دار بركوس للتراث.. للكاتب الليبي أمين مازن
أحيَّت القوى المدنية في مسقط الرأس «هون» الحولية الأولى لرحيل الدكتور شعيب السنوسي الصغير العطشان الذي ووري جسده التراب في مُفتتح أبريل 2021 متأثراً بجائحة كورونا، عن عمر لم يتجاوز الستة عقود إلا بسنواتٍ محدودة، وحياة جمعت بين العلم و العمل، كما ذكرنا في خبر النعي الذي أدرجناه هنا و قد أُكرِهنا يومئذ على الغياب. و قد تمت مراسم الإحياء بفضاء دار بركوس للتراث في البلدة أبرز المهتمين في هذا المجال اليسد أحمد عبد السلام بركوس و حرص على المشاركة به في جميع فعاليات الفن و الثقافة كمهرجان الخريف و غيره من المواسم، و قد كان آخرها المهرجان الماضي عندما كُلِّفَ بالدورة، إذ لوحظ الحرص على دعوة الجميع فكسب صفة المنطقة ككل و وجب التنويه به كوسيلة من وسائل التجميع و ليس الإنزلاق نحو التقوقع و وهم الأصالة المنافية لإستحقاقات العصر و ما يزخر به من شروط التطور المُبشِّر بتوسيع الدائرة و تحقيق مزيد الفاعلية و الحضور و ما يؤدي إليه من قوة الإشعاع و القدرة على إنتاج النوعية و تعويض الكَم و الذي طالما عانت منه القُرى بعجزها الأبدي أمام مغريات المدن بالهجرة، لقد شهدت الإحتفالية عرض الشريط الوثائقي الذي أنجزه عن المرحوم شعيب الفنان مصطفى محمد عبد اللطيف الحاج صالح و ما يمتاز به من المثابرة و كل ما يُبشّر بازدياد التراكم للمكان و الذي يعتبر حقاً مثالاً جيداً لسيرة الفقيد رجل العلم و العمل و الدين و الدنيا، إذ لم يتكالب على أي من هذه الجوانب لحساب الآخر، فلم يتخذ من التزامه الديني سبيلاً لاقتحام المشيخة فيُفسد ذوقه الأدبي خوفاً من شبهة الفجور، و إنما كان بكل الصدق المستوعب لدروس الموازنة إن و هو يكتب للجامعة حول المتنبي أو يعْمُر الجامع العتيق حذراً من أي مظهر يدخله تحت طائلة توسّل ما لا يحب، فقد كان دربه الدائم القدرة على الجمع بين العلم و العمل و ربما التمثّل بقول الأولين «من عمل بما يعلم أورثه الله ما لم يعلم» كما روينا عن مشائخنا الذين كان الفقيد أفضل السائرين على الدرب الطويل بإظهار الأثر في توسيع الدائرة و إظهار الجدوى، و حسبه ما ترك من مريدين لم يعرفوا سوى التحصيل المُبرّأ من أي مأرب. عسى الله أن يحسن جزاءه و يعوض الجميع فيه خيرا.