ونحن نضع صحتنا، وأرواحنا بين أيدي الأطباء، تخيل أنكَ تدخل مشفى للعلاج ثم تخرج منه بعاهة مستدامة، ماذا يحدث عندما يرتكب الطبيبُ خطأ؟ تشير الإحصائيات إلى أن الأخطاء الطبية تعد من الأسباب الرئيسة للوفاة في العالم .. ولكن ما الذي يجعل هذه الأخطاء تحدث؟، وكيف يمكن تجنبها؟ وما الحقوق للمتضرَّرين من الأخطاء؟، وكيف يعالجها القانون؟ حول القانون والأخطاء الطبية، ومتى يلزم التجريم؟ ومتى يسقط؟، وما يترتب عليه التقينا .. المستشار القانوني محمد عبد الرحمن بحيري
كيف يمكن تحديد الخطأ الطبي بشكل قانوني؟
في البداية لا بد من التفريق بين الخطأ الطبي، والاهمال، وهذا مهم للمتابعة القانونية؛ فمثلاً ما يحدث من تركٍ لمعدات طبية، أو قطن، أو قطع داخل جسم المريض في العمليات كـ)الولادة(؛ وغيرها يعد اهمالاً، وتُحمل مسؤوليته تقع على التمريض لا الطبيب وهذا خطأ مشترك لأن الطبيب قبل إقفال الجُرح عليه التأكد من عدة التمريض؛ والسؤال عنها حتى يعلم أنها بالعدد نفسه، ولا يحدث نسيانٌ لأي جزء منها داخل جسم المريض لأن في حالة الجراحة الدم يغطي كل شيء، ولا يمكن التأكد من المعدات إلا من خلال التمريض، وما جهز قبل دخول العملية؛ فإذا لم تتم المتابعة، والتأكد يكون اهمالٌ تسبب في خطأ طبي مشتركًا بين التمريض والطبيب، والخطأ الطبي العائد للطبيب يحدث حينما يجري عملية، ويقطع جزءًا أو عرقًا أو في حال يُصرف دواء خطأ لا يتماشى مع الحالة كل هذه أخطاء.
مَنْ يُحدَّد مسؤولية ما حدث إذا ما كان خطأ أو إجراءً طبيعيًا، أو مضاعفات ؟
الذي يُحدَّد هذا الإجراء هو «مجلس التخصصات الطبية» التابع لوزارة الصحة الذي يضم كبار الأطباء، والمختصين والمستشارين.
المجلسُ يعد أنَّ للأطباء أكثر من مدرسة طبية، وكل مدرسة طبية لها ضوابطها، وتسهيلاتها، وما الجائز، وما الممنوع حدوثه؛ فمثلاً هناك حالات تشخص بأكثر من شكل أحدهم يقول بالبتر، والآخر بالتنظيف، بينما تشخيص آخر قال بالحاجة لأدوية مضادة هنا يعود الأمر للمدارس الطبية التي تلقى منها الطبيب تعليمه، وهنا لا يحتسب هذا ضمن الأخطاء الطبية لأنه يعود للمدارس هنا يكمن دور القوانين التي لم تحدَّد ما الإجراءات، والعقوبات، والضوابط لمثل هذه الحالات لأن القوانين قديمة، وغير محدثة لهذا لم تعالج ما حدث من أخطاء؛ فالمجال الطبي بشكل مواكب
هل هناك مواد تم تعديلها ولو بشكل جزئي قانونيًا فيما يخص الأخطاء الطبية؟
القانونُ الطبي عُدِّلَ في جزئية بسيطة جدًا، ونص التعديلُ أنه يمنع حبس الطبيب على الأخطاء الطبية أي لا يتوقف توقيف احتياطي إلى حين استكمال التحقيق، ويتم التحقيق معه مِنْ قبل النيابة الكلية، وهذه هي جل التصحيحات، أو التعديلات؛ فالقانون الليبي وهناك مبدأ صدر من الدوائر المجتمعة من المحكمة العليا نص على أنه من حق القاضي يثبت بالطريقة التي يراها هو مناسبة دون الرجوع لمجلس التخصصات الطبية؛ فإذا ما اقتنعتْ المحكمة بالتقارير الموجودة يحق لها الحكم بالخطأ الطبي، وهذا يعني أن الأمرَ راجعٌ لتقدير المحكمة.
متى لا يمكن للمحكمة تحديد الخطأ الطبي، والحكم عليه؟
هناك حالاتٌ لا يمكن للمحكمة تحديد الخطأ فيها؛ فمثلاً هناك حالة دخلتْ للمصحة وبعد الكشوفاتِ الأولية جاء التشخيصُ، إما أن تكون الحالة مصابة بـ)التهاب سحايا(، أو أعراض انسحاب من تعاطي مخدرات ولكي يتم اكتشاف صحة التشخيص لا بد من وجود تحاليل كاملة حتى يتم التعامل مع الالتهاب ومراعاة المدة الزمنية وفق التشخيصين، وما هي الأدوية التي ستصرف في الحالتين؟، هنا هذه الحالة بعد خروجها من المصحة والذهاب للعلاج في إحدى الدول الشقيقة والعودة اتهمتْ المصحة بأنها هي التي لم تشخيص الحالة بالشكل الصحيح، وهي السبب في خطورة وضعها هنا يحق للقاضي أن يقتنع بالتقارير المعروضة أو يحيل الأمرُ لمجلس التخصصات الطبية وهنا الدفاع قال بإن هذا الأمر دقيق جدًا وليس من السهل أن تكشفه المحكمة أو يتضح لها ولا يمكن اثباته من أي شخص هنا المكمة اقتنعتْ بالإحالة للخبرة، وهنا المجلس هو المختص بقول كلمته وتقديم التقرير النهائي.
ما المدة الزمنية التي يستغرقها الحصول على التقارير من الجهات المعنية؟
عيب مجلس التخصصات الطبية طول المدة في إصدار التقارير التي تصل من سنة حتى ثلاث سنوات لإصدار تقرير عن حالة، وهذا ما اضطرّ المحاكم للإحالة للطبيب الشرعي حتى يسرع في إصدار التقارير والحكم من المحكمة ولكن ليس بدقة المجلس.
هل ثمتْ أخطاء طبية تأتي لحالات تم علاجها في دول شقيقة؟
نعم هناك كثيرٌ من الحالات التي يتم اكتشاف حدوث أخطاء طبية في حقها ولكن لا نملك الاثباتات.
في حال لم تتضح الرؤيا فالحكم يحسم لصالح مَنْ الطبيب، أم المريض؟
تحمل، فالغالب على التأمين الطبي هو من سيدفع عن الخطأ الطبي التعويض المستحق للمريض إما اذا لم يثبت شيء على الطبيب فترفض الدعوى.
متى يصبح الخطأ الطبي عمدًا ؟
إجراء أي عملية دون موافقة المريض، أو تحذير المريض بذكر عوارض مصاحبة لأدوية أو مواد مخدرة دون النظر إليها يعد خطأ طبيًا متعمدًا
ما هو الإجراء القانوني الأولي أو الخطوة الأساسية التي يجب أنَّ يتبعها المريض المتعرض للخطأ؟
لا بد أن يعلم أن مدة التقادم للأخطاء الطبية ثلاث سنوات، وأن هناك نيابة النظام العام مختصة بالأخطاء الطبية والنيابة تتبع إجراءاتها في التحقيق وبدورها تستدعي الطبيب دون حبس أو توقيف للتحقيق احتياطيًا لأخذ أقواله ووضع الحالة عند دخولها بعد التأكد من إذن المزاولة والترخيص والموافقات وفي حال لم يذهب المريض للشكوى للنيابة يستطيع الذهاب لأقرب مركز شرطة وبدوره يحيله لنيابة النظام وبعد التحقيق يحال للمحكمة ومن حقك بعدها المطالبة بالتعويض كمريض متضرر كمدعي بالحق المدني والمحكمة تحكم بالإدانة، والتعويض حسب قانون الإجراءات الجنائية وتنظر في الخطأ الطبي بعد تقديم دفاعه بعد هذا يمكن للمريض رفع دعوى مدنية مستقلة بالتعويض هذا بعد إثبات الإدانة من التأمين الذي تتولاه هيئة التأمين الطبي
والتعويضات هل لديها سقف معين ؟
حسب تقدير المحكمة تنظر المصرفات التي قدمها أولاً وثانًيا التعويض المعنوي
#ما هي أكثر الأخطاء الطبية حدوثًا؟
جميعها وارد فيها الخطًا ولكن الجراحة هي الأكثر وهناك اخطاء طبية سببها المريض نفسه عندما يخفي حقيقة على الطبيب أو التمريض ويدخل بعدها لمرحلة حرجة هنا الخطأ هو سببه وإن كان للتمريض دور فالواقعة، ولو قدم شكوى سوف يتحمل التمريض جزءًا من المسؤولية والنيابة مع مجلس التخصصات الطبية أو الطبيب الشرعي هو من يفصل في الأمر .
هناك أخطاء طبيبة لا نستطيع تحميل الطبيب مسؤوليتها رغم حدوثها هل لكَ أن توضح؟
نعم مثلاً هناك حالة طلبُ منها صورة ملونة الصورة بحاجة لصبغة، والصبغة فيها مادة لا تظهر في التحاليل ولا يمكن معرفتها، ولا معرفة إذا ما كان هذا الجسم يتحسس أو لا لأنها تؤدي للموت عند بعض الحالات، وهذا لا يحسب خطأ طبي وإن بدأ مظهريًا إنه خطأ طبي.
هل هناك حالات يقف فيها القانون مع المصحة التي يتبعها وإن كان هناك خطأ من قبلها؟
للأمانة هناك قانون يلزمك الدفاع على موكلك هذا لا يعني أن تتجاوز حدودك في إثبات براءة موكلك كل ما عليك اتباع القوانين ويمنع عليك توريط موكلك قانونيًا ومن حقك الوصول لحل اتفاق بين الحالة، والطبيب، أو العيادة وهذا دورك كمحامٍ أو الوصول للصلح، وهذا قانونيًا لا تعاطف لأن في حال اكتشافك للخطأ من واجبك توضيح ذلك لموكلك واطلاعه على التبعات مع أن المحامي يمكن تطويل الأمر لصالح الطبيب موكلها لسنوات بالطعن هذا في حالة عدم استحضار الجانب الإنساني والأخلاقي.
في أي حالة يلجأ المحامي الموكل له الدفاع عن المؤسسة الطبية لنقابة المحامين؟
في حال قدمنا نحن كمستشارين قانونيين أو دفاع شكوى للنقابة عن الأتعاب أو غيرها وتتدخل النقابة في حال ما تم الشكوى فالمحامي أوزارهم بعدم أهليته هنا تتدخل النقابة لتثبت أن لديه حصانة ويتم الإفراج عليه ويعود الملف للنقابة والتحقيق.
ما الذي تحملونه للإعلام من توصية أو رسالة بخصوص هذه التدابير التوعوية طبيًا وقانونيًا؟
الإعلام مقصر في التوعية والمجتمع المدني بمؤسساته مقصرٌ، ونقابة الأطباء أيضًا ونقابة الصيادلة في نشر الوعي ورفع من مستواه نتمنى تضافر الجهود لرفع التوعية على مختلف الصُعد.