لا احد يمكنه الاعتراض على اي عمل او منجز يساهم في تعزيز قيم الثقافة والجمال وكذلك المحافظة عليها بشرط الا تنحو هذه الاضافات الي تشويه المعالم او جرها خارج سياق الفكرة او المضمون الاثري او التراثي ، لكن ما نلحظه من اعمال حفر محاذية لقوس ماركوس حاليًا تعمل على تغيير مشهد القوس وحرمه من دون توفير الحماية والصون للمعْلم وبذا ندعو للبدء في دراسة شاملة وعلمية تتناسب مع القيمة التراثية الحضارية الفراغية لهذا الصرح العظيم الذي ليس له مثيل في حوض البحر المتوسط وموجود بالقرب من إدارة المصلحة.كما نناشد مصلحة الاثار وكافة الجهات ذات العلاقة لإيقاف هذا العمل. هذه الاحاطة والمناشدة جاءت ضمن سياق اشارات دونها
الدكتور «حافظ الولدة» المتخصص في الاثار توقف خلالها عند الاثار المترتبة علي اعمال الحفر واضاف بالخصوص «هذه المعالم الوحيدة المتبقية من مدينة أويا القديمة في طرابلس الحالية عندما شهدت المدينة عصرًا ذهبيًا فيجب المحافظة على رمز المدينة ورعايته بأفضل الطرق وعلي حسب ما تنص به المواد ذات العلاقة في القانون رقم 3 لسنة 1995م (قانون حماية الآثار والمدن التاريخية). ان الأعمال القائمة الان حول قوس ماركوس مخالفة صريحة للقانون رقم 3 (مادة: 7, 9, 16, 17, 18) بالإضافة الي:
1– الرسومات الهندسية التي بنيت عليها الأعمال بدائية جدا ولا تدل على ان من رسمها مهندس معماري وغير مرفقة بالدراسات الكافية.
2– العمالة بالموقع غير محترفة وتعاملها مع الموقع يهدد سلامة هذه المقدرات التي هي ملك لكل ليبي يعيش على ارض هذا البلد, كما انه أمانة علينا حفظها لتسليمها للأجيال القادمة.
3– من خلال مراقبتنا للعمل نلاحظ عدم تواجد وجود مراقبين اثريين مشرفين من مصلحة الاثار في كل الاوقات وفي خلال وجود عمالة غير مدربة تقوم بالعمل كما هو مطلوب قانونيا.
4– لم تجر الدارسات الكافية والحديثة لتقييم وضع القوس الانشائي والاثري قبل ادخال الآلات الثقيلة للموقع بالقرب من القوس الاثري.
5– توفير تسهيلات للزوار بعدد كبير ومفرط وزيادة القدرة الاستيعابية للموقع وبدون دراسة سوف تهدد سلامة القوس والزوار, والحقيقة ان الموقع لا يملك القدرة لاستيعاب أعداد كبيرة من الزوار، وهناك خطر من أن الموقع نفسه قد يتضرر بسبب زيادة حركة السير على الأقدام والاستعمال.
6– التحويرات الحالية الحاصلة حول فراغ القوس الاثري قوس ماركوس ابتعدت كل البعد عن فهم وكيفية استغلال القيمة التاريخية والمكانية والاستعمالية للفراغ فبمجرد دخولك سابقا للمنسوب السفلي لحرمة القوس تشعر وكأنك تدخل الزمن القديم باختفاء ضوضاء المدينة هناك وخصوصية اختلاف المنسوب باحتواء متزن لهذا الصرح مع احترام خصوصية الوظائف المحيطة للفراغ الحضري الذي من الممكن ان تتم تسميته ساحة القوس وتوجهات الصيانة الحالية والاستخدامات المستقبلية سيفقد ويمحي ويبهت معالم وذاكرة هذا المكان. .وبناء على هذه المعطيات نطلب من مصلحة الاثار ايقاف هذا العمل الغير مدروس والبدء في دراسة شاملة وعلمية.
في كتاب الاستاّذ سعيد حامد «قوس ماركوس اوريليوس» يذكر أن الاوليين محمد باشا الساقزلي والي طرابلس (1631–1649) وابراهيم داي (1675) قد فكروا في تهديم القوس والاستفادة من رخامه في إنشاء مباني أخرى ولكن فقهاء وسكان طرابلس عارضوا ذلك معارضة شديدة قائلين بأن تدمير هذا الاثر سيكون نذير شؤم كما من الاجرام تهديم مثل هذا المبنى الجميل العريق الذي حملوا له تقديرا واحتراما على مدى الاحقاب المتعاقبة ويعلق خليفة التليسي في كتابه «حكاية مدينة» على موقف أهل طرابلس بأنه «يدل على الحس الحضاري والألفة التي قامتا بينهم وبين هذا الاثر الهام الذي اعتبروا العمل على إزالته أو تهديمه نذير شؤم للمدينة التي استطاعت بهذا الشعور أن تحافظ عليه وتسلمه للأجيال المتعاقبة جيلا بعد جيل».