تعد صناعة الغاز الطبيعي هي الأسرع نمواً خلال العقدين الماضين بسبب التوسع الكبير في استخداماته وتحول صناعات كبرى إلى هذا المصدر من الطاقة الصديق للبيئة نسبياً ويتوقع أن يبلغ حجم الطلب العالمي على الغاز الطبيعي نحو 546 مليار متر مكعب بحلول عام 2024م مقارنة بـ 432 مليار متر مكعب في عام 2018م .
حقل الفارغ
حقل الفارغ لم يعد فارغاً بما يحتويه من احتياطات مهمة من الغاز الطبيعي والنفط الخام والمكثفات كان قد أكتشف في مطلع الستينيات من القرن الماضي، وهو يقع إلى الجنوب الغربي وعلى بعد ستين كيلو متراً من حقل جالو النفطي التابع لشركة «الواحة» للنفط إلا أنه ولأسباب فنية واقتصادية في تلك الفترة هجرته الشركة الأجنبية.
وادركاً من شركة «الواحة» للنفط بمستقبل الغاز الطبيعي الواعد قامت في السنوات الماضية بعدة دراسات جيولوجية ومكمنية واقتصادية مستخدمة أحدث التقنيات لغرض تحديد الاحتياطي الغازي والنفطي للحقل، وكانت النتائج التي توصلت إليها تلك الدراسات مشجعة حيث تم تقدير احتياطي الحقل القابل للاسترداد من الغاز بنحو 2.61 تريليون قدم مكعب و121.2 مليون برميل من النفط و 538 مليون برميل من المكثفات وعلى ضوء هذه النتائج تقرّر تطوير الحقل على مرحلتين وتمكنت الشركة من إتمام المرحلة الاولي في عام 2003م.
حقل الفارغ يعد من المشاريع الاستراتيجية التي نفذتها شركة «الواحة» للنفط، بذلت جهوداً كبيرة لاستكمال مراحل المشروع وفي ظروف غاية في الصعوبة لاستكمال مراحل المشروع الذي واجه عديد التحديات أدت إلى توقف العمل فيه أكثر من مرة بسبب القوة القاهرة التي مرت بها البلاد ولكن إصرار وتصميم لجنة الإدارة على إتمام المشروع وثقتها في إمكانات وقدرات العاملين التي مكنتهم من التغلب على جل المشكلات التي واجهت الشركة واستعدادهم للتضحية في سبيل أن يرى هذه المشروع النَّور.
وبدعم من المؤسسة الوطنية للنفط أثمرت هذه الجهود مجتمعة ببلوغ المشروع إلى مراحل التشغيل النهائية وأصبح الحلم حقيقة.
ويعد مشروع تطوير حقل الفارغ أكبر مشروع على مستوي قطاع النفط يتم تنفيذه منذ عام 2011م.
المرحلة الثانية :
تستهدف المرحلة الثانية من مشروع تطوير حقل الفارغ حفر وربط ثمان آبار لإنتاج 180 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً يتم معالجتها من خلال معمل معالجة وتسييل الغاز الطبيعي واستخلاص ما يعادل 15 ألف برميل يومياً من المكثفات ومن ثم نقل الغاز الجاف من خلال منظومة خطوط أنابيب نقل الغاز القائمة إلى حقل «انتصار» التابع لشركة «الزويتينة» للنفط بطول 110 كيلومترات.
واستكمال الأعمال الإنشائية وتوفير المعدات السطحية المختلفة وربط وتجميع الآبار وتركيب أجهزة الحماية ومنظومة التجميع ومنظومة الأنابيب وملحقاتها وفواصل الاختبارات بقطر 72 بوصة لغرض اختبار كل بئر على حدة .
وتضمنت المرحلة الثانية تركيب وحدة التقاط الشوائب ووحدة تجميع السوائل لغرض الفصل المبدئي للمكثفات عن الغاز قبل مروره إلى وحدات الغاز المختلفة إضافةً إلى وحدتين الأولى لتجفيف الغاز وتتكون من برج «الجيليكول»، وتركيز «الجيليكول»، والثانية لتبريد الغاز وتتكون من سلسلة من المبادلات الحرارية ومنظومة التبريد تدار بواسطة مولدات غازية قدرتها 6.600 حصان ضواغط.
ضواغط الغاز تتكون من :
عدد 3 ضواغط بسعة تصميمية 7.5 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً لكل وحدة وتدار بواسطة محركات كهربائية قوة 700 حصان لكل وحدة.
ضواغط شحن الغاز:
عدد 3 ضواغط بسعة تصميمية 105 ملايين قدم مكعب من الغاز في اليوم تدار بواسطة مولدات غازية قوتها 10.300 حصان لكل وحدة بالإضافة إلى وحدة تثبيت المكثفات التى تتكون من برج التثبيت والفرن والمضخات بسعة تصميمية 15 ألف برميل يومياً .
وتتكون المنظومة الكهربائية الخاصة بالمرحلة الثانية من مولد كهربائي للطواري بقدرة 1 ميجاوات ومصادر طاقة كهربائية احتياطية دائمة لتغدية وحدات التحكم والحماية في حالات .
الطواريء ومصدر الطاقة المتردّدة بجهد 120 فولت، وكذلك مصدر للطاقة الكهربائية المستمرة بجهد 125 فولت
وأما منظومة التحكم فيتم من خلالها تشغيل ومراقبة معدات الإنتاج الرئيسة.
منظومات خدمية أساسية
يتضمن مشروع تطوير المرحلة الثانية من حقل الفارغ إقامة منظومات خدمية أساسية تضم عدد 2 وحدة لتوليد غاز النيتروجين، ومنظومة مراقبة تسرب الغاز وأخرى لتصريف المياه و تجميع السوائل ومبنى المعدات والفواصل الكهربائية ومبنى مركز تحكم في المولدات الغازية وسكن العاملين والمرافق الخدمية الأخرى.
وهكذا تتضح وتكتمل الصورة النهائية لهذا المشروع الطموح الذي أثبتت العناصر الوطنية من خلال تنفيذها له على نجاحها ومقدرتها على التعامل مع الصناعات النفطية المتطورة والمعقدة وسيمكن هذا الانجاز شركة «الواحة» للنفط من إنتاج 250 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً في المرحلتين الأولى والثانية، بالإضافة إلى إنتاج النفط والمكثفات ومن شأن هذا المشروع المهم أن يساهم في تعزيز مركز ليبيا في أسواق الطاقة العالمية الذي يشكل الغاز الطبيعي أحد أهم مصادرها كما أنه سيخلق فرص عمل جديدة وسيمد المشروع محطة توليد الطاقة الكهربائية بالسرير بحوالي 70 مليون قدم مكعب من الغاز الأمر الذي سيساهم في زيادة القدرة الإنتاجية للشبكة العامة الكهرباء وباقي الإنتاج يتم الاستفادة منه في تلبية السوق المحلي والتصدير للخارج .
■ أبوالعيد الصاكالي