رأي

ليبيا أولا

هاشم شليق

السياسة اليوم هي سلسلة من الصفقات الإقتصادية بعضها علني وغيرها خلف الأبواب المغلقة..وشعار كل دولة هو نحن أولا ويتم تحقيق هذا المبدأ بتبني القوة الناعمة التي تهدف إلى تعزيز قدرة البلاد على الإستفادة من ثقل مواردها المادية أمام الأطراف المهتمة أو الحصول على نسبة مما تملكه غيرها بالتسوية والتفاوض..مثلما لدى إيطاليا صوتا مسموعا سياسيا واقتصاديا عند الولايات المتحدة فيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي والبحر المتوسط..فلم يعد للتجاذبات السياسية دون طائل أو الإكراه الإيديولوجي نتيجة مثمرة أمام تحقيق المكاسب الإقتصادية..وقد شهد الإجتماع الأوروبي الأخير انقساما بين الأعضاء حول توفير حزمة مساعدات مالية وعسكرية جديدة لأوكرانيا وبين الحد من الإنفاق في ظل الظروف الإقتصادية التي تمر بها القارة..خاصة بعد تفكير أمريكا نفسها قائدة الحلف في التخلي عن المنصب لأوروبا من منطلق اقتصاد أمريكا أولا..كما ان الكيان الإسرائيلي يتمتع بدعم سياسي واقتصادي من الغرب وتحصل سابقا على درجة أعلى كحليف رئيسي خارج حلف الناتو لأن أمريكا وأوروبا تريدان الإستفادة اقتصاديا من تمهيد الطريق نحو التطبيع العربي تحت شعار أمن إسرائيل أولا..إن تنامي الحديث مؤخرا حول أوكرانيا سببه الثروات المعدنية التي تجعلها ذات أهمية في السوق العالمية..فالمناطق التي احتلتها روسيا غنية..واهتمام الإدارة الأمريكية الحالية سبقته إليها المنتهية الولاية..وكذلك أعربت أصوات في الإتحاد الأوروبي عن نيتها اللحاق والإستفادة واختارت غيرها التهديد برادع نووي تقوده فرنسا..فمن يدير ظهره لأوكرانيا وما تملكه يدخل في صناعة الطائرات والفضاء والطب والصناعات البحرية والسيارات الكهربائية
والإلكترونيات والفولاذ والسبائك..واليورانيوم الذي تمتلك أكبر احتياطي له في أوروبا..لكن التاريخ يثبت إنه لا جدوى للأبد من القوة العسكرية للحصول على الثروات مثلما حدث في أفغانستان والإستعمار في أفريقيا..وليبيا بلا شك في قلب الراهن الجيوسياسي الذي يعكس رغبة مثيلها من دول الخارطة المفصلية في زيادة عرض منتجها وتقديم الخدمات والتسهيلات الخاصة بها بشرط عدم السماح بإحتكار الطلب من قبل دولة فاعلة دون غيرها فالتحالفات تتغير..وبلادنا غنية بالموارد الطبيعية والمعدنية على الرغم من أن اقتصادها كان مدفوعا تاريخيا بالنفط والغاز..فلديها طاقة الشمس والرياح المتجددة والثروة البحرية وخام الحديد والجبس والحجر الجيري ورمل السيليكا والطين والكاولين والرخام والجرانيت..كذلك الذهب واليورانيوم والعناصر الأرضية النادرة..وربما الحل هو فتح المجال للأجانب لتوطين شركات استكشاف وأخرى لبناء وإدارة المصانع في الداخل..وهنا يجب أن تعمل ليبيا على توفير ضمانات أمنية لسلاسل التصدير..مثلما ستسمح أمريكا على أرضها للشركات الكورية واليابانية والتايوانية بإنشاء مصانع تقنية..وما تقوم به دول أفريقية مع الصين..أي الحصول على نسبة سواء للمكان أو المدير الممول..يظل هذا أقصر طريق لتحقيق اقتصاد ليبيا أولا في عصر القوة الناعمة..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى