رأي

3 – 3 استراتيجية حافة الهاوية في الدولار-الدينار

د . محمد الشحاتي

في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬فأنني‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬ارجاع‭ ‬المصرف‭ ‬إلى‭ ‬السيطرة‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬خصوصا‭ ‬وكما‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬السفارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬ابتدعت‭ ‬آلية‭ ‬‮«‬الترتيبات‭ ‬المالية‭ ‬المؤقتة‮»‬‭ ‬لم‭ ‬تقدم‭ ‬أي‭ ‬فائدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص،‭ ‬أما‭ ‬بإعلان‭ ‬صريح‭ ‬من‭ ‬البرلمان‭ ‬بالرفض‭ ‬ومنع‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬أو‭ ‬بالقبول‭ ‬المشروط‭ ‬لمقترحات‭ ‬المركزي‭.  ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬استبعاد‭ ‬خيار‭ ‬الانسحاب‭ ‬لعدم‭ ‬الاختصاص‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬أميل‭ ‬له‭ ‬كثيرا‭ ‬شخصيا‭ ‬فهناك‭ ‬خيارين،‭ ‬في‭ ‬الخيار‭ ‬الأول‭ ‬فأنه‭ ‬وإلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‭ ‬الآن‭ ‬فأن‭ ‬المجلس‭ ‬سيكون‭ ‬عليه‭ ‬تحمل‭ ‬الفشل‭ ‬الذي‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬سيحدث‭ ‬نتيجة‭ ‬تفاقم‭ ‬الازمة‭ ‬الراهنة،‭ ‬فاللجوء‭ ‬إلى‭ ‬الاحتياطي‭ ‬لضخ‭ ‬الأموال‭ ‬وإلى‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬مقابلة‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬لمدة‭ ‬طويلة‭.  ‬في‭ ‬الخيار‭ ‬الثاني‭ ‬يمكن‭ ‬للبرلمان‭ ‬الموافقة‭ ‬الجزئية‭ ‬على‭ ‬مقترحات‭ ‬المركزي‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الرسم‭ ‬المفوض‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬البرلمان‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬الرسم‭ ‬المقترح‭ ‬‮«‬27‭%‬‮»‬‭ ‬من‭ ‬المركزي‭ ‬وشخصيا‭ ‬أميل‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬أجمالي‭ ‬التكلفة‭ ‬مبدئيا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬5‭.‬5‭ ‬دينار‭/‬دولار‭ ‬أو‭ ‬‮«‬14‭%‬‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬تتم‭ ‬مراجعته‭ ‬دوريا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬كل‭ ‬ربع‭ ‬سنة‭ ‬مع‭ ‬توفير‭ ‬المركزي‭ ‬بيانات‭ ‬كاملة‭ ‬عن‭ ‬حركة‭ ‬سعر‭ ‬الصرف،‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬ربط‭ ‬مستوى‭ ‬الرسم‭ ‬مع‭ ‬علامات‭ ‬قياسية‭ ‬وهي‭ ‬سعر‭ ‬خام‭ ‬برنت،‭ ‬سعر‭ ‬الفائدة‭ ‬على‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي،‭ ‬معدل‭ ‬التضخم‭ ‬على‭ ‬اليورو‭ ‬الأوربي،‭ ‬وعلى‭ ‬علامات‭ ‬فرعية‭ ‬وهي‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الليرة‭ ‬التركية‭ ‬وسعر‭ ‬صرف‭ ‬الجنيه‭ ‬المصري،‭ ‬وأخيرا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬لجنة‭ ‬محايدة‭ ‬من‭ ‬خبراء‭ ‬المال‭ ‬والاقتصاد‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬المصرف‭ ‬المركزي‭ ‬وشخصيات‭ ‬محايدة‭ ‬يختارها‭ ‬البرلمان‭ ‬لمراقبة‭ ‬التطور‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭. 

وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬والترتيبات‭ ‬ستكون‭ ‬بدون‭ ‬معنى‭ ‬حال‭ ‬استمرار‭ ‬الانقسام‭ ‬السياسي‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬ميزانية‭ ‬حكومية‭ ‬واحدة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬على‭ ‬النخب‭ ‬السياسية‭ ‬الوطنية‭ ‬التصدي‭ ‬له‭.‬

4.8‭ %‬‮  ‬‭ ‬نمو‭ ‬واستقرار‮  ‬‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‮ ‬‭ ‬

ماذا‭ ‬يقول‮ ‬‭ ‬‮«‬‭ ‬البنك‮ ‬‭ ‬الدولي‭ ‬حول‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الليبي‭ ‬2024‮ ‬‭ ‬

فبراير‭ ‬

توقع‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬نمو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الليبي‭ ‬بنسبة‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬4‭.‬8‭ ‬و5‭.‬8‭% ‬خلال‭ ‬الأعوام‭ ‬من‭ ‬2024‭ ‬إلى‭ ‬2026،‭ ‬على‭ ‬افتراض‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬والقطاع‭ ‬النفطي‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وتعويضًا‭ ‬لانكماش‭ ‬بنحو‭ ‬1‭.‬7‭% ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬2023‭.‬

وأوضح‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬عن‭ ‬المستجدات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لمنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬أفريقيا،‭ ‬صدر‭ ‬الاثنين،‭ ‬استقرار‭ ‬فائض‭ ‬الحساب‭ ‬الجاري‭ ‬عند‭ ‬نحو‭ ‬26‭ ‬إلى‭ ‬28‭% ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬خلال‭ ‬المدّة‭ ‬من‭ ‬2024‭ ‬إلى‭ ‬2026‭ ‬بافتراض‭ ‬استقرار‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التوقعات‭ ‬تخضع‭ ‬إلى‭ ‬قدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬والمخاطر‭ ‬السلبية‭.‬

ونما‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬الليبي‭ ‬بأسعار‭ ‬عوامل‭ ‬الإنتاج‭ ‬بنسبة‭ ‬10.5%‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬مدفوعا‭ ‬بشكل‭ ‬رئيس‭ ‬بقطاع‭ ‬الهيدروكربونات‭. ‬وتوقع‭ ‬البنك‭ ‬الدولي،‭ ‬أن‭ ‬يستقر‭ ‬التضخم‭ ‬عند‭ ‬2‭.‬4‭% ‬في‭ ‬عامي‭ ‬2024‭ ‬و2025‭ ‬بفضل‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭ ‬العالمية‭ ‬والتقدم‭ ‬نحو‭ ‬إعادة‭ ‬التوحيد‭ ‬الكامل‭ ‬للبنك‭ ‬المركزي‭.‬

على‭ ‬الصعيد‭ ‬المالي،‭ ‬توقع‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬موازنة‭ ‬حكومة‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬متوازنة‭ ‬تقريبا‭ ‬حيث‭ ‬تتم‭ ‬موازنة‭ ‬تحسن‭ ‬الإيرادات‭ ‬الحكومية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زيادة‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬الأجور‭ ‬والإعانات‭ ‬وجزء‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬المطلوبة‭. ‬وتستحوذ‭ ‬فاتورة‭ ‬الأجور‭ ‬العامة‭ ‬والدعم‭ ‬والتحويلات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬على‭ ‬51‭ ‬و16‭% ‬من‭ ‬الإنفاق‭ ‬الحكومي‭ ‬بالترتيب‭. ‬مع‭ ‬أنّ‭ ‬عائدات‭ ‬النفط‭ ‬ودعم‭ ‬الوقود‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تمثيلها‭ ‬بشكل‭ ‬كاف‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬عندما‭ ‬أنشأت‭ ‬المؤسسة‭ ‬الوطنية‭ ‬للنفط‭ ‬نظام‭ ‬مقايضة‭ ‬النفط‭ ‬بالوقود‭.‬

وعرج‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نصف‭ ‬السكان‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬العمل‭ ‬ينشطون‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬ويعمل‭ ‬معظمهم‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬بنسبة‭ ‬44‭%. ‬ويقدر‭ ‬معدل‭ ‬البطالة‭ ‬بنحو‭ ‬15‭.‬3‭% ‬لعام‭ ‬2022،‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬المعدلات‭ ‬بين‭ ‬النساء‭ ‬والشباب‭ ‬بنسبة‭ ‬18‭.‬4‭ ‬و23‭.‬1‭%‬‭ ‬على‭ ‬التوالي‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬تتوفر‭ ‬تقديرات‭ ‬رسمية‭ ‬للفقر‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬فإن‭ ‬متوسط‭ ‬الإنفاق‭ ‬الاستهلاكي‭ ‬الشهري‭ ‬للأسرة‭ ‬يبلغ‭ ‬3094‭ ‬دينارًا‭ ‬ليبيا‭ ‬‮«‬نحو‭ ‬645‭ ‬دولارًا‮»‬‭.‬

وأصبح‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الخدمات‭ ‬الأساسية‭ ‬مثل‭ ‬المياه‭ ‬أكثر‭ ‬صعوبة،‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الفيضانات‭ ‬في‭ ‬درنة‭ ‬وارتفاع‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬في‭ ‬زليتن‭ ‬وفقا‭ ‬للبنك‭ ‬الدولي،‭ ‬الذي‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬واجهت‭ ‬استجابة‭ ‬حكومية‭ ‬موحدة‭ ‬وفعالة‭ ‬للفيضانات‭ ‬ألقت‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬هشاشة‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭.‬

كما‭ ‬يهيمن‭ ‬قطاع‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الليبي‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬غير‭ ‬متنوع‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬قطاع‭ ‬عام‭ ‬متضخم،‭ ‬حيث‭ ‬يمثل‭ ‬قطاع‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬60%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي،‭ ‬و94‭% ‬من‭ ‬صادرات‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات،‭ ‬و97‭% ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الإيرادات‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭. ‬أما‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬فهو‭ ‬متخلف‭ ‬ويوظف‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬14‭% ‬من‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭.‬

‮ ‬وأضاف‭ ‬التقرير‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬تزل‭ ‬المنافسة‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الثروة‭ ‬النفطية‭ ‬والسعي‭ ‬وراء‭ ‬الريع‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إضعاف‭ ‬صحة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وثقة‭ ‬المواطنين،‭ ‬حيث‭ ‬تظل‭ ‬التحديات‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬ليبيا‭ ‬وفقا‭ ‬للتقرير،‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬حل‭ ‬سلمي‭ ‬للانقسامات‭ ‬السياسية،‭ ‬وتحسين‭ ‬الإدارة‭ ‬الشفافة‭ ‬والفعالة‭ ‬للثروة‭ ‬النفطية،‭ ‬وإعادة‭ ‬بناء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وتنويعه‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى