سوق الكتاب في ليبيا عن هموم النشر غابت المخصصات وتعرقلت حقوق الكاتب
في احدى المرات التي صادفت حاجتي للتسوق أثناء زيارتي لمول يصنف ضمن أكبرمولات طرابلس فوجئتُ بتجمع لعدد من المتسوقين من الجنسين حول ارفف لاحدى المكتبات المعروفة والمشهورة بالنشر اقتربتُ ووجدتُ كتبًا لكتَّاب ليبيين وغيرهم في الشعر والأدب والتخصصات العلمية وكتبًا للعلوم الإنسانية والتاريخ نموذج مصغراتسويقى اعجبتني الفكرة جدًا واعجبني أكثر الاقبال من الجمهور على الكتاب احداهن تقول لصديقتها سأشتري هذا وهي تقلب أحد الكتب لأن طباعته والوانه مغرية للقراءة أما الاخرى ظلت تبحث عن اسم معين لكاتب محدَّد على مايبدو لم تجده ضمن المعروض أكثر السيدات بحثن عن كتب الشعروالطبخ والرجال عن الرياضة والسياسة.
وتساءلت متى يمكن ان يصبح الكتاب حاجة ملحة مثل رغيف الخبز وكيس السكر والكهرباء والبنزين؟
ولان سوق الكتاب وصناعة النشر في ليبيا تعاني والثقة بين الكاتب والناشر ليست على مايرام والعلاقة بينهما يشوبها الكثير من التعقيد وان عملية النشر بداية من الكتابة الابداعية ومرورا بالتحرير والوكيل الادبي والطباعة والنشر والتسويق وختاما بالقراءة والنقد ضعيفة ومصابة بالخمول حملت ما سجلته من تساؤلات عن هموم النشر لكتاب على الساحة في الادب والشعروالرواية والدراسات العلمية والبحثية وتوجهت لوزارة الثقافة
…مالذي تفتقده صناعة النشر في ليبيا؟
لماذا يلجأ الكاتب الليبي للنشر خارج بلده؟
اين المعارض ولماذا هي على الهامش؟
لماذا غابت حقوق الكتاب وماذا تعني تعاقدات جديدة ؟
ماهي ضوابط النشر على الكتاب الليبيين التي تصنف في خانة الوصاية والرقابة؟
لمن يوجه الكاتب الليبي كتابه ؟
كيف هو مستقبل صناعة النشر في ليبيا؟
لماذا يوسم عمل الناشرين بالكلاسيكي؟
هل خصخصة هذا القطاع صارت ضرورية لانقادالمشهد الثقافي؟
وماذا عن القاري وشح النقد؟
لماذا الناشرين الخواص يتعاملون مع الثقافة كمشروع ربحي اكثر من كونها مشروع تنموي ونمط حياة؟
ادارة الكتاب والنشر
السيد محمود اللبلاب مدير ادارة الكتاب والنشر بالوزارة اجاب:
ان الكتاب وصناعته في ركود هذا حقيقي والاسباب عديدة اهمها غياب الدعم المادي والمخصصات المالية التي اعاقت ولازالت تعيق عملية النشر والطباعة والتوزيع ايضا التنقلات وتوالي الادارات التي شهدتها ادارة الكتاب احدثت ربكة واضعفت الكتاب وانتاجه قبل 2011ومابعده تغيرت ادارات ومديرين ومسميات اختلفت كانت هناك فترة ذهبية وهي محاولة لادارة الكتاب على شكل هئية مستقلة بالكتاب والنشر ألا وهي إدارة النشر والتوزيع ولكن لعدم وجود خطة واضحة تعثر النشروحملت وزارة الثقافة الامر برمته واثقلت به وغياب الارادة الحقيقية للاهتمام بالثقافة عامة والكتاب خاصة هو السبب الاساسي اضافة الى الخلافات السياسية والحروب والانقسام زادت من عرقلة واضعاف النشروبخصوص القاريء الليبي هو لم يغب ولكنه انشغل وراء لقمة العيش والسعي الحثيث والكتاب بضاعة اذا فقدت عامل الجذب والاثارة غاب المشتري هذا مايحتاجه القاريء الجذب شكلا ومضمونا اضافة لرخص السعر وسهولة الاقتناء وهذا الآن اصبح متعسرا على القاريء لأن كلفة الكتاب زادت وانا أؤكد بان الكتاب الورقي في وجود منافس الى زوال بعد خمسة عشر عام لن يكون هناك مكانا للكتاب الورقي الالكتروني بانواعه سيطغى ويكون الاكثر نجاحا و بخصوص وجود كتب اصدرتها وزارة الثقافة دون المستوى اقول بان دورنا كإدارة كتاب ونشر دعم ايضا فاذا وجدنا كتبا حديثة لاسماء غير معروفة فهذا من باب الدعم والتشجيع لعل الامر يكون حافزا لاعطاء الافضل مستقبلا وهذا من باب دعم العمل الابداعي طالما بالامكان قراءته
فيما يخص النشر الكلاسيكي هذا بحاجة الى تطوير والتطوير بحاجة الى دعم مادي ومع هذا لدينا خطوط اخراجية لكتب جديدة سوف نعمل بها خلال العام القادم ونحن موعودون بنشر ثلاثمائة كتاب جهزنا منها النصف وعام 2023سنكمل البقية وستكون جاهزة وسنشارك بها في المعرض الدولي وعن المعارض والمشاركات الجادة اجاب بان لدينا مشاركات دولية ونحن قدمنا المعرض المحلي الرابع وشاركنا بعدد من العناوين وسوف نحاول اعتماد اربع او خمس معارض بالاضافة للدولي لدعم الكتاب والنشر اما فيما يخص حقوق الكتاب اضاف السيد محمود ان الامر يعود لعدم وجود مخصصات مالية وتأخر البند الثاني في الصرف والا في السنوات الماضية حاولنا سداد التزاماتنا للكتاب قدر المستطاع والان اوقفنا التعاقدات الجديدة لحين حلحلة هذا الاشكال كلنا نعاني من عدم وجود دعم مادي وهذا امر محزن ومحبط للكتاب ولنا نحن نختار الافضل والاحسن مضمونا في حال عرض علينا اكثر من مسودة لنفس الكاتب، لهذا لاننشر الا عنوان وهذا واقع هناك كتاب نجحوا في الخارج عندما نشروا عند دور نشر خاصة كانوا قد قدموا اعمالا لازالت لم تنشر الى الان لغياب الدعم بينما اصحاب الاعمال نشروا على حسابهم ونجحت كتبهم وفازت ايضا
الناشر الخاص هو سند لنا ومعنا،يتغير المشهد الثقافي ويكبر المشروع ولا وجود لمتاجرة بالمشهد الثقافي فيما يخص الناشرين الخواص بل هي سلعة والاشطر هو من يعرف كيف يبيع وكيف يكسب نحن في الوزارة نمنح الكاتب في حال نشره للكتاب 3000دينار تقريبا في حين دار النشر الخاصة تكبده هذا ولكن تضمن له التسويق والترويج والمشاركة وحفلات التوقيع الكتاب بحاجة لمؤازرة من الجميع ودعم
ادارة المطبوعات
ومن السيد محمود انتقلنا للسيد يوسف رمضان موسى مدير ادارة المطبوعات سألناه ما إذا كانت هناك مطبوعات طبعت هذا العام اجاب نعم هناك العديد من الاصدارات قاطعته هل وزعت ونشرت رد بان الادارة قدمت تقريرا مفصلا بعد ما تمت الطباعة والامر متوقف على الجانب المادي اما فيما يخص الرقابة والوصاية
فنحن نطبع ما يتم اجازته وفق قانون المطبوعات ولا نمارس استبدادا وتسلطا ما يجيزه القانون ومواده نقوم بطباعته وتوزيعه ونؤكد انه مالم يخالف الكتاب المعايير واللوائح التي تخص الدين والعقيدة والنسيج الاجتماعي فنحن لا نعارض نشره وهل الناشرون الخواص يضمهم نفس القانون اضاف نعم اتحاد الناشرين الليبيين لا يعتد بكتاب دون التصديق عليه من ادارة المطبوعات واي كتاب اوقفناه فهو يحمل مالا يتمشى مع عاداتنا وديننا ويضرب في العمق.
المراكز الثقافية
انتقلنا في تحققنا من هذه الهموم والمشاكل للسيدة الزائرة محمد بريم مدير ادارة المراكز الثقافية بالوزارة
سالناها عن دور المراكز في نشر الكتاب للقاري وتشجيعه على القراءة وعن دورها في وتغطيتها لكل البلاد اجابت بان ما مرت به الوزارة من مشاكل وما اصدر من قرارات سيادية اثر على دور الوزارة والادارات المراكز الثقافية يعوزها الدعم المادي وينقصها الكثير فالكتاب لا يصلها لاننا لانملك وسائل خاصة لنقل الكتاب لمختلف المراكز في ليبيا حتى مطابع الوزارة لاتملكها فهي تفتقد لمطابع خاصة بها كل ماتطبعه تستأجر مطابعه ولهذا الوزارة بحاجة لدعم حتى تستطع ان تقدم الافضل، والقرارات بالضم والفك ايضا أربك أداء الوزارة وهذا أثر على نشر الكتاب ومضمونه وتوزيعه وخلق قارئا متقاعسا، مثلا لدينا ثلاثمائة مركز ثقافي قمنا بحملة توزيع ما يوجد داخل المخازن من المطبوعات اي ثلاث نسخ من أي مطبوعة وراسلنا المراكز الثقافية لنشر الكتب وكل مركز يعرض ماخصص له استجاب لنا خمسون مركز من ثلاثمائة مركز ثقافي وظلت الاصدارات مخزنة ومعرضة للتلف من عوامل الجو وسوء التخزين.
إتحاد الناشرين الليبيين
وبعد حديث عن المراكز والحملات ووصول الكتاب توجهنا باسئلتنا لرئيس اتحاد الناشرين الليبيين السيد علي عوين والذي بدوره عقب قائلا:
صناعة النشر في ليبيا مرت بمراحل ذهبية في السابق، حيث كانت هذه الصناعة تحضى بدعم حكومي، ثم بدأت تفقد اهتمام الحكومة حتى وصلت أن تخلت الدولة الليبية عن دورها في دعم دور النشر الحكومية والخاصة، حيث انحلت الدار الجماهيرية والدار العربية للكتاب وغيرهما وتوقف دعم باقي المؤسسات التي تصدر منشورات بشكل دوري، وأصبح النشر في ليبيا يفتقد لأبسط مقومات البقاء، فهذه الصناعة إن لم تحضى بالدعم اللازم من الدولة فسرعان ما ستفقد قوتها وأسباب استمرارها.
لماذا يلجأ الكاتب الليبي للنشر خارج بلده؟
رد لكي يضمن انتشار أكثر؛ حيث أن مشاركات دور النشر الليبية في المعارض الدولية ضعيف جدا، نظرا لارتفاع تكاليف التنقل والشحن ورسوم الاشتراك في المحافل الدولية، ودور النشر الخاصة لا تستطيع تحمل تلك التكاليف لغياب تمثيل الدولة الليبية في الخارج وانقطاع أي دعم حكومي، ولأن المشاركات في المعارض الدولية هو تمثيل فقط ولا يرجع بعوائد مالية. .الذي غاب هو دعم الدولة والذي يمثل الركيزة الأساسية، لأن صناعة النشر بالنسبة لدول العالم الثالث ليست صناعة تدر أرباح كبيرة، وإن غاب الدعم الحكومي فلن تستطيع الصمود أمام التكاليف الباهضة التي تقوم عليها.
وماذا عن حقوق الكتاب؟
مسألة حقوق المؤلف مرتبطة بحركة مبيعات الكتب، وللأسف الكتاب في عالمنا العربي لا يحضى بمكانة السلع الضرورية.
حق الكاتب تكفله النصوص واللوائح القانونية، ولكن الإشكالية في ضعف المبيعات.اما عن الوصاية وضوابط النشر فاضاف
أي صناعة في العالم يجب أن تراعي خصوصية البلد التي تنطلق منها، فما يصلح في بلد ما لا يصلح في غيرها، وأهمها المرجعية الدينية والثقافية والاجتماعية، والضوابط شيء طبيعي تحفظ من خلاله ثقافة الشعوب، ولكن تبقى الرقابة مجحفة أحيانا عندما تتدخل فيها أهواء الأشخاص المسؤولين دون إبداء السبب القانوني الصريح الذي يتم المنع بواسطته.
لمن يوجه الكاتب الليبي كتابه ؟
أغلب الكتب الرائجة هي كتب منهجية ومقررة على الطلاب والدارسين، والكاتب هنا يستهدف فئة معينة تستعمل كتابه لغرض الدراسة لا أكثر، وهناك الكتاب الديني الذي يهم الفقه الإسلامي عامةً، والكتب الأدبية بصفة عامة ونظرا لارتفاع تكاليف الطباعة فروادها فئة بسيطة من عامة الناس، وتبقى الأزمة هي أزمة ثقافة عامة باعتبار الكتاب ليس من أساسيات الأفراد في مجتمعاتنا.
كيف ترى مستقبل صناعة النشر في ليبيا؟
نتطلع لمستقبل أفضل في حال تركيز المؤسسات التربوية التعليمية والبيوت على تنشئة الأطفال على حب المادة المكتوبة، وتعويدهم على ثقافة القراءة منذ الصغر بشراء كتب الأطفال والمجلات حتي يتعود النشء على حب الاطلاع والمعرفة.
هل خصخصة هذا القطاع صارت ضرورية لانقادالمشهد الثقافي؟
المؤسسات العامة والخاصة يجب أن لا تلغي إحداها الأخرى، ولكن يجب على الدولة دعم القطاع الخاص من نواحي عديدة أهمها معاملة المكتبات بإجارات رمزية لمحالهم التجارية، وتخفيف أعباء الجمارك والضرائب وتكاليف الشحن، وتحمل بعض النفقات، والدعم المادي الذي يجب أن تتكفل به الدولة اتجاه اتحاد الناشرين الليبيين.
لماذا غاب القاري وشح النقد البناء؟
مسؤوليات وضغوطات الحياة اليومية التي أصبحت ثقلا كبيرا على كاهل المواطن، فتوفير لقمة العيش والكفاف أضحت صعبة في هذا الزمن وهذا التوقيت الذي يمر بالبلاد، والقراءة والنقد يحتاجان إلى بعض الرفاهية الفكرية. عندما يطمئن الإنسان ويشعر بأنه في مأمن سيقبل القاريء وطالما أن المواطن تشغله أساسيات البقاء على قيد الحياة، فلن يلتفت للكماليات الفكرية والثقافية، لأنه ببساطة مهموم بتوفير أسباب عيشه وأسرته، وأيضا تبقى القراءة عادة مكتسبة منذ الصغر، وللأسف في مجتمعاتنا الريعية المعتمدة على الماديات الآنية لا يُنظر للقراءة كوسيلة أساسية من وسائل التطور الثقافي والعلمي.
لماذا الناشرين الخواص يتعاملون مع الثقافة كمشروع ربحي
أكثر من كونها نمط حياة ومشروع كفيل بتغيير المجتمع وتطوره؟
هناك مغالطة كبيرة يُعتقد من خلالها أن الناشر وصاحب المكتبة يجب عليه أن يقدم خدماته مجانا أو بتكلفة رمزية، هذه مهنة كأي مهنة أخرى، وهي مصدر الدخل الوحيد لصاحبها، وهذا شيء طبيعي كأي مهنة أخرى. ومشاريع التطور وركب الحضارة مسؤولية الجميع بداية من الدولة حتى أصغر مواطن سناً، ولا يتحمل صاحب المكتبة والناشر وحده هذه المسؤولية المجتمعية.