
في مجتمع يُولي أهمية كبيرة لمؤسسة الزواج، لم يعد تأخر سن الزواج بين الشباب الليبي مجرد استثناء، بل تحوّل إلى ظاهرة اجتماعية متزايدة، تثير القلق والتساؤلات.
جيل الأمس كان يرى الزواج محطة ضرورية في العشرينيات، أما جيل اليوم فـ«يؤجل»، أو حتى «يتراجع»، لأسباب تتراوح بين الظروف الاقتصادية، وتغيّر الأولويات، وضغوط المجتمع.
وفي ظل الأزمات المتتالية التي تمر بها البلاد، وتراجع فرص العمل، وغلاء المعيشة، بات الحديث عن الزواج أشبه بـ«ترف» لا يقدر عليه إلا القلّة.
فهل أصبح الزواج حلمًا مؤجلًا؟
وهل يعبّر هذا التأخير عن وعي جديد ومسؤولية؟ أم أنه نتيجة لانسداد الأفق وضعف الدعم المجتمعي؟ حيث أصبحت عبارة «ما زال ما تزوجتش؟» تتكرّر في جلسات العائلات الليبية، والرّد غالباً يكون بابتسامة متعبة، أو تنهيدة طويلة.
أرقام وتأكيدات على أن متوسط سن الزواج في ليبيا ارتفع، خاصة بين الذكور، لأسباب متعددة تبدأ بالوضع الاقتصادي ولا تنتهي عند الثقافة الاجتماعية.
فهل نحن أمام تأخر طبيعي بسبب الظروف؟ أم تحوّل فكري في نظرة الجيل الجديد للزواج؟
في هذا الاستطلاع، نستعرض آراء عدد من الشباب والفتيات، بالإضافة إلى مختصين في المجال الاجتماعي
«مش وقتها… ما نقدرش»
اشرف -31 سنة- مهندس
«نخدم، ومعاشي ما يغطيش حتى إيجار غرفة. نخطب شن؟ على شنو؟ نبي حوش قبل كل شيء، مش نجيب بنت الناس ونتبهدلوا سوأ»
بشرى -28 سنة- خريجة صيدلة
«أنا ما عنديش مانع نتزوج، لكن وين الراجل اللي مستعد فعلاً؟ كلهم خايفين من المسؤولية أو يبّوا يهاجروا.»
حافظ -26 سنة-
«أنا مش ضد الزواج، لكن نبي نعيش حياتي شوي، نسافر، نكمل دراسة. مش لازم نعرّس بدري ونندم.»
«الظروف صعبة،بس لازم الواحد يتحمل»
رمضان عيسى -أب لـ3 شباب-
«أنا ضد تأخير الزواج. الشاب إذا استقر، يتعدل لكن طبعاً لازم نعاونوه، ما نحطوش عليه كل شي.»
أم يقين – ربة بيت –
«زمان كان الزواج ساهل، اليوم غلا وجشع. كل شي صار غالي، حتى الذهب والمهر. والله الشباب ما يلاموش.»
معاذ العزابي
«بيني وبينك، مش بس الفلوس، حتى نفسيًا مش مستعد الجو العام في البلاد مش مريح، وكل يوم فيه أزمة كيف نأسس عيلة وأنا مش مرتاح؟»
هناء
«أنا نبي نتزوج»، لكن مش نرضى بواحد ما عنداش طموح، أو يعتمد على أهله نفضل نصبر ونبني نفسي قبل ما نربط روحي بشخص ما فيش تفاهم معاه.»
محمد -34 سنة-
«المجتمع يلوم في الشاب، لكن ما يشوفوش غلاء المهور والذهب والعرس. نعرف واحد دار عرسه بـ80 ألف! كيف نلحق؟»
ريهام -30 سنة-
«كنا نتصور إن العمر المثالي للزواج هو 24 أو 25. توا نلاحظ إنه حتى البنات بدين يرفضوا الزواج بدري، يبو يعتمدوا على روحهم الأول»
عبدالله -32 سنة-
«لو الدولة تعاون الشباب بسكن أو منحة، حتى على شكل قرض، كان معظمنا عرّس. لكن وين؟ حتى الحلم معاش يجي في النوم.»
الحاج بشير
«نقول لولدي نعاونك في الزواج، بس هو يقول يا بوي صبرني، نخاف نجيب أطفال وما نقدرش نصرف عليهم.»
أم سند
«أنا نلوم في الأمهات قبل الشباب. بنتها تبّي عرس خمس نجوم وذهب من الإمارات! وين نبو نمشوا بيهم؟»
محمد الترهوني
«زمان كان الجيران يعاونوا بعضهم، اليوم كل واحد في روحه. كل شيء بالفلوس، حتى الواسطة باش تخطب بنت
وجهة نظر المختصين :
المستشار الاجتماعي علي عمر.
الخوض في مسألة الزواج وقدرة الشاب الليبي على إستكمال نصف دينه تمر بمعوقات لا حصر لها بداية من غياب المسكن في بلد لا خطط فيها لبناء المساكن وكل همها شراء الأسلحة والسيارات المصفحة التى تستنزف الكثير من المال في بلد يعتمد فقط على البترول
والجانب الآخر هو الوضع الاقتصادي المتردي و صول المواطن الليبي إلى خط الفقر ساهم هو الآخر في عزوف شبابنا في بناء أسر جديدة تساهم في بناء المجتمع .
وبخصوص العادات والتقاليد الكثير تخلى عنها ولم تعد مهمة في ظل إشكالية اكبر وهي غياب المسكن وحتي هذه اللحظة لا توجد خطط واضحة للبناء أو استكمال ما بني قبل 2011 ولذلك في ظل غياب الحلول الناجعة المشكلة تتفاقم وتزداد حدة وتأثيرها على المجتمع كبير جدااا
د. يسرى محمد اختصاصية علم اجتماع
«تأخر سن الزواج له جوانب إيجابية وسلبية. الجانب الإيجابي إن الشاب أو البنت يكونوا أكثر نضج. لكن الخطر هو العزلة، والعلاقات غير الرسمية، والاضطرابات النفسية الناتجة عن الضغط المجتمعي.»
الشيخ إمام وخطيب
«الدين يشجع على الزواج والتيسير فيه. لازم المجتمع يتعاون، ويخفف من المغالاة. العزوف الطويل عن الزواج له تبعات أخلاقية واجتماعية.»
تأخر الزواج في ليبيا ليس مجرد «ترند»، بل هو نتيجة طبيعية لأزمات اقتصادية واجتماعية. ومع ذلك، يظل من المهم تحقيق التوازن بين المسؤولية الفردية والتعاون المجتمعي.
إذا كان الزواج استقرارًا، فالمجتمع لازم يكون داعمًا لهذا الاستقرار، لا عبء إضافي عليه.
وفي نهاية استطلاعنا هناك مخرجات لا بد الانتباه لها وهي :
حملات توعية بأهمية التيسير في الزواج.
دعم مشاريع الزواج الجماعي أو السكن الشبابي.
فتح نقاشات مجتمعية حقيقية بدل من اللوم المتبادلصص