ثقافة

ماما خديجة … وخمسينية مجلة (الأمــــل) للأطفال 1974-2024

أ . أسماء مصطفى الأسطى

تعود‭ ‬بداية‭ )‬صحافة‭ ‬الأطفال‭( ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬للعام‭ ‬1870م،‭ ‬مع‭ ‬صدور‭ ‬صحيفة‭ )‬التلميذ‭(‬‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬شهدته‭ ‬بلادنا،‭ ‬حيث‭ ‬تشير‭ ‬المصادر‭ ‬التاريخية‭ ‬إلى‭ ‬مطبوع‭ ‬للأطفال‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الجمهورية‭ ‬الطرابلسية‭ ‬كنشاط‭ ‬ثقافي‭ ‬لمكتب‭ ‬‮«‬النجاح‮»‬‭ ‬التابع‭ ‬لحزب‭ ‬‮«‬الإصلاح‭ ‬الوطني‮»‬‭ ‬الموثق‭ ‬وفق‭ ‬شهادة‭ ‬أحد‭ ‬محرَّريه‭ ‬وهو‭ ‬العلم‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬الربيعي‭ ‬الذي‭ ‬عاش‭ ‬حياته‭ ‬في‭ ‬إسطنبول‭ ‬واشتهر‭ ‬بتأليف‭ ‬كتب‭ ‬الأطفال‭ ‬ويعد‭ ‬من‭ ‬رواده‭ ‬هناك،‭ ‬كذلك‭ ‬ثمة‭ ‬إشارة‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ )‬العصر‭ ‬الجديد‭( ‬لصاحبها‭ ‬محمد‭ ‬البارودي‭ ‬بعنوان‭ )‬السمير‭ ‬الصغير‭( ‬كمطبوع‭ ‬مستقل‭ ‬منشطر‭ ‬عن‭ ‬الأصل،‭ ‬ولكن‭ ‬للأسف‭ ‬لم‭ ‬نعثر‭ ‬عليهما‭ ‬في‭ ‬الاراشيف‭ ‬المتاحة‭.‬

لقد‭ ‬ارتبط‭ ‬الأطفال‭ ‬بالبرامج‭ ‬الإذاعية‭ ‬التي‭ ‬ازدهرتْ‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬كمصدر‭ ‬إعلامي‭ ‬تثقيفي‭ ‬مهم‭ ‬للغاية،‭ ‬فظهر‭ ‬برنامج‭ )‬ركن‭ ‬الأطفال‭( ‬أعده‭ ‬الراحل‭ ‬محمد‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬كريستة‭ ‬الذي‭ ‬أصدر‭ ‬جريدة‭ ‬حائطية‭ ‬لنتاج‭ ‬الأطفال،‭ ‬وسريعًا‭ ‬ما‭ ‬تحولتْ‭ ‬إلى‭ ‬مطبوع‭ ‬متداول‭ ‬عنوانه‭ )‬الطفل‭( ‬وبه‭ ‬توثق‭ ‬البداية‭ ‬لصحافة‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬علمًا‭ ‬بأن‭ ‬طوال‭ ‬عقود‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإيطالي‭ ‬لم‭ ‬تصدر‭ ‬مطبوعات‭ ‬للأطفال‭ ‬باستثناء‭ ‬عنوانين‭ ‬أحدهما‭ ‬يُعنى‭ ‬بالنشاط‭ ‬الرياضي،‭ ‬والآخر‭ ‬بالعروض‭ ‬السينمائية‭ ‬وسريعًا‭ ‬ما‭ ‬توقفتا‭ ‬معًا‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثينيات‭.‬

عقب‭ ‬الاستقلال‭ ‬واكبت‭ ‬المرأة‭ ‬الليبية‭ ‬حركة‭ ‬النهضة‭ ‬العربية‭ ‬التحرَّرية‭ ‬هادفة‭ ‬النهوض‭ ‬بالمجتمع‭ ‬من‭ ‬كبوة‭ ‬تخلفه،‭ ‬قادته‭ ‬نساء‭ ‬رائدات‭ ‬على‭ ‬رأسهن‭ ‬السيدة‭ ‬خديجة‭ ‬الجهمي‭ ‬التي‭ ‬تعلمت‭ ‬ثم‭ ‬عملت‭ ‬معلمة‭ ‬لسنوات‭ ‬حتى‭ ‬انتقالها‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬الإذاعة،‭ ‬وقدمت‭ ‬عديد‭ ‬البرامج‭ ‬الداعية‭ ‬للإصلاح‭ ‬لذلك‭ ‬بدأت‭ ‬ببرنامج‭ ‬موجه‭ ‬للأسرة‭ ‬والعناية‭ ‬بالطفل،‭ ‬حتى‭ ‬منتصف‭ ‬العقد‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬لتبدأ‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬مجلة‭ )‬المرأة‭( ‬عام‭ ‬1965م،‭ ‬واستمرت‭ ‬في‭ ‬نجاحها‭ ‬حتى‭ ‬وجدت‭ ‬عديد‭ ‬المواهب‭ ‬ممن‭ ‬يجيدون‭ ‬فنون‭ ‬الرسم‭ ‬والاشغال‭ ‬الفنية‭ ‬وغيرها‭ ‬فأفسحت‭ ‬لهم‭ ‬صفحات‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬عصافير‭ ‬الجنة‮»‬‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تلك‭ ‬الصفحات‭ ‬تكفي‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬منها‭ ‬إلا‭ ‬تقديم‭ ‬طلب‭ ‬لإصدار‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الأمل»للأطفال‭ ‬التي‭ ‬لاقت‭ ‬الترحيب‭ ‬والقبول،‭ ‬بذلت‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬ماما‭ ‬خديجة‮»‬‭ ‬كل‭ ‬جهودها‭ ‬في‭ ‬تأليف‭ ‬القصص‭ ‬وتوثيق‭ ‬الحكايات‭ ‬الشعبية،‭ ‬يساندها‭ ‬الفنانان‭ ‬محمد‭ ‬الزواوي،‭ ‬ومحمد‭ ‬عبية،‭ ‬كما‭ ‬استعانت‭ ‬بفريق‭ ‬كادر‭ ‬الموظفين‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ )‬المرأة‭( ‬كما‭ ‬أسستْ‭ ‬نتاجًا‭ ‬أدبيًا‭ ‬للأطفال‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سلسلة‭ ‬قصص‭ ‬الأمل‭ ‬عام‭ ‬1976م،‭ ‬وألفت‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬قصتين‭ ‬هما‭ )‬أمينة‭( ‬و‭ )‬عزيزة‭( ‬مع‭ ‬ترجماتها‭ ‬لسلسلة‭ ‬ثقافية‭ ‬بعنوان‭ )‬كتاب‭ ‬الأمل‭( ‬وغيرها؛‭ ‬مما‭ ‬يعد‭ ‬أولى‭ ‬المطبوعات‭ ‬التي‭ ‬اهتمت‭ ‬بالطفل‭ ‬وثقافته‭.‬

كما‭ ‬دعمت‭ ‬عديد‭ ‬الشباب‭ ‬الموهوبين‭ ‬بالدورات‭ ‬التي‭ ‬أسهمتْ‭ ‬في‭ ‬نجاحهم‭ ‬حتى‭ ‬صاروا‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الفنانين‭ ‬التشكيليين‭ ‬مثل‭:‬

علي‭ ‬البكوش‭/‬محمد‭ ‬بالحاج‭/‬رمضان‭ ‬قليدان‭/‬عياد‭ ‬هاشم‭/‬محمود‭ ‬النطاح‭/‬فوزي‭ ‬الصويعي‭/‬مصطفى‭ ‬بادي‭/‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬النطاح‭…‬وآخرون‭ ‬

لقد‭ ‬تعاقب‭ ‬على‭ ‬رئاسة‭ ‬تحرير‭ ‬هذه‭ ‬المجلة‭ ‬المهمة‭ ‬عديد‭ ‬الكُتّاب‭ ‬والأدباء‭ ‬ورغم‭ ‬انضواءها‭ ‬تحت‭ ‬جناح‭ ‬المؤسسة‭ ‬الرسمية‭ ‬وتغير‭ ‬القوى‭ ‬البشرية‭ ‬فيها‭ ‬بعديد‭ ‬المواهب‭ ‬من‭ ‬المتخصصين‭ ‬وحملة‭ ‬الشهادات‭ ‬العليا‭ ‬إلا‭ ‬انها‭ ‬شهدت‭ ‬تعثرا‭ ‬طوال‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬ولازالت‭ ‬تشهد‭ ‬عديد‭ ‬الصعوبات‭ ‬لعل‭ ‬أهمها‭ ‬في‭ ‬تقديرنا‭ ‬عدم‭ ‬توافر‭ ‬أرشيف‭ ‬مكتمل‭ ‬يضم‭ ‬كل‭ ‬أعدادها‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬بين‭ ‬أيدي‭ ‬الباحثين‭ ‬لإجراء‭ ‬عديد‭ ‬الدراسات‭ ‬العلمية‭ ‬وللارتقاء‭ ‬بهذا‭ ‬المشروع‭ ‬وتطويره‭ ‬واستمراره‭ ‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى