رأي

منهم‭ ‬وعنهم

أمين‭ ‬مازن

لست‭ ‬أدري‭ ‬هل‭ ‬بهم‭ ‬من‭ ‬قد‭ ‬يتابع‭ ‬ما‭ ‬أبد‭ ‬به‭ ‬هنا‭ ‬من‭ ‬رأي،‭ ‬ويخضعه‭ ‬لمبدأ‭ ‬الموافقة‭ ‬من‭ ‬عدمها،‭ ‬أن‭ ‬أضع‭ ‬تحت‭ ‬نظره‭ ‬بأنني‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬أذهب‭ ‬لمستجدٍ‭ ‬أشرع‭ ‬في‭ ‬التحدث‭ ‬عنه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬قد‭ ‬فرغت‭ ‬من‭ ‬آخر‭ ‬أو‭ ‬كدت‭ ‬أن‭ ‬أضع‭ ‬القلم‭ ‬بعض‭ ‬الوقت،‭ ‬فما‭ ‬يهم‭ ‬من‭ ‬يقرأ‭ ‬أو‭ ‬يستمع‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يجده‭ ‬جاهزًا‭ ‬للقراءة‭ ‬وبالأحرى‭ ‬التلقّي‭ ‬ليس‭ ‬غير،‭ ‬أما‭ ‬أنا‭ ‬فكثيرًا‭ ‬ما‭ ‬أتمنى‭ ‬لو‭ ‬يتاح‭ ‬لي‭ ‬تبيُّن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحالات،‭ ‬عسى‭ ‬أن‭ ‬تزيد‭ ‬في‭ ‬حجم‭ ‬المتابعة‭ ‬التي‭ ‬تطمح‭ ‬الكلمة‭ ‬أن‭ ‬تحظى‭ ‬بها،‭ ‬وهي‭ ‬تحمل‭ ‬ما‭ ‬تنوء‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬المعاني‭ ‬والدلالات‭ ‬وبالجملة‭ ‬الرسائل‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬كسب‭ ‬المتلقي‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الجبهة‭ ‬العريضة‭ ‬التي‭ ‬ليس‭ ‬للكلمة‭ ‬الشريفة‭ ‬من‭ ‬هدف‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مهمة‭ ‬تبليغها‭ ‬وإثارة‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الحوار‭ ‬المتعلق‭ ‬بها،‭ ‬وذلك‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬شاءت‭ ‬الأقدار‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الغلبة‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬لأدب‭ ‬الحياة،‭ ‬والذي‭ ‬اصطُلح‭ ‬على‭ ‬تسميته‭ ‬بالالتزام،‭ ‬وتجليات‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬جنس‭ ‬أدبي،‭ ‬ومع‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬يعود‭ ‬تاريخيا‭ ‬إلى‭ ‬انقشاع‭ ‬ظلام‭ ‬الاستعمار‭ ‬الفاشي‭ ‬وانطلاق‭ ‬المشروع‭ ‬الوطني‭ ‬الرامي‭ ‬إلى‭ ‬استقلال‭ ‬البلاد‭ ‬وانخراط‭ ‬شباب‭ ‬تلك‭ ‬الأيام‭ ‬في‭ ‬الأنشطة‭ ‬المرافقة،‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬عرفتها‭ ‬مدينتا‭ ‬بنغازي‭ ‬وطرابلس‭ ‬وفقًا‭ ‬للمتيسر‭ ‬والمتاح‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬النقابي‭ ‬وشبه‭ ‬الحزبي،‭ ‬كما‭ ‬تشهد‭ ‬صحف‭ ‬تلك‭ ‬الأيام،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬يعيبها‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بعض‭ ‬الذين‭ ‬نبّهوا‭ ‬إليها‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬من‭ ‬الليبيين‭ ‬وحدهم،‭ ‬إذ‭ ‬من‭ ‬الأمانة‭ ‬أن‭ ‬نحفظ‭ ‬لغير‭ ‬الليبيين‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬والأجانب‭ ‬دورهم‭ ‬في‭ ‬الحض‭ ‬على‭ ‬سلوك‭ ‬نهجها،‭ ‬إن‭ ‬يكن‭ ‬بعض‭ ‬السودانيين‭ ‬والشوام‭ ‬قد‭ ‬كانوا‭ ‬ظاهرين‭ ‬بها،‭ ‬فإن‭ ‬عديد‭ ‬الإيطاليين‭ ‬من‭ ‬أعداء‭ ‬الفاشية‭ ‬وحملة‭ ‬بعض‭ ‬الأفكار‭ ‬الاشتراكية‭ ‬قد‭ ‬كان‭ ‬دورهم‭ ‬شديد‭ ‬البروز،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬حرص‭ ‬الإنجليز‭ ‬على‭ ‬المسارعة‭ ‬بالتحذير‭ ‬من‭ ‬تحركاتهم‭ ‬كان‭ ‬شديد‭ ‬البروز‭ ‬أيضا،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬الأخبار‭ ‬المتعلقة‭ ‬بإبعادهم‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬محفوظة‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬الوثائق‭ ‬التي‭ ‬دونت‭ ‬أخبار‭ ‬المرحلة‭ ‬وما‭ ‬تعرض‭ ‬له‭ ‬بعض‭ ‬المتحركين‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬سرعة‭ ‬الانتباه‭ ‬إليهم‭ ‬والتحذير‭ ‬من‭ ‬عواقب‭ ‬وعيهم‭ ‬بأهمية‭ ‬طي‭ ‬صفحة‭ ‬الماضي‭ ‬بين‭ ‬الليبيين‭ ‬والإيطاليين‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬التوجه‭ ‬للمستقبل‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أولوياته‭ ‬تمكين‭ ‬الشعوب‭ ‬التي‭ ‬أُجلِيَ‭ ‬عنها‭ ‬المستعمرون‭ (‬مثل‭ ‬ليبيا‭) ‬من‭ ‬حكم‭ ‬نفسها‭ ‬بنفسها‭ ‬وبجهود‭ ‬الموجودين‭ ‬فوق‭ ‬أرضها‭ ‬جميعًا،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يرق‭ ‬للقادمين‭ ‬الجدد،‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬أولوياتهم‭ ‬السياسية‭ ‬إثارة‭ ‬النعرات‭ ‬لما‭ ‬تسمح‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬تشتيت‭ ‬الجهود‭ ‬وإشغال‭ ‬الشعوب‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬الماضي‭ ‬والإنشغال‭ ‬الدائم‭ ‬عن‭ ‬المستقبل‭ ‬وما‭ ‬يتطلبه‭ ‬من‭ ‬التسامح‭ ‬وتوحيد‭ ‬الجهود‭ ‬وتبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬تركة‭ ‬الماضي‭ ‬ورواسبه‭ ‬الهدامة‭ ‬والرهان‭ ‬المستمر‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬الدؤوبة‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬تمرير‭ ‬الممكن‭ ‬والحذر‭ ‬كل‭ ‬الحذر‭ ‬من‭ ‬المتطوعين‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬إقصاء‭ ‬كل‭ ‬ذي‭ ‬رأي‭ ‬مختلف‭ ‬وشخصية‭ ‬واضحة‭ ‬وتجربة‭ ‬عمرية‭ ‬ملموسة،‭ ‬إنها‭ ‬المقومات‭ ‬التي‭ ‬يحتاج‭ ‬صاحبها‭ ‬لإعلانها‭ ‬ولكنها‭ ‬تعلن‭ ‬عن‭ ‬وجودها‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬وجلي،‭ ‬بما‭ ‬يلمسه‭ ‬كل‭ ‬معني،‭ ‬فلا‭ ‬يملك‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬يحتفي‭ ‬ويعترف‭ ‬ويختشي،‭ ‬فإن‭ ‬سأل‭ ‬سائل‭ ‬عن‭ ‬علاقة‭ ‬هذا‭ ‬المختتم‭ ‬بما‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬به‭ ‬هذه‭ ‬السطور،‭ ‬قلت‭ ‬أنها‭ ‬نتاج‭ ‬من‭ ‬اقتفينا‭ ‬أثرهم‭ ‬وترسّمنا‭ ‬خطاهم‭ ‬ودوَّنا‭ ‬المتيسر‭ ‬بشأن‭ ‬دورهم‭ ‬وعظيم‭ ‬أثرهم‭. ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬نأمل‭ ‬أن‭ ‬نفرد‭ ‬لهم‭ ‬المساحات‭ ‬الكافية‭ ‬وتحت‭ ‬هذا‭ ‬العنوان‭ (‬منهم‭ ‬وعنهم‭).‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى