أوتار
من أكثر المفاهيم الملتبسة والشائكة على الصعيد القانوني والحياتي والاجتماعي هو مفهوم الحق المكتسب وما يثيره من أشكاليات في الفهم والممارسة، مماجعله مصدراً لكثير من الخلافات والمخالفات، فمن المعلوم من القانون بالضرورة أن الحقوق في مجملها وتصانيفها هي ثمرة للإكتساب فهى تختلف بلا شك عن الحقوق الطبيعية التي يمنحها العلي القدير ، وللتدليل على ذلك فإننا سنجعل قائمة الحقوق بين أفراد الاسرة بإختلاف تراتبياتهم مثلا للتدليل، فمعظمها تنبع من مصدر مكتسب بحكم العادة والتراكم وممارسات السلوك ، فالاب مثلا الذي تعود على معاملة ليّْنة هيّْنة تشيع في أعماقه البهجة والإرتياح من أحد أنبائه له والتي استمرت طيلة زمن صالح لأن تتشكل فيه هذه المعاملة لتصبح حقا مكتسبا للأب، وعليه فأن أي تقصير ولو كان غير متعمد من هذا الابن إتجاه أبيه سوف يواجهه الأب بإستياء من حِّدة وإنتقاد إنطلاقا من أن المعاملة المميزة التي يحضى بها من أبنه صارت حقا مكتسبا لامناص من الإيفاءِ به دون تقصير.
وربما تدمر ذالك الابن وإحتج قائلا : لماذا اكون أنا دون إخوتي عرضة لهذا الاستياء؟
لاشك أن هذا الابن ناسيا او متناسيا أنه قد أكسب أباه حقا مكتسبا لايقبل القصور أو التقصير في إستفائه.
وقس على ما قدمنا وما تمور به الحياة الاجتماعية والسياسية، فالذين احسنوا واسسوا وساهموا في بناء المجمتمعات وكانت لهم بصمات قوية، لصنع مفردات الحياة بالعرق والجهد والمعاناة ، ربما كانوا اكثر الناس عرضة للإنتقاد ومرمى للنقائص.
ذلك لأنهم اسسوا للآخرين حقا مكتسبا لن يتراخوا أويساهلون في التفريط فيه لأنهم يعتبرونه حقا لهم.
….وكما تكتسب الحقوق بالقانون ومضي المدة والأثراء بلا سبب وغير ها من مصادر إكتساب الملكية، فإنها تكتسب أيضا بما تعود به المحيطون بك من صنائع المعروف وطيب الخلق وحسن المعشر ، وسيعتبرون نكوصك على عدم تقديمها إعتداء على حقهم المكتسب