كما سبق وطرحنا في الأعداد السابقة ملفا يمس جوهر العملية التعليمية وتحديداً ملف الكتاب المدرسي وما يواجهه قطاع التعليم من تأخر في الطباعة والتوزيع وضعف في المحتوى فإننا اليوم نسلط الأضواء على جانب أخر لايقل خطورة يمس سلامة الطالب النفسية والجسدية «العنف المدرس» الذي صار يشكل ظاهرة تطفو على السطح بقوة بعد تزايد الحالات وكثرة الشكاوى.
فلم تعد مسألة تعنيف المعلم للطالب مجرد حادث فردي أو تصرف عابر من بعض المعليمن بل أصبح ظاهرة متكررة رصدت فيها حالات مؤسفة من تعنيف للطلاب وصل أحيانا إلى حدود الإيذاء الجسدي البالغ وأحيانا إلى عاهات دائمة.
ناهيك عن الأذى النفسي العميق الذي يتركه في نفوس التلاميذ مما يفقدهم الثقة بأنفسهم و بالمدرسة كمكان للتربية والتعليم فالطالب الذي يتعرض للعنف قد يتحول إلى شخصية عدوانية ومنغلقة .. والمعلم الذي يمارس العنف قد يكون تصرفه ناتج عن ضغوط نفسية واجتماعية من هنا وما بين الطالب والمعلم يطرح السؤال نفسه.
أين يكمن الخلل هل في منظومة تعليمية كان يفترض أن تكون قائمة على مبدأ نعلم قبل أن نعاقب أم في معلم أرهقته الظروف .. أم في طالب فقد الدافع والانضباط.. أم في بيئة مدرسية تفتقر لأسس الدعم والتوجيه.
وهل أصبحت المدرسة بيئة طاردة بدلا أن تكون البيئة الحاضنة لبناء السلوك والشخصية لذا في هذا الملف لانطرح هذا الموضوع لمجرد تناول إعلامي بل ودعوة المسؤولية مجتمعية تتظافر فيها جهود الأسرة والمدرسة والجهات المعنية.
فبناء جيل متوازن نفسيا وسلوكيا لايتم مالم تكن البيئة التعليمية آمنة يسودها الاحترام والتقدير لا العصا والتدمير فالعنف لايعلم وما نزرعه اليوم في مدارسنا سنحصده غدا في مجتمعنا.

