في منتصف ثمانينيات القرن الفائت .. وبسبب حصار الدول الأوربية بقيادة السيدة أمريكا على ليبيا تلاشت السلع من الأسواق تحت سياسة التقشف والاعتماد على مقدرات الوطن .. فأقفلت المجازر وأصبح بيع اللحوم في الخفاء بين شجيرات طرقات الأرياف البعيدة عن أنظار الحرس البلدي وفي بيوت الجزارين تحت طائلة الخوف ..واختفت بعض السلع مثل التن والأجبان والمربى بجميع أصنافه .. كما تأزم الموقف في الشارع الليبي حيث شهد نقصًا شديدًا في البيض وأكواب الشاي ومختلف البضائع والسلع الأساسية .. وبالمقابل تكدست الدينارات في جيوب الليبيين دون أن يجدوا ما يشترونه .. وانتشرت ظاهرة الأسواق العامة التابعة للدولة وحدث بها وفيها ما حدث من واسطة وسمسرة وإجبار المواطن على تحميل سلع لا حاجة له بها على حساب سلع ضرورية .. كانت فوضى عارمة في الاقتصاد لم تشهدها البلاد من قبل .. متطلبات المواطن من السوق لا تلبي حاجته وحدثت أمور تجارية لا يفهمها إلاّ المختص في علم الاقتصاد .. وبدأ المواطن في ابتكار المواد والسلع البديلة .. تعلم صناعة التن عن طريق تبخير وتبويخ السمك .. وتعلم صناعة الحلوى من السكر والزيوت .. وتعلم صناعة مواد غذائية لا تخضع لمواصفات الجودة مضارها أكثر من فوائدها .. واستطاع اجتياز الأزمة رغم كل شيء ..
الآن يحدث العكس .. تكدس في المواد والسلع والبضائع مع ارتفاع الأسعار .. وبالمقابل نقص شديد في النقد والسيولة .. لك الله أيها المواطن الليبي الصبور .. لك الله أيها المواطن الصامد في وجه الأزمات على مختلف مستوياتها في كل العصور .. لك الله والسلام .