استصوب عدد من ممثلي الدول الغربية ذات العلاقة بالمسألة الليبية دعوة المبعوث الأممي باثيللي، في إحاطته التي تقدم بها لمجلس الأمن الدولي في آخر اجتماع للمجلس المذكور، ممثلي القوى المتصارعة في ليبيا إلى وجوب التوافق على تشكيل حكومة موحدة تنحصر مهمتها في إجراء الاستحقاق الانتخابي بشقيه الرئاسي والنيابي، على قاعدة مشاركة الجميع واستبعاد شهوة الإقصاء التي يحلم بها البعض ويسعون إلى بلوغها بواسطة القوانين التنظيمية، فلا يكون إليها من سبيل أكثر من إطالة عمر الأزمة والاستئثار بالسلطة وما تحققه من المكاسب التي غدت تُخجل أكثر مما تسر، ليس فقط من حيث استفادة الممسكين بالسلطة، بل السباق نحو الاستقواء بالأجنبي والتنازل له عن الحاضر والمستقبل، فكان ضروريا أن يرصد كل ذي ضمير وطني ليبي هذه اللفتة الواعية وما تنم عنه من إدراك لحقيقة الأزمة وتلمّس الصيغة العملية للخروج منها بالاتجاه إلى العمل وليس التنظير، وإذا كانت طبيعة المهمة تقتضي أن تكون الحكومة المنتظرة محدودة الأعضاء بما يتكفل به أسلوب جمع الحقائب الوزارية في شخص واحد من محدودية العدد والحد من التضارب في الاختصاصات، فإن حصر سلطة الحكومة المنتظرة في تسيير الأعمال وتوفير الخدمات وقبل ذلك حضر الإقدام على أي التزامات جديدة سواء بأوامر الشراء والاتفاقيات المتعلقة بالثروات وحتى السياسات، أي أن الحكومة المنتظرة وإن كانت ستدير بلادنا المستقلة، إلا أن ما أقدم عليه الكثير منا من العبث بهذا الاستقلال والسباق نحو هدر خيراتها وتبديدها في غير طاعة الله، لم يعد أمام المجتمع الدولي الذي لم يعد أمرنا المزري خافيا عليه، سوى أن يضع من القيود ما يتكفل بإعادة العجلة إلى سكتها، وكم يكون عمليا وواقعيا أن تُحصر العملية الانتخابية التشريعية في مجلس النواب فقط، إذ أن المنافسة المفتوحة للجميع تتيح للمجلسين خوض المعركة الانتخابية وتجنب التكرار في مجلس الدولة الذي لم يكن من داعٍ لوجوده سوى إصرار الذين خسروا المعركة على تعويض ما خسروا فابتدع من ابتدع مجلس الدولة وأضاف له لاحقا الأعلى واستبعد فكرة رئاسة أحد أبناء الجنوب له لضمان العدالة بين الأقاليم الثلاثة وفقا للتقليد الذي رافق انبعاث دولة الاستقلال وجُدد في اتفاق الصخيرات، وأعيد بتشكيل الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور عقب فبراير وامتلاك المستشار مصطفى عبد الجليل للقرار برئاسته للمجلس الانتقالي وما أقدم عليه من قرارات حدّت من سياسات رئيس المكتب التنفيذي المرحوم محمود جبريل أبرز الذين تنبهوا لما سارع به بعض الذين ساندوا الانتفاضة من الأشقاء العرب من التدخل السافر في مختلف سياساتنا حتى كدنا نفقد كل شروط السيادة، ونعود إلى حيث بدأنا فنثمّن ما تناقلته الأنباء عن استصواب الأطراف الدولية من اعتبار ما اقترحه المبعوث الدولي باثيللي بتشكيل حكومة موحدة تبسط سلطتها على البلاد قاطبة، فتتولى تنفيذ الاستحقاق الانتخابي تحت الإشراف الدولي شورة ورقابة وصونا من العبث بالمسئولية بحجة السيادة التي لا يرى فيها الكثيرون سوى الفساد والإفساد وخراب البلاد