ليبيا من الدول المتوسطية التي حباها الله تعالى بساحل جميل يصل طوله إلى قرابة الألفين كيلو متر، وتتميز بمناخ معتدل، وسطوع شمس وفير..
ومع قدوم فصل الصيف يتجه الليبيون من كل حدب وصوب إلى الساحل الليبي للاستمتاع به، والترفيه عن أنفسهم وعائلاتهم خاصة وقت العطلات..
ورغم عدم اهتمام الدولة بالشاطيء إلا في صورة محتشمة، بتناثر بعض القرى السياحية عليه، والتي أغلبها مملوكة لشركة الاستثمار التابعة لصندوق الضمان الاجتماعي، إلا أن الساحل صار مزدحمًا بالقرى السياحية والمنتجعات الخاصة، وكذلك بالمصائف المؤقته التي يتم تجهيزها خلال فصل الصيف، وهي عبارة عن خيم صغيرة، ومظلات متراصة تحتها طاولات وكراسي..
يتجه الليبيون إلى المصائف والمنتجعات لأسباب متعدَّدة، أولها الترويح عن النفس والاستمتاع بمياه البحر سباحة، وهروبًا من ضغوط الحياة، وفي سنوات سابقة هروبًا من الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، خاصة في فصل تشهد الحرارة فيه ارتفاعًا كبيرًا..
وعلى طول الساحل الليبي هناك بعض المناطق تشهد إقبالًا كبيرًا من المصطافين، نظرًا لصفاء ونقاء مياهها، وللطبيعة الخلابة بها، ومن بينها:-
رأس هلال
تجمع منطقة «رأس هلال الصغيرة» في الجبل الأخضر شرق البلاد بين صفاء الشاطئ وسلسلة الجبال، في منظر يرسم لوحة ساحرة تجسد روعة الشرق الليبي.
تأتي العائلات من جميع المدن القريبة بشكل مستمر إلى هذه المنطقة الخلابة، من أجل الاستمتاع بالطبيعة، والابتعاد عن ضجيج المدن، والاستمتاع بسواحل منطقة الجبل الأخضر.
مصائف بنغازي
تعد الشواطئ من (خشم الكبش) في قمينس إلى (كركورة وجروثة، ودريانه، وجليانه) من بين أجمل الشواطئ في المنطقة، وأكثرها جذبًا للمصطافين خلال فصل الصيف.
تليل بصبراتة
يعد شاطئ تليل بمنطقة مليته، التي تبعد حوالي 68 كلم عن العاصمة طرابلس، من أجمل الشواطئ الليبية، ويوجد به مركب تليل السياحي بصبراتة الذي افتتح عام 2007.
العرعار
تحتوي منطقة العرعار قرب مصراتة على منطقة رملية تتخللها الهضاب الصخرية، حيث يستغلها عشاق السيارات الصحراوية في تنظيم مسابقات الرالي.
مصائف طرابلس
وتمتد من منطقة تاجوراء شرقًا إلى حي الأندلس وقرقارش غربًا.
منتجع غنيمة
افتتح عام 2016، ويشهد اقبالًا وازدحامًا طيلة فصل الصيف، نظرًا لما يمتاز به من موقع وخدمات.
كما يختار المواطنون المناطق المحيطة بمدينة الخمس من بينها منطقة غنيمة للاستمتاع بشاطئ فلفول..
شواطئ خليج سرت
وبها كثبان رملية رائعة، ويرتادها المواطنون من شط بويرات الحسون، وسلطان، والنوفلية إلى شاطئ البريقة.
رأس التين درنة
ويقع شرق مدينة درنة، التي تبعد حوالي 1000 كلم عن العاصمة طرابلس، وتمتاز بإطلالتها على البحر المتوسط في خليج بمبه الوافر بالحياة البحرية.
شاطئ زوارة
يتميز شاطئ زوارة بالنظافة والجمال، ويعد من أجمل الشواطئ الليبية، حيث يشهد إقبالا كبيرا من محبي الاستجمام وممارسة الرياضات الشاطئية.
جزيرة بسيس
في مدينة قماطة تقع جزيرة شاطئ بسيس الساحرة، والتي تعد من الأماكن السياحية في ليبيا حيث تبلغ مساحتها حوالي 6000 متر، ويقصدها محبو البحر للاصطياف.
عرائش وخيام وركام وتشوه بصري بامتياز
ومع وجود هذه الشواطيء الجميلة على امتداد الساحل الليبي، إلا أن مسحا ميدانيا قامت به وزارة السياحة خلال السنوات الماضية، للمصائف المنتشرة على طول الساحل الليبي، خاصة المنطقة الغربية، أكد على أن أغلبها لا تفي بشروط الاصطياف المريح والملائم، فضلا عن تكدس المخلفات والتلوث البصري، والقضاء على روح الشواطىء، فقد قام الفريق المكلف بزيارة الشواطىء على طول الساحل الممتد من زوارة غرباً إلى مصراتة شرقاً، مروراً بشواطىء، ماتشوك، وتيبودا، والكشاف، والمنقوب، وتليل، وصبراتة، وصرمان، وتاجوراء، والقره بوللي ، والخمس ، وبسيس ، وغنيمة ، وصولاً إلى مصائف مدينة مصراتة. واتضح من خلال الجولة الميدانية أن أغلب المصائف ، تفتقر إلى المواصفات الواجب توفرها في المصائف، وبمعايير تلبي احتياجات المواطنين في قضاء إجازات آمنة ومريحة ، وأهمها انعدام وجود وسائل الإنقاذ والسلامة ، حيث تبين خلو المصايف من أبراج المراقبة، وكذلك قوارب الإنقاذ. وأبدى بعض المصطافين ارتياحهم النسبي عن مستوى الخدمات ، مع ملاحظة ارتفاع الأسعار ، بالمقابل انعدام وسائل الراحة ، لاسيما في المصائف غير الثابتة ، وتبين من خلال هذه الجولة ، أن أغلب المصائف غير الثابتة، قريبة إلى العشوائيات باستثناء القرى السياحية، وأسعارها مرتفعة نوعاً ما، ولكنها تقدم خدمات جيدة، كما تحتوي أغلب المصائف غير الثابتة على مقاهي وحمامات غير مطابقة للمواصفات ، ما قضى على روح جمال الشواطىء ، فضلاً عن بناء بعض المباني المستغلة للخدمات كالمقاهي، وإدارات المصائف بالأسمنت، وهو ما يعد مخالفاً للقوانين. كما تمت ملاحظة أن عدم اهتمام من يستغلون الشواطئ كمصائف بالمعايير والمقاييس الخاصة بتوظيف المساحات ، وعدم إلزامهم بنمط معماري معين يضفي على المصائف مظهرا لائقا. ولوحظ أيضاً ، عدم توفر دورات مياه مناسبة، وتستخدم تمديدات المياه والكهرباء بطريقة عشوائية، مع غياب وسائل إخماد الحرائق تماماً، والخيام غير مطابقة للمواصفات التي تكفل توفير الراحة للمصطافين. كما نوه التقرير ، إلى خطورة تمديدات الأسلاك الكهربائية، مع المطالبة بإلزام من يستغلون الشواطىء بإزالتها فور انتهاء موسم الاصطياف، حتى لا تتسبب في كوارث لمن يقصدون المصائف خلال فترة ما بعد موسم الاصطياف. وأوصى التقرير كذلك ، بضرورة إلزام الجهات المسؤولة على تخصيص الأراضي، و التقيد بالمعايير والمواصفات التي وضعتها وزارة السياحة للمصائف المؤقتة، كما لاحظ الفريق الاعتداءات الواسعة على المواقع المخرطة والمهيأة للاستثمار السياحي، لاسيما بالمنطقة الممتدة من الخمس إلى القره بوللي، التي طالت كذلك الغابات والمساحات الخضراء..
الساحل الليبي مصدر دخل مهمل..
ونظرا للظروف العامة التي مرت بها البلاد خلال العقد الأخير، فقد استغل كثيرون غياب الدولة، وقاموا بحجز مساحات من السواحل، وقاموا ببناء استراحات خاصة بهم ومصائف خاصة، ومن ثم تأجيرها للمواطنين بمبالغ مرتفعة، دون أن يتحصلوا على تراخيص من الجهات المسؤولة، ولا يقومون بدفع ضرائب عن ذلك للدولة، حيث يجد المواطن نفسه مضطرا لتأجير خيمة وطاولة وأربعة كراسي بمبلغ يتجاوز المائة دينار، دون وجود لأي خدمات تذكر، وفي هذا حرمان للمواطنين من حقهم الطبيعي في الاستمتاع بساحل بلادهم وبحرها..
ومع تحرك قوة إنفاذ القانون وتنفيذها للقوانين الخاصة بالشواطيء والمسافات المحددة قانونا للبناء على الساحل، حيث قامت بهدم كل المباني العشوائية التي قام أصحابها ببنائها واستغلالها لصالحهم، دون مراعاة للقوانين النافذة، ولا للاشتراطات الواجبة في ذلك، إلا أن الأمر لا زال كما هو عليه، فقد استغل أصحاب تلك المباني المهدمة المساحات الشاطئية في نصب خيم وعرائش، ونثر طاولات وكراسي، تزيد من سوء المنظر العام للساحل، إضافة إلى أكداس الركام للمباني المهدمة، التي لم تتم إزالتها حتى الآن خاصة في شواطيء القره بوللي، ليصبح المنظر تشويها بصريا منقطع النظير..
إن المسؤولية في الاهتمام بالساحل الليبي، والمحافظة على حق الجميع في الاستمتاع به تقع على الحكومة الليبية من خلال وزاراتها ومؤسساتها وأجهزتها المعنية بالأمر..
قوة إنفاذ القانون قامت بعملها.. فأين باقي الجهات؟
فوزارة السياحة عليها تحديد المصائف العامة المفتوحة مباشرة للمواطنين دون استغلال او احتكار من أحد، وكذلك تحديد مناطق الاستثمار السياحي الشاطئية..
وعلى وزارة الصحة والبيئة تحديد الشواطيء الصالحة للسباحة من عدمها، ويكون دور وزارة المرافق والهيئات التابعة لها في إيجاد الحلول المناسبة لشبكات الصرف الصحي التي تصب في البحر بالقرب من الشاطيء، حيث تعتبر مساحات شاسعة من الشاطيء المحاذي لمدينة طرابلس غير صالحة للسباحة ولا للاصطياد، نتيجة تلوثها بمياه الصرف الصحي، ما يتسبب في كثير من الأمراض خاصة الجلدية للمصطافين، الذين يجدون أنفسهم مجبرين على السباحة فيها، هربا من غلاء أسعار المصائف الخاصة، وكذلك من حرارة الصيف الحارقة..
ويأتي دور البلديات في إيجاد أنماط متشابهة وذات جمالية وخصوصية للمصائف بها، وكذلك في جباية الرسوم المترتبة على استغلال واستثمار تلك المصائف من قبل الأفراد والشركات..
وإذ نتحدث عن المصائف وفصل الصيف، فإن البحر لم يعد ملكاً للجميع، بل صار مصدرًا للربح السريع والإثراء على حساب الدولة والمواطن، وصار المواطن البسيط لا يستطيع التمتع بشواطيء بلاده، ولا بحرها..