رغم التقدم الكبير الذي تحرزه الحركات النسائية في ليبيا والعالم أجمع ، فلا يخفى على الجميع وضع النساء الليبيات التي مازالت تطالب بأبسط الحقوقية الإجتماعية والسياسية ، فزواج القاصرات والإجحاف العرفي وضعف الإنصاف القانوني واستبداد ثقافة العنف ضد النساء على أساس نوعها ، يجعل مسيرة هذه الحركات النسائية وعرة وتحقيق أهدافها يحتاج إلى نفس طويلضمن رحلة من رحلات النساء المناضلات الليبيات إلتقينا بالناشطة الحقوقية أ. زاهية المنفي – رئيس منظمة واي مي لحقوق المرأة ورئيس مكتب المرأة باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان . لنحاورها ونعرف مواقفها من قضايا حقوق المرأة في ليبيا
حاورها : محمد الطاهر التراسي
إلى أين وصلت النساء الليبيات في المطالبة بحقوقهن ؟
بالمقارنة مع النساء العربيات هل الليبيات في وضع أحسن أم أسوأ ؟
رغم الإيجابيات التي حققتها المرأة الليبية على مدار عشرة سنوات إلا أن المرأة الليبية لازلت تفتقد الى الثقافة القانونية والأنظمة والتشريعات، فمهما طفح بهم الكيل وزادت معاناتهم وزاد بهم العنف الالكتروني والنفسي والجنسي مازالت تمتنع من اللجوء الى القانون. وذلك بسبب الاعتبارات الاجتماعية التي تتخوف منها .
لهذا مهما حققت القيادات النسائية والمجتمع النسوي الحقوقي من إنجازات ومطالب مثل المطالبة بحق الكوتا سواء في المجال السياسي او اللجوء الى إقرار قانون خاص بالعنف الذي تم تسليمه الى مجلس النواب او المطالبة بدعم المرأة بإنشاء مكاتب دعم المرأة او استحداث مكاتب ممثلات عن وحدات المرأة بالبلديات أو إقرار مبدأ إقرار المرأة الكوتا بالنظام الانتخابي في لجنة هيئة صياغة الدستور أو وصول 32 سيدة في مجلس النواب، كل هذه من الحقوق التي وصلت إليها المرأة خلال عشرة السنوات الأخيرة. ولكن عند طرح هذه الحقوق من خلال القوانين والتشريعات ومدى فعاليتها على أرض الواقع فانا أرى انه مازالت المرأة تقف موقف المتفرج، عكس نضال النساء العربيات اللاتي من أجل عنف يقع على امرأة واحدة يخرجون في المظاهرات جماعات وأحزاب لنصرة النساء جميعا . ويحضرني في ذلك في تونس الشقيقة عندما تعرضت النساء الريفيات الى حادث سير أدى إلى وفاتهن ، اذكر ان جميع النساء في تونس وقفت وقفة واحدة من اجل المطالبة بحقوق النساء الريفيات وتبنو القضية كأنها قضية كل واحدة فيهن ..أما المطالبة بالحقوق في ليبيا فمازالت المطالبة عشوائية لدى نساء ليبيا مقتصرة فقط على المناضلات من المجتمع المدني ..ولا يفوتني بكل أسف أن أقول إن كتلة النساء في مجلس النواب لم تقدم للمرأة أي شيء طيلة 9 سنوات بل هي المعرقل الأساسي لحقوق المرأة ، لأنها لم تدعم مؤسسات المجتمع المدني ولم تعمل على إقرار قوانين تحمي حقوق المرأة .
هناك من يعلق بأن الحركات النسائية موضة وهدفها الترند وان اغلب قادتها يتاجرون بالنساء لأجل قضايا اخرى مشبوهة . كيف تعليقين على مثل هذه الادعاءات؟
الحقيقة هناك الكثير من النساء لا يمثلن الحركات النسوية ولا القيادات النسائية في ليبيا وفي تقديري هن قلة لا أكثر .
وبالتالي هذه نماذج من النساء تؤثر على النساء المناضلات الصادقات وتؤثر حتى على وجودهن ومشاركاتهن في مؤتمرات عقد السلم والمصالحة . هذه النماذج المسيئة من النساء عززت من استيطان الصورة النمطية عن النساء من النساء أنفسهن . فكيف يمكن إقناع المرأة الليبية من اتخاذ مواقف ايجابية مع قضايا في ظل وجود نماذج تسعى للشهرة وتستغل قضايا النساء لتتاجر بها .
ويؤسفني حين تكون هذه النماذج بالتحديد تمثل ليبيا في المحافل الدولية والمحلية . لذا يجب أن يتم اختيار النساء على أساس صدق النضال والمعرفة بالتفاصيل وضع النساء في ليبيا ، لا أن يكون التنصيب والتمثيل على أساس المعارف والعلاقات .
لماذا جرائم قتل النساء ؟
الحقيقة الحديث عن القتل يعود الى مسألتين القتل غير متعمد والقتل المتعمد ، ولكن حين التركيز على جرائم قتل النساء خاصة نجدها تستند على البعد الجنساني ، اي تقتل النساء باعتبار أنهم نساء .
وهذا لا يشير الى أسباب القاتل فحسب ، فحين يكون القتل على أساس الجنس فإن ذلك يشير إلى أسباب أكثر عمق ، واغلبها إجتماعية وعرفية. إذن في جرائم القتل يجب دراسة الأسباب الفردية لهذه الحالة والأسباب الاجتماعية لها . والتي غالبا ما تكون لتأكيد السيطرة إن كانت من الزوج أو بسبب الشرف او الارث .
تحتج النساء على عديد المواد القانونية باعتبار أنها تمارس العنف ضد المراة ، الى اي مدى القانون الليبي مجحف وغير منصف ؟
في اعتقادي أن القانون الليبي أنصف المرأة جملة ولكن تفصيلا هناك العديد من المواد التي تحتاج الى تعديل ، مثل المادة 375 المعنية بجرائم الشرف التي اتخذوها ذريعة بين مرتكبي جرائم الاسرية ، والتي يجب التوعية حولها فان ليس كل جريمة هي جريمة شرف . أيضا المادة 424 تحتاج الى تعديل او الغاء فهذه المادة التي تسقط الجريمة على مرتكب جريمة الاغتصاب في حال عرض الزواج على المجني عليها . فهي مادة ظالمة وتعسفية ،
وهذه المواد غير المنصف لحقوق المرأة تحتاج منا نحن منظمات المجتمع المدني الى وقفة جادة ، فبسبب هذه المواد وغيرها بات المرأة عرضة للانتهاك بذرائع واهية .
كيف أثر العرف على القانون ؟
الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للقانون ، ويأتي في المرتبة الثانية في التشريع الدستور يليه القانون الوضعي يليه العرف .
أي ان العرف هو مصدر من مصادر القانون . والعرف هو ما ألفه الناس وصارو عليه في تصرفاتهم دون ام يصادم نصا.
ولا يزال العرف الى هذه اللحظة من أهم المصادر القانونية والتشريعية ، والدليل على ذلك ، اغلب المشاكل تحل عن طريق العرف ، مثل مشاكل الإرث والزواج والطلاق والنزاعات الإجتماعية الأخرى ، لذا فأننا نحن كمجتمع ليبي مرجعيتها عرفية.
العرف مجحف والقانون غير منصف ، لماذا اذن لا نلجأ الى تطبيق الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق المرأة . لماذا نكتفي فقط بالتوقيع والمصادقة ؟
لان الدولة الليبية ليس لديها نية في أن تقوم بموائمة التشريعات مع الاتفاقيات الدولية لدينا فجوة بين الدوليات وبين تفعليها على الارض الواقع ، وأن تدخل إطار التنفيذ . ولازالت دولة تنظر الى قضايا المراة بانها قضايا ثانوية وليست قضايا ذات أولوية .
اتفاقية سيداو رغم تحفظ ليبيا على المواد التي تتضارب مع الشريعة الإسلامية إلا أنها مازلت تستخدم كحجة للتحريض على وقف الحركات النسائية واتهامها بانحلال .. ما رأيك ؟
للأسف لاتزال العديد من المناضلات اللاتي يعملن من أجل القضاء على كافة أنواع التمييز ضد المراة غالبا ما يوجهون الانتقادات ويتهمن بتقويض العادات والتقاليد ونشر الانحلال وتشويه الثقافة والدين .
اتفاقية سيداو قد وقعت عليها ليبيا وصادقت عليها أيضا في سنة 1989 وقد تحفظت على بندين اللذان يتعارضان مع النصوص الإسلامية ، لذا فإن استخدام مثل هذه الذرائع والحجج الواهية هدفها تضليل الرأي العام ومحاولة وقف نضال المرأة من اجل الوصول الى حقوقها بالتساوي مع الرجل .
حسب قرار الأمم المتحد 1325 الخاص بإشراك النساء في عمليات السلام ، هل باتت المرأة شريك فعلي في عمليات السلام في ليبيا، أم وجودها مسألة ترضية لا أكثر ؟
لا أحد يمكنه أن ينكر دور المرأة في إحلال السلام ووقف النزاعات ومفاوضات الحوار رغم ان تمثيلها اقتصر فقط على واحد او اثنين وانا اعتبره بمثابة ترضية .ومع هذا فان جهودها مازالت محلية لم ترتقي الى ان تكون عربية او دولية . فلم نصل الى الكوتا المطلوبة لان تكون المراة ممثلة في عمليات فض النزاعات واحلال السلام. والدليل على كلامي هذا، أن لجنة حوار 5+5 لم تتضمن سيدة واحدة على الأقل .
« تمكين المرأة « شعار بات يروج له على أساس أنه المنقذ للنساء وانه الحل السحري لتنتزع النساء حقوقهن ، أنت تنتقدين مفهوم تمكين المرأة . أوضحي لي ذلك.
مفهوم التمكين الحقيقي تعني مساعدة المرأة في تحقيق ذاتها وتحقيق تشاركية واندماج في الانشطة والانخراط في مختلف البرامج الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وبما يسهم في تنمية مستدامة والاستفادة من المشاريع الانتاجية العائدة بالفائدة على المجتمعات المحلية والاسرة . والتي من شأنها أن تحقق الكثير من الفوائد على المواطنين وخاصة في مجال التنمية المحلية والاستثمار الأمثل للعنصر البشري .ولكن للأسف ما وجدناه على أرض الواقع المحلي يناقض تماما هذا المفهوم ، فما وجدناه من عمل مكاتب وحدات دعم وتشجيع المراة لا يرتقي الى ان يكون جزء من تمكين المرأة ، وظلت جهودهم ما هي الا مبادرات خجولة جدا. لأنها لم تكن متكاثف ابدا، فلو تكاثفت كل هذه الوحدات والمكاتب والمؤسسات فأنها حتما سنجد انعكاس حقيقي للتمكين في ليبيا وسوف ننجح في تحقيق اهداف التنمية المستدامة الــ 17.
تعيين خمس نساء في الحكومة الليبية الجديدة. هل مثلت النساء خير تمثيل، وهل دعمت هؤلائي الوزيرات حقوق المرأة في ليبيا؟
لقد كانت البداية جيدة وخطوة مهمة ان يتم تعيين 5 نساء في مناصب سيادية مثل العدل والخارجية ، ولكن للأسف نحن منظمات النسوية نضال من وقت حوار الصخيرات مع الامم المتحدة ان يكون نسبة التمثيل النسائي 30% خاصة في المشاركة النسائية وفي المجتمع لا، ولكن خيارات السلطة التنفيذية المتمثلة في السيد عبد الحميد دبيبة قد التزم كتابيا بأن يكون التمثيل لا يقل عن 30% لنتفاجأ بالنسبة لم تتعدى 15% ، ومع هذا سنظل متفائلين وسوف يستمر نضالنا حتى نصل إلى مبتغانا .
لقد ساهم صندوق دعم الزواج في تزوج ما يقرب عم 1000 طفلة دون 18 سنة ؟ كيف تعليقين على مسألة تزويج الأطفال ؟ واستغلال ثغرة « إذن القاضي « خاصة؟
في عام. 2018. صرحت الأحوال المدنية بعدد 4091» حالة طلاق سُجلت خلال العام الماضي، وفقاً لإحصاءات مصلحة الأحوال المدنية أي ما يعادل 11 حالة طلاق في اليوم! في عام 2021 وبسبب هذه المنحة التي توضع لها ضوابط ومعايير تمً. تسجيل 940 حالة زواج قاصر تراوحت مواليدهم من 2004 الى 2008، أغلب العقود والوثائق التي اطلعنا عليها من مصادرنا الخاصة سجلت فجوة في فارق العمر وصلت من 19 عاماً إلى 38 عاماً! منذ إصدار قرار منح الزواج، سجلت زيجات عديدة لأغراض مادية فقط للحصول على المبلغ المقرر، 20000 الف البعض منهم لم يستمر في الزواج، كما أنه وجدت حالات أخرى قامت بإنهاء الزواج بمحضر اتفاق مسبق دون أن يتم الدخول أو الزواج الزواج كان عبارة عن عقد اتفاق وليس بنية الزواج الرسمي. أيضا انتشار العديد من جرائم القتل بسبب المنحة، ناهيك عن عقود زواج لأشخاص ليسوا على قيد الحياة.
المنظمات النسائية أعداد كبيرة والنتاج على صفر .. لماذا فشلت منظمات المجتمع المدني المعني بحقوق المرأة في دعم حقوق النساء في ليبيا ؟
انا اعترض على ذلك. بلعكس هناك نضال من المنظمات النسوية خاصة أنهم لعبوا دورا مهما في الاحتجاجات والمظاهرات ما بعد الربيع العربي وحتى يومنا هذا، ناضلت المنظمات المعنية بحقوق المراة نضال مستمر. نحو التقدمية الاجتماعية والسياسية والفردية لازالت مطالبنا واحدة.
لقد انطلقت الجمعيات النسائية في 1970 وشكلت كيانات اجتماعية وحقوقية خاصة بها حيث ساهمت في تحقيق قانون المساواة في العمل مع الرجل سنة 1970 بدقة ساعات العمل والمؤهلات.إذا النضال قديم من اجل الحقوق ولازال مستمر والفضل يرجع لهذه المنظمات في غياب كامل لدور البرلمانيات.
بوصفك رئيس لجنة المرأة باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان. هل لديكم احصائيات حول عمليات العنف ضد النساء ؟ وماهو دور هذه اللجنة .
نعم لدينا قسم معني بتلقي الشكاوى ويتم احالتها الى النائب العام
تم توثيق 30 حالة عنف ما بين الاقتصادي واللفظي والأسري حيث يتلقى القسم الشكاوى التي تم تحويلها إليه من قبل منظمة واي مي لحقوق المرأة المتخصصة في مجال مناصرة قضايا المرأة وتعزيز وصول النساء للعدالة.
فلقد سجلت ورصدت منظمة واي مي لحقوق المرأة 25 حالة عنف من عام 2019 لغاية هذه اللحظة عبر بريدها الخاص، واحالتها الى مؤسسة حقوق الإنسان
أخيراً .. سنقوم الفترة القادمة بإعداد تدريب حقوقي على كيفية التعامل مع الحالة استجابة إنسانية للتعامل مع حالات العنف بشكل عام ومع وضع كوفيد 19 بشكل خاص وتداعياته على النساء الليبيات.