ليبيا تشهد لأول مرة مؤتمراً دولياً للصحة النفسية بمشاركة عشرين دولة
هناك من يعتقد أن مستشفى الرازي للأمراض النفسية بطرابلس عبارة عن صور يحجز بداخله عددا من الحالات التي تعاني من الأمراض النفسية، يعاملون معاملة سيئة ولا تتوفر لهم سبل الخروج من الحالة النفسية التي هم عليها، بل إن هناك من يقول إن الحالات الموجودة داخل المستشفى تتعرض للضرب وكأنها داخل سجن أبو غريب سيء السمعة أو لنقل هو من ضمن الأشياء التي شوهت سمعة أمريكا.
وهنا نحن لا ندعوكم للدخول لهذا المستشفى بل ندعوكم إلى إنصافه ، ومن شاهد ليس كمن سمع.
صحيفة ( فبراير) ومن واقع رسالتها الصحفية التي تهدف إلى خدمة المجتمع حرصت على زيارة هذا المستشفى لتنقل لكم الحقيقة بالكلمة والصورة بكل أمانة، حيث التقينا بالدكتور محمد المبروك غوار مدير المستشفى الذي استقبلنا بترحاب كبير، وكان قد اقترح أن يجرى اللقاء معه عند الساعة الثامنة صباحا حفاظا على الوقت وعلى التزاماته ، وحرصنا على التواجد بمكتبه قبل الموعد بعشرين دقيقة وانتظرناه نحو خمسة وثلاثين دقيقة ، وبعد أن خصنا بتحية الصباح قال بالتاكيد تأخرت بعض الشيء لأنني لابد أن أمر على بعض الأقسام قبل أن أدخل مكتبي ، فأنا أجمع بين العمل الميداني والمكتبي .
التقاه : امحمد ابراهيم
تصوير: عمر النجار
– قلنا للسيد غوار حدثنا عن مستشفى الرازي الذي أصبح وجهة للكثيرين.
فقال: قبل أن أجيب عن أول أسئلتك دعني أخصكم بهذا الخبر وهو استضافة ليبيا لأول مؤتمر للصحة النفسية الذي أقيم تحت شعار : نحو رؤية إستراتيجية للصحة النفسية، بمشاركة عشرين دولة وهم :
(الأردن، مصر،السعودية،الجزائر، الإمارات،الصومال،لبنان،السودان،العراق سوريا،عمان،المغرب،اليمن، تونس،كندا، أمريكا،السويد، نيجيريا، وكانت منظمة الصحة العالمية موجودة من خلال كلمة في حفل الافتتاح عبر تقنية الزوم، كما شاركت أربع عشرة جامعة من الجزائر في هذا المؤتمر اضافة إلى رئيس الجامعة الهاشمية الأردنية
واكتسب هذا المؤتمر أهمية كبيرة باعتباره يختص بالصحة النفسية، وانعقاده في ليبيا دليل على اهتمامنا بمن يعانون من المرض، والحمد لله كللت الجهود بنجاح بعد نحو خمسة أشهر من الإعداد والتواصل مع المشاركين.
–وقال الدكتور غوار:
مستشفى الرازي للأمراض النفسية من أقدم المستشفيات في ليبيا، وكان قد افتتح للمرة الأولى بمنطقة فشلوم إبان فترة الملكية وكان اسمه فشلوم ثم نقل في الستينات إلى مقره الحالي بقرقارش، وكان يتبع الضمان الاجتماعي والآن يتبع وزارة الصحة.
– ما هي أسباب الأمراض النفسية ؟
قال السيد مدير مستشفى الرازي:90%من الأمراض النفسية ناتجة عن الحروب والصراعات والتفكك الأسري،كما أن المخدرات تعد من أسباب هذا المرض أيضا، ونظرا للظروف التي تشهدها بلادنا منذ أكثر من عشر سنوات فان هناك كثير من المواطنين تأثروا بواقع الحال الذي يتمثل في الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي ونقص السيولة مما سبب في مشاكل عدة وتفكك داخل الأسرة نظرا لعدم توفر الاحتياجات،كما أن الحروب التي تنشب بيننا تباعا لها تأثير سلبي على حيات الناس وزادت من حالات الأمراض النفسية،إضافة إلى الصراع داخل المؤسسات فهو له دور أيضا في الأمراض النفسية.
وقال : نسبة المرض بين الذكور أكثر منها بين الإناث بمعدل 70% للذكور، والمريض النفسي يجب أن يعامل معاملة خاصة داخل الأسرة حتى تساعده على الشفاء، وللأسف هناك عدد من الأسر يتنمرون على المريض النفسي ويساهمون في تدهور حالته النفسية، وهنا أقول: أن المريض النفسي ليس فاقدا للأهلية أي انه ليس مجنونا، وحالات المرض النفسي قابلة للعلاج ، وهناك حالات عدة من الله عليها بالشفاء ، والمريض النفسي يجب أن يعامل مثل مريض السكر والضغط ، وتستقر حالته من خلال تناول الدواء الذي يحدده له الطبيب.
– بما أنك تحدثت عن الدواء ،هناك شكاوي كثيرة حول عدم توفر الأدوية النفسية وان توفرت فهي من نوعية سيئة ؟
موضوع الدواء شائك والخوض فيه لا يفيد ، وهو يتطلب خطة وإستراتيجية لتوفيره،ونحن كمستشفى نحرص كل الحرص على توفير الدواء للمريض النفسي لان العلاج لابد أن يتم بالدواء،وعلى سبيل المثال لا الحصر ما توفر لنا من طلبية الدواء منذ شهر يوليو الماضي أربعة أصناف فقط من بين الستة وثلاثون صنفا التي حددت في الطلبية،وللمعلومية فإننا نتعامل مع جهاز الإمداد الطبي في توفير الأدوية بالقرص،وأعود وأقول أن التعامل مع أدوية المريض النفسي يجب أن تتم من خلال المصدر وهي الشركات المصنعة باعتبارها من الأدوية التخصصية مثل أدوية الأورام والكلى.
تقريب الخدمة للنزلاء
وقال الدكتور غوار :نحرص على تقديم أكثر خدمات ممكنة للمرضى النفسيين ، فالمستشفى يعمل طوال الأربعة وعشرون ساعة، والحمد لله قطعنا شوطا كبيرا جدا في تقريب الخدمة للمرضى النفسيين من خلال افتتاح عدة عيادات داخل المستشفى وهي :
-عيادة صحة المرأة
-عيادة الكشف المبكر عن أمراض الثدي
-عيادة الأنف والأذن والحنجرة
-عيادة العيون
-عيادة الجلدية
-عيادة الأسنان
– تجهيز وتطوير قسم العلاج الطبيعي
– تطوير وتجهيز المغاسل
– صيانة وتجهيز القسم الجديد بن سينا الجنائي
– قسم اختبار الذكاء
– قسم تأهيل النساء
ونحن بصدد افتتاح قسم الاشعة.
وفي بعض الأقسام يتم استقبال حالات من سكان المنطقة .
كما تم تجهيز منظومة الأرشيف التي تتوفر فيها معلومات دقيقة للمتوفين حول كثير من الحالات تتعلق بالقضايا وـحكام لها علاقة بحفظ الحقوق، والمعلومات التي نحافظ عليها بكل أمانة تحمل أهمية وطنية.
عدد نزلاء المستشفى يرتفع خلال شهر رمضان والأعياد والعطلة المدرسية.
وعن قدرة استيعاب المستشفى قال الدكتور غوار :
يتردد عن المستشفى آلاف الحالات من كافة أنحاء ليبيا، والحمد لله كثير من الحالات تشفى من خلال تعاون الأسر والالتزام بتناول الدواء، ويتوفر لدينا 36 (ستة وثلاثون)طبيا ليبيا بين الإناث والذكور وجميعهم يتعاملون مع المرضى بأسلوب يساهم في تقبلهم للدواء ويذهب بهم إلى طريق الشفاء.
أما القوة الاستيعابية للمستشفى فهي تصل إلى 180 (مائة وثمانون ) لكن والكلام لمدير مستشفى الرازي إن حالات الإيواء تزيد خلال عيدي الفطر والأضحى وخلال شهر رمضان وخلال العطلة المدرسية، وهو ما يعني أن الأسر للأسف الشديد تريد التخلص من مسؤولياتها وتحمل المستشفى وحده مسؤولية المرضى حتى تنعم هي بأفراح الأعياد وبالسياحة في الخارج لأنها تنظر للمريض النفسي نظرة دونية .
– وقال مدير مستشفى الرازي للأمراض النفسية :
– يقع المستشفى على مساحة تصل إلى 11هكتارا،ويضم سبعة أقسام أربعة للذكور وثلاثة للنساء.
– نستقبل حالت من الجنوب واجدابيا وبنغازي وطبرق،وهو المستشفى الوحيد في المنطقة الغربية.
– قطعنا خطوات مهمة في استحداث قسم لمعالجة الإدمان.
– فاقدي الأهلية تماما يتبعون الشؤون الاجتماعية،والمريض النفسي ليس فاقدا للأهلية أي انه ليس مجنونا،بل هو يعاني حالة نفسية يتعافى منها من خلال إتباع برنامج علاجي يحدده الطبيب.
-العاملون بالمستشفى بكل الأقسام وكل التخصصات يستحقون أن تعدل
راتبهم بما نسبته 50%.
– بعض العائلات تمتنع عن استلام أبناءها، وتنظر الى المريض النفسي على انه عار .
– حرصنا على نسج علاقات تعاون مع مستشفيات مناظرة خارج ليبيا مثل مصر و مستشفى الرازي بتونس وعدد من الشركات والمستشفيات التي تهتم بالمريض النفسي في أوروبا.
– تم تجهيز مصنع للحياكة بالمستشفى لآجل تصنيع ملابس المرضى داخل المستشفى حتى يتم توفير الملابس حسب احتياجات وقياسات المرضى الذين يتواجدون بأقسام الإيواء.
– حتى نمكن العناصر الطبية من التعامل الجيد مع المرضى افتتحنا روضة خاص لأطفالهم نوليها عناية كبيرة .
– انتشار العيادات الخاصة بالطب النفسي أراه مفيد جدا،وهناك حالات كثيرة شفيت من خلال العيادات الخاصة ،لكن ما يلاحظ وما يشتكي منه الناس هو ارتفاع تكلفة الإيواء، وكثير من الأسر لا تستطيع التعامل مع هذه العيادات نظرا لارتفاع التكلفة .
– يوجد بداخل المستشفى قلعة تاريخية بناها الأتراك سنة 1858 وهي معتمدة ومسجلة لدى اليونسكو.
– حرصنا على توفير خزان مياه ارضي ضخم بالمستشفى سعته1772 متر مربع من المياه.
– نؤمن توفر التيار الكهربائي طيلة الأربعة وعشرون ساعة إما من خلال الشركة العامة للكهرباء أو من خلال المولدات التي حرصنا على توفيرها والاهتمام بها وصيانتها حتى نطيل من عمرها .
– تتاح للنزلاء فرصة ممارسة الرياضة كل مساء من خلال مدربين متخصصين ، وتعتبر الرياضة من الأساليب التي نعتمدها كعنصر أساسي لإعادة تأهيل المرضى النفسيين.
جولة ميدانية
حرص السيد مدير المستشفى على أن نقوم زيارة ميدانية إلى جل أقسام المستشفى راجلين لأكثر من ساعتين شاهدنا خلالهما سير العمل بالأقسام دون أي ترتيب مسبق، والحقيقة إننا وجدنا ما يتلج الصدر من حيث النظافة والنظام المتبع داخل الأقسام ،وأهم ما لاحظناه أن مخازن مواد التنظيف والملابس والفنية ممتلئة، فيما مخازن الأدوية خاوية على عروشها.
في ضيافة قسم الغزالة
واستقبلنا بقسم الغزالة من قبل السيدة سعاد رمضان بعيو ، حيث قالت:سمي هذا القسم بالغزالة لان أو مريضة يتم إيوائها به كان اسمها غزالة،وكما تلاحظون فإننا نعمل على اتحاحة الفرصة أمام النزيلات لممارسة هواياتهم ، كما إننا نقوم نعمل على تنمية مهاراتهم، وكما تشاهدون فان كل الموجود بالقسم صنع بأناملهم.
وتستغرب السيدة بعيو من رفض عدد من الأسر استلام حالاتهم ، حيث يوجد بالقسم تسعة حالات رفضت أسرهم استلامهم.
وتطور القسم بهذا الشكل هو من ضمن النقلة التي شهدها المستشفى منذ تولي إدارته الدكتور محمد غوار.
من داخل الروضة
لان تعاملها مع الأطفال يتم من خلال الابتسامة في وجه الأطفال فان السيدة سعاد سالم المدني ابتسمت في وجوهنا أيضا وأوضحت لنا كيفية ممارسة عملها ودورها مع الأطفال كل حسب سنه وميوله ن وتقول أنها مسرورة جدا وهي تتعامل مع هذه الفئة السنية التي تمثل البراءة، وأصرت على توجيه التحية للسيد مدير المستشفى لأنه هو الذي كان وراء استحداث هذه الروضة المخصصة لأطفال العاملين بالمستشفى .
الدكتورة نسرين أبوسريويل أول ليبية تتحصل على الزمالة العربية في مجال الطب النفسي
المرض النفسي اختلال كيميائي
والتقينا بالدكتورة نسرين ابوسريويل وهي أو ليبية تتحصل على الزمالة العربية خلال سنة 2015-2016 بالأردن،حيث أكدت أن المرض النفسي ليس عيبا أو نقيصة،بل هو اختلال كيميائي نتج عن موقف أو صدمة تؤثر في إفراز الجينات،والمريض النفسي يتعافى تدريجا وحسب الحالة من خلال التردد على الطبيب والالتزام بتناول الدواء، كما أن حسن معاملة الأسرة والمجتمع له يساهمان في التسريع بشفائه، وباعتباري من العناصر الطبية بهذا المستشفى من خلال المحاضرات التي القيها أجد أن ما يتوفر للمستشفى من أجواء واهتمام تصب جميعها لصالح المرضى ،وبالتأكيد الحرص على التطوير من شأنه أن يساهم في تحسين الخدمات:ما أن الأسرة لها دور أساسي في شفاء الحالات من خلال حسن المعاملة للمريض التنفسي والحرص على إدماجه والاهتمام به وعدم تهميشه.
وقالت الدكتورة نسرين أنا لست ضد انتشار عيادات الحجامة حتى لا يتم إيذاء المترددين على هذه المراكز بشرط أن تتم من خلال مختصين،كما أن الاتجاه إلى التداوي الروحي مفيدا متى لا يتعارض مع الدواء الذي يحدده الطبيب.