هل فعلا الخصخصة هي الحل … ولا طريق للتنمية المستدامة والرفاه الا عبرها ؟
عادة ما تلجاء الحكومات للخصخصة بهدف تخفيض العجز نتيجة لسوء إدارتها لاصول واستثمارات الدولة، فتبيع بعض أصولها حتى تظهر جداول الموازنة انخفاضا في حجم عجز الموازنة أو تقلل من الاستدانة )الدين العام(.
ولكن بعض الدول الغنية التي تفشل في إدارة الإنفاق الاستثماري العام (مثل ما حدث في ليبيا بفترة سابقة) تلجاء لخيار الخصصة للتنصل من لعب دور الاب بالنسبة للأسرة، في خطوة اعتراف ضمني عن سوء إدارة المال العام والفشل في تحقيق قيمة مضافة موجبة لـ “GDP”، وهذه خطوة جيدة إدا تمت إعادة تقييم المشاريع القائمة بالشكل الصحيح، ومن تم اقرار خصخصتها او تصفيتها، ومن تم منح الفرصة للمستثمر المحلي للمساهمة في تنمية الاقتصاد، وذلك لتجنب تسرب العملة وزيادة فجوة الانكشاف الاقتصادي للدولة.
هل سياسات التكييف الهيكلية للاقتصاد هي الحل؟
لحظة … أحدى هذه السياسات هي الخصخصة وتخفيض قيمة عملة البلد وغيرها… وهذه السياسات دائما ما تمليها بعثات ومندوبي الامم المتحدة والمؤسسات الدولية مثل IMF في أول فرصة تتاح لهم بالدول النامية. #ولكن … في الواقع هي ليست لهدف مساعدة اقتصادات تلك الدول، فمثلا عندما تنخفض قيمة عملة البلد المحلية ينخفض معها كل شئ قيم فيها، وهذا ما يجعل الموارد الاصلية متاحة للبلدان المفترسة “عبر بوابة صندوق النقد الدولي ومندوبي الامم المتحدة” بسعر بخس من قيمتها الاصلية. فخصخصة “Privatization” الشركات المملوكة للدولة، هذا يعني ان الانظمة والمؤسسات المهمة اجتماعيا يمكن ان تباع وتشترى من قبل الشركات الاجنبية من أجل الربح.
- فما حدث … في عام 1999، من اصرار البنك الدولي على أن تبيع الحكومة البوليفية المنظومة المائية العامة لثالث أكبر مدينة فيها، لمؤسسة تابعة للشركة الامريكية “Bechtel”، خير دليل، فما ان حدث هذا ارتفعت فاتورة الماء كالصاروخ للسكان المحليين الفقراء أصلا. مما ادى الى ثورة شعبية كبيرة أدت الى الغاء العقد مع الشركة.
- وكذلك ما يحدث … خلال العقد الاخير (2010- 2020) بالاقتصاد التركي التي وقع فريسة دول الأتحاد الأوربي حيث أفرضت في الاقتراض من المؤسسات الدولية، ومن تم خصخصت كل شيء وأصبح أقتصادها مرهون لدى دول الاتحاد الأوربي، مما ترتب عليه عجوزات خارجية ضخمة وفوائد كبيرة تقترب من تريليون دولار وبطالة وانهيار قيمة الليرة.
- وبكل تأكيد … ما حدث في ليبيا من اصلاحات استيفاني ويليمز 2017 التي غلفت بصرف دعم نقدي للمواطن المحلي، فلم يطبق منها الا خفض قيمة العملة المحلية، والتي جعلت كل شيء بخس لهم ومرتفع جدا على المواطن الليبي، وبالتالي انتهز الاجانب ذلك وقاموا بابرام صفقات ضخمة في شراء مساحات شاسعة من الاراضي الليبية باسماء مستعارة، وكذلك شراء عقارات كثيرة جدا في العاصمة طرابلس وغيرها.
- ويبرز مما سبق السؤال الملح التالي: بعد فشل الاقتصاد الاشتراكي في ليبيا، هل الرأسمالية هي وصفة العلاج ولا مفر منها، للاجابة على هذا السؤال دعونا نستعرض سر نجاح الاقتصاد الألماني …