للصحافة أيضاً ما تنتظره من رئيس الحكومة
أمين مازن
لئن لم يغفل رئيس الحكومة المؤقتة المهندس عبد الحميد دبيبة و من رأى الإستئناس برأيهم في ما يديره بحلول اليوم العالمي للصحافة هذا العام، دونز أن يلقي التبعة على من سبقه في الحكم لإهمالهم هذا النشاط، بدليل بقائه من دون تنظيم نقابي يدافع عنه، فإن من أوكد واجبات من يأنسون في أنفسهم الدراية أن يبادروا بالتصحيح، إن النهوض المنشود للصحافة يتجاوز الذهاب إلى بعث نقابة تَنْظَم إلى الأعداد الكبيرة من النقابات التي طُبِخَت في الأيام الأولى التي تلت سقوط النظام السابق، و تشكيل الحكومة التي قرنت الثقافة بالمجتمع المدني و الصحافة، إذ تبين أن الهدف هو الحيلولة دون الرأي الجِدِّي في البلاد، و الذي يطال عادةً الأداء العام و تجليات ذلك في التخطيط و وضع الموازنات و المصروفات و ما يكتنفها مجتمعة من سوء التنفيذ المُتعمّد أو الناتج عن انعدام الدراية، فتُحدَّد الجدية في السماح للرأي المختلف ليُكتَب و يُذاع و يُنشَر و يسهل وصوله إلى المتلقِّي في جو من الثقة و الإحترام. و حتى التكريم و ليس التجاهل حين لا يكون ضمن جوقة الإعلام الرديئ و الذي لا هم له سوى المديح و عرض الحركات و السكنات للمسئول، كما لو كان أداء الواجب مِنّة تستحق الإشادة، الأمر الذي يعيد إلى الذاكرة تقاليد العقود الأربعة التي استوجبت الإنتفاضة، مما لم نكن مبرئين من سوءاته متطوعين مرة و مكرهين مرة أخرى و مدافعين عن النفس في نهاية المطاف.
نعم ان الصحافة لن تكون صحافة بحق ما لم تتصدى للمشاريع المتسرعة و المفتقدة للمراجعة و المحتاجة إلى تدقيقات الرقابة و الدراسة الجمعية القادرة على تجنب الفساد المخجل أمام الأهل أولاً و العالم ثانيا، خاصةً و أن هذا الأخير لن يتخلى على أسلوبه الذي لا يرى في المعولين عليها أكثر من أدوات لها صلاحيتها المحددة و التي ليس بعدها سوى إلقاء النفايات و لو كانوا بشراً من لحم و دم، و على نفس القاعدة فإن كل محاولة للتنصل من التزام التوزيع العادل في الثروة أو المناصب و كذلك بقية الحقائب، إن بالإتفاق أو ترجيح الإمّعات يحتاج أول ما يحتاج لغربال الصحافة الوطنية الصادقة و المصونة من ضغوط الحاجة بتوفير التمويل المُشرعَن و المعلَن و غير الخفي على المراقب الدولي و هو يحض و يرعى و يصر على العملية الإنتخابية، و إذا كان العالم قد أراد من اختيار يوم من كل سنة للصحافة إكراما لمن وفّاها قدرها و لقي ما لقي في سبيلها، و حرصا من جهتنا على أن نحيي هذا اليوم في هذا العام بمن وجد، فلا شك أننا لن ننسى كذلك من رتب و تحدث، و لا سيما رئيس هذه الحكومة الموعودة بالكثير، و يعد رئيسها من جهته بالكثير هو الآخر، عسى أن يكون واضحاً للجميع أن خالق الكون الذي قال في المحكم (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) سيقيض من ذوي الدراية في الصحافة ممن لن يغفل عن أي خرق من الخروقات و المسألة فقط مسألة وقت لفتح الستار، و أخيراً للصحافة أيضا ما تنتظر من رئيس الحكومة و لن تعفيه من التقييم مع من سبقه و من يلحقه في تاريخ البلاد عاجلاً أو أجلا متى شاء الله.