إجتماعي

‎التمييز على اساس النوع الاجتماعي

 

ألعابي سيارات وألعاب أختي عرايس ودُمى

‎نعتوني بالمسترجلة لأني البس ثياب أولاد

 

‎الوردي للبنات والأزرق للأولاد وطفولة  مرتبكة

‎مكافأة من أهلي إذا لم ابك عند الضرب والعراك

تتشكل تصوّرات الأطفال إناثًا وذكورًا عن الأدوار المرتبطة بالنَّوع الاجتماعي (الجندرية)هذا المصطلح الذي يعد غير معروف عند الأغلبية والذي ينحصر في تحديد نوع السلوك الصادر عن الجنسين ذكوراً واناثا هذه الادوار منذ الصغر داخل المنزل، وتؤكدها المدرسة في مرحلة تالية، ثم يرّسخها الإعلام والقيم السائدة في المجتمع. هذه الأدوار تحدّدها المجتمعات بأمرين رئيسين وهما المظهر والسلوك، ولذلك بمجرد أن يولد الأطفال، يعمل الوالدان في إطار التربية والتنشئة، على تعزيز الصور النمطية الجنسانية لديهم، وخلق حدوداً فاصلة بين عالمي الذكور والإناث، من خلال تحديد نمط سلوكي خاص للأولاد وآخر للبنات، وتدعيم شكل معين للمظهر الخارجي الأنثوي ونظيره الذكوري، فضلًا عن تقسيم ألعاب الأطفال بناءً على الجنس، بما يساعد على إكساب الطفلات صفات كالرقة والهدوء والحنان، وسمات كالقوة والنشاط والسيطرة للأطفال الذكور.

‎كما يطال التقسيم النمطي الألوان، إذ توجد خيارات مفضلة للإناث وأخرى للذكور، وإن كان التقسيم يضر بالذكور أكثـر، خاصة أن عددًا من الألوان المُصنّفة باعتبارها أنثوية، ما زالت غير جائزة للذكور ارتداؤها أو اقتناء أشياء بلونها، وإلا يوصفون بـ«الأنثويين» و«المخنثين»، بينما بات من المقبول أن تحيط المرأة نفسها بجميع الألوان وتستخدمها من دون أن تتعرض للوصم، ولذلك علاقة مباشرة بتمرد الموجة النسوية الثانية في الستينيات والسبعينيات على مظاهر قمع وتقييد النساء، ومنها الأزياء التي كانت تعوق حركتهن وتخضعهن للوصاية الذكورية.

‎مع صعود الموجة النسوية الثانية، اضمحل الخط الفاصل بين الأزياء النسائية والأزياء الذكورية، وارتدت النساء (السترات، والبدلات، وسراويل الجينز) زرقاء اللون التي بدأت علاقة الذكور بها في نهاية القرن التاسع عشر واستمرت حتى منتصف الستينيات من دون شراكة نسائية.

كيف أصبحت الألوان وسيلة للتمييز المبني على النَّوع الاجتماعي للاطفال؟

‎رغم تراجع تصنيف الألوان ما بين أنثوية وذكورية، ما برحت ثنائية الوردي والأزرق رائجة، وتتجلى بوضوح في متاجر ملابس وألعاب الأطفال، حيث لا يزال شائعًا تصنيع ألعاب وإنتاج ملابس البنات بألوان خافتة، غالبًا ما تضم بينها الوردي.

‎يعود تحويل الألوان إلى إحدى وسائل التنميط الجندري إلى بداية القرن العشرين، بعد أن كانت ألوان «الباستيل» جميعها تستخدم في تصنيع ملابس ومستلزمات الأطفال من دون تفرقة على أساس الجنس.

‎عندما صار اللونان الوردي والأزرق مؤشرين على جنس المولودين، لم يكن تصنيفهما مثلما هو الآن، وما هو متعارف عليه عندنا مع زيادة المولود وإقبال أهله على توسيمه بلون مميز للذكر أزرق أو سماوي والفتاة زهري أو أحمر في بعض الدول التي حاولت تجاوز هذا الميز  فقد تم اعتبار اللون الأزرق لونًا للفتيات بوصفه رمزًا للصفاء والهدوء، وهي صفات يتوقع المجتمع أن يجدها في الإناث، في المقابل تم الترويج إلى اللون الوردي بوصفه لونًا يخص الأولاد، لكونه ظلًا من ظلال اللون الأحمر (الوردي يتشكل نتيجة امتزاج الأحمر بالأبيض) الذي يعكس القوة والجرأة والقيادة، وهي سمات ينتظر المجتمع أن تتجسد في الذكور.

‎في الأربعينيات، بدأ السير في الاتجاه المعاكس وأضحى اللون الأحمر معبرًا بالدرجة الأولى عن الحب والرومانسية، ولأن النسـاء وفق الرؤية النمطية السائدة «عاطفيات»، صُنّف الوردي كأحد تدريجات الأحمر لونًا أنثويًا.

‎النوع الاجتماعي التعبير الجندري تحت مقصلة القبول المجتمعي

‎يُعرّف «التعبير الجندري» بأنه تعبير الفرد عن نفسه وهويته ظاهريًا، من خلال الضمائر التي يفضل استخدامها عند مخطابته، والملابس التي يرتديها، وغيرها من عناصر المظهر الخارجي التي يختارها، فضلًا عن السلوك الذي يتبعه. ومن المفترض أن يبدأ الأطفال في استيعاب هويتهم الجندرية والتعبير عنها في مرحلة مبكرة من العمر، إلا أن المجتمعات لا تترك حيزًا متسعًا لاستكشاف الذات والتعبير عنها بحرية، وكثيـرًا ما تتكاتف العوامل البيئية والخارجية لطمر الهوية ولحرمان الأفراد من أن يتصرفوا بطبيعتهم، من دون خوف من الإيذاء اللفظي أو الجسدي.

‎نتيجة لذلك، يبطن الأطفال تصوّرات نمطية عن الجنس والنوع الاجتماعي، يتماهى أكثرهم معها ويسنون لأنفسهم قوانين سلوكية تتفق والتوقعات الثقافية والاجتماعية فيما يتعلق بالأدوار الجندرية، بينما القليل منهم هو الذي يتمرد على هذه التصوّرات، فيواجه صراعات داخلية وخارجية، وفي الغالب يضطر المتمردات والمتمردون إلى التعايش مع الإقصاء المجتمعي.

‎ينادوني صافي..

‎في مراهقتها، كانت صفاء ترتدي الأحذية الرياضية طوال الوقت على عكس زميلاتها وصديقاتها اللاتي يملن إلى ارتداء الأحذية المفتوحة (الصنادل) في فصل الصيف، والأحذية ذات الرقبة (البوت) في فصل الشتاء، وهو ما كان محل استنكار دائم من الأسرة والأصدقاء.

‎وحتى تخرجها من الجامعة، لم تضم خزانة عليا أي بلوزة (قميص نسائي) أو تنورة، وإنما كانت تقتصر على السراويل المصنوعة من الجينز، والتيشرتات الرياضية، والسترات الثقيلة، وكان ذلك يُعرّضها للسخرية.

‎بالإضافة إلى ذلك، لم تكن صفاء من الفتيات اللاتي يذهبن إلى صالونات التجميل النسائية لتصفيف شعرهن، فكانت تكتفي بلملمته إلى الخلف، قبل أن تقصه  ويصبح قصيـرًا جدًا، ليشتد مع هذه الخطوة العنف اللفظي ضدها، ويزيد وصفها بـ«المسترجلة».

‎تقول صفاء إن المظهر الذي اختارته لنفسها في ذلك الوقت، الذي لم يكن «أنثويـًا» بالنسبة للمجتمع أو لم يكن يحقق توقعاته لـها كـ«أنثى»، عرّضها للتنمر من زملائها في المدرسة، الإناث والذكور على حد سواء، الذين كانوا ينادونها بـ«الأخ صافي» وأحيانًا بصفوان

‎بعد حروب ومشكلات ومع تقدم العمر بصفاء ارتدت الحجاب وظل مثلها لملابس الشباب جلي وواضح في الجينز والأحذية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى