانب الجمالي على الكتاب لجذب عين القارئ وخلق نوع من الارتياح تجاه الكتاب، وبالرجوع إلى مسألة الأسعار فإن البديل هو المكتبات العامة والتي من أولوياتها تقديم الخدمة للأطفال، وفي غياب ذلك نكون قد فقدنا المعوض الطبيعي للنقص .

وعلى المستوى العربي لا زال الكتاب يعاني من سلطة الرقابة في جل الدول العربية، ولا نتوقع أن  الرقابة في دول العالم الثالث تكتفي بمتابعة العناوين السياسية والدينية أو العادات والتقاليد، لكنها تجاوزت ذلك في كتب الزراعة والطب والأطفال وحتى الطبخ، دائمًا هناك رقيب مجهول، يبحث دائمًا عن أي عبارة تخالف المألوف، فما تمنعه الرقابة يفوق ما تجيزه .

ويرى أن الأمية عامل آخر، إذ يوجد سبع دول تنشر ما نسبته خمسين بالمائة من كل منشورات ومطبوعات العالم وهي (امريكا، بريطانيا، فرنسا، المانيا، اليابان، أسبانيا، روسيا) وقد تمكنت هذه الدول من القضاء على الأمية بشكل كامل فيما نرى مثلاً بعض الدول الأفريقية تصل فيها نسبة الأمية إلى أكثر من 86 % وهذا يعني أن الكتاب لا يعنيها لامن قريب أو بعيد، عدا أننا نواجه اشكالية أخرى، وهي أمية المتعلمين، وأصبحنا أسرى للكتاب المقرَّر، لذا يجب أن يبنى التعليم على تعدَّد المصادر .

ثقافة إلكترونية

ومن جانب آخر توقف الدكتور محمد بن موسى عند أثر القراءة الإلكترونية على الأطفال.

مشيرًا أنه اإذا كان العالم الإلكتروني شدنا كجمهور إلى خصوصيات، فالأطفال كان لهم النصيب الاكبر في هذه الاتجاه، وقد ركزت «اليونيسيف» عن الطفل الرقمي والمشكلات التي تواجهه بالخصوص، وإذا كان الإنشداد من الطفل نحو الصورة والألوان والحركة في العالم الالكتروني فلأن أورقي يفتقد هذه العناصر، عدا أنه من أسباب انتشار الكتاب الإلكتروني كما ذكر سابقًا ارتفاع تكلفة الكتاب الورقي، وانتشار استخدام الحاسب الآلي بكثرة سواء في المكتبات ومراكز المعلومات أو على المستوى الشخصي، أيضًا انتشار البرمجيات الحديثة ورخصها في بعض الحالات ووجود الكثير من الألعاب التي تأسر خيال الطفل .

وواصل بن موسى بالقول إن الاتجاه للكتاب الالكتروني مرده أيضًا الاهتمام بالمدركات النفسية في سن ما قبل الدراسة، وما بعدها، حيث اثبتت الدراسات أن التعليم القائم على الأبعاد الحسية أكثر فاعلية من القائم على العنصر اللفظي، ومن الضروري الاستفادة من الكتاب الالكتروني في الجانب الترفيهي وتوظيفه ايجابيًا قدر الامكان، ومن هنا ينبغي التركيز على التربية المعلوماتية بمعنى ايصال الطفل إلى مرحلة يتمكن فيها من القراءة والاستيعاب ويحلَّل ويستنتج، وفق تدرج عمري على امتداد مسيرة العملية التعليمية .

مراحل زمنية

ورصدتْ الباحثة أسماء الأسطى المراحل الزمنية التي مرتْ بها حركة نشر كتب الأطفال بليبيا؛ موضحة أنه عندما نوثق النتاج الفكري للأطفال والناشئة في ليبيا، لا نعثر في الارشيف المحلية عن مطبوعات تعنى بالأطفال خلال العهد العثماني الثاني، ربما لاعتماد اللغة العثمانية في مدارس تلك المرحلة، ما نتج عنها مناهج تعليمية ترد من الآستانة .

وأضافت أنه عقب الاحتلال الإيطالي صدرت في عهد (الجمهورية الطرابلسية ) خمسة كتيبات موجهة للتلاميذ، خلال الفترة من أواخر عام 1921حتى عام 1924، توالت في الصدور عن مدرستي (مكتب النجاح )و(مكتب العرفان ) برعاية (حزب الاصلاح الوطني )، ثم توقف ظهور الكتيبات عقدًا كاملًا، حتى صدور مؤلفين، الأول من تأليف أحمد الفساطوي بعنوان (الدر الثمين في مزايا ديننا المتين )عن مطبعة الفنون والصنائع عام 1932، وكتاب تعليمي آخر باللغة العربية بعنوان (إلى الحياة )للشيخ محمد الهمالي .

وواصلتْ الاسطى  أن عهد الإدارة البريطانية شهد بعض النشر الفردي، ولعل البداية الثانية لنشر الكتب المدرسية للتلاميذ جاءت عام 1956بصدور كتاب (مبادئ التاريخ) لمؤلفه محمد بن مسعود فشيكه، وهو تلخيص لكتاب (تاريخ ليبيا المفيد)، وكان عهد الاستقلال يؤسس للدولة الفتية لذلك اعتمد على المناهج التعليمية من مصر، فانتهجت خطط التعليم حينها توزيع روائع الأدب العالمي، والعربي على النشء لتغذية عقولهم وأرواحهم بالأعمال الأدبية الراقية .

ورأت الباحثة أن بداية النشر الرسمي عند صدور القانون رقم (60) القاضي بإنشاء الشركة العامة للنشر والتوزيع والإعلان  في الخامس والعشرين من سبتمبر 1974، وبالتصديق على اتفاقية إنشاء مؤسسة مشتركة للنشر والتوزيع بين ليبيا وتونس هي (الدار العربية) للكتاب وفق القانون رقم (60) للعام 1973 لتصدر أولى منشوراتهما معًا عام 1975.

وقالت إنهما كدور نشر حكومية ابديا اهتمامًا كبيرًا بنشر مؤلفات الأطفال سواء بتشجيع الكتَّاب الليبيين على التأليف لهم، أو بإعادة نشر سلاسل عربية واجنبية مترجمة، فيما اوضحت أنه بعد عقد الثمانينيات عجزتْ دور النشر الحكومية  والخاصة معًا على الاستمرار  بذلك الحماس، ما نتج عنه انخفاض ملحوظ،ظل يتضاعف سلبًا حتى نهاية العام الماضي .

وتحدثتْ الباحثة نجلاء الشيباني عن الميول القرائية للطفل بين العزوف والفضول منطلقة من سلم الأولويات، البيت، والمدرسة، والمكتبات ووسائل الإعلام المسموعة، والمرئية، جميعها تلعب الدور الاساس في العملية، كما يجب التنبيه على العوامل المساعدة كالعمر، حيث يهتم من هم في مراحل عمرية مبكرة بالقصص الخيالية، والأمر الثاني هو الجنس سواء أكان ذكرًا أم انثى والذي له ميول معينة في الاختيار، ولا يمكن اغفال عنصر الذكاء، وننتهي إلى العامل المهم وهو الأسرة إلا أنه توجد بعض المتغيرات في الأسرة قد تؤثر على مستوى الميول القرائية وهو مستوى تعليم الوالدين و مدى توافر الكتب والقصص والمجلات داخل المنزل .

والقتْ الباحثة آمال بوعبود ورقة عن دور المكتبات في غرس عادات حب القراءة لدى الأطفال، وذلك بعملها على صقلهم ذهنيًا من خلال نقل المعرفة، وتنمية قدراتهم الفكرية، ويتبع ذلك كمعادلة مكملة ارتياد الكبار لها، وحال اكتساب الطفل لملكة القراءة ستبقى هذه العادة أو السلوك مستمرة معه كجزء من طقسه الحياتي طيلة أيام الدراسة .

وعدَّد عضو الجمعية الليبية للمكتبات حسن احواص مناشطها التي بدأت العام 2012 حتى هذا العام حيث نظمتْ عدة برامج وفعاليات تعنى بالطفل، وتناول الصحفي وليد بن دلة العراقيل التي تواجه المطبوعات الخاصة بالطفل، منها عدم تلقي العاملين في هذا المجال دورات في الكتابة بالخصوص، اسوة بما هو موجود في بعض الدول العربية حتى انها تكلف اختصاصيًا نفسيًا يراجع المادة لتقييم ملائمتها للطفل من عدمها، كذلك اشارته لغياب دور المكتبات المدرسية باعتبارها من أهم الروافد التي تنمي ثقافة الطفل، أيضا تراجع ثقافة القراءة البصرية لصالح السمعية، كذلك عدم قدرة المؤسسة الصحافية التي تصدر عنها مجلات الأطفال بتغطية التكاليف والتي تتجاوز ايرادات التوزيع ما يجعلها تلجأ إلى طباعة اعداد قليلة لتقليل الخسائر المالية .

شواغل وملاحظات

والقيتْ في الندوة ببعض الملاحظات حيث اشار عبدالرزاق الداهش رئيس الهيئة العامة للصحافة لأهم العناصر الرئيسة في الموضوع وهو المعلم، ثم توالتٌ المداخلات  من جانب كل من الدكتور ادريس القايد، ومحمد الرحومي رئيس تحرير صحيفة فبراير ، والدكتور مصطفى بديوي  والفنان جمال الشريف، الكاتبة موني بن منصور، والكاتب إبراهيم احميدان، زايرة بريم مديرة إدارة المركز والبيوت الثقافية بوزارة الثقافة ، محمد النفاثي رئيس منظمة اشراقة، وقد تركزت جل الملاحظات على ضرورة الفهم الجيد لكل العوامل المذكورة في الورقات، واستيعاب متغيرات العصر والتعامل مع قوة تأثيرها  بما لا يؤدي نتائج سلبية على الاطفال، كذلك ضرورة انتباه المؤسسات المعنية بالطفل إلى عقد ندوات علمية وحوارات تبحث في كل الاشكالات التي تواجه النشء الصغير .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى