تسعى كل دولة لإثبات عمق جذورها..مثل اكتشاف مدينة تعود لحضارة «المايا» في غابة..ومعبد مدفون في إيطاليا..ومومياء في بحر اليابان..أما من جهة سرد سياق الأحداث؛ فهي تخضع بنسبة كبيرة لميول المؤرخ وانحيازه..فقد يتم عمدًا اغفال معلومات ذات أهمية تُسهم في اكتمال الصورة..ليظل السؤال القائم مَنْ يَكتب التاريخ؟..ومن ثم يقودنا هذا إلى مسألة الموضوعية والتجرّد..بعيدا عن أدلجة التاريخ أو اضفاء الرسمي عليه..وهل يفرّق المؤرخ بين التاريخ والدعاية..خاصة إذا نظرنا إلى أهمية كتابة التاريخ وتأثيره في ترسيخ الإنتماء وتشكيل الهوية وحفظ كيان المجتمع.. وهنا تعد قارة أفريقيا وفقًا لعلم الحفريات القديمة مكانًا لنشوء الجنس البشري بعد تطوره منذ 5 إلى 8 مليون سنة..في حين يعود أول سكان أوروبا إلى ما بين 1.2 مليون و 600 ألف عام..والكل يعلم أن أفريقيا كانت تسمى ليبيا ولليبيين آثار تدل على عيش البشر في هذه الأرض منذ عصور موغلة في القدم..حتى أن علماء أطلقوا على أحد كهوفها اسم أم العالم..أي قبل مجيء الفينيقيين والاغريق والرومان وحتى من سبقهم..
اليوم يتم أستخدام تقنية تشمل معدات محمولة جوا لمسح المناظر الطبيعية بآلاف من نبضات ضوء الليزر كل ثانية والتي يمكن أن تكشف تفاصيل مخفية أو منسية..وهذا ما قد نحتاجه للمرور فوق الساحل والجبل والصحراء..خاصة في ظل تناقضات كبيرة ومغالطات كثيرة عند تناول التاريخ الليبي القديم حتى في الموسوعات التي يلجأ إليها البحاث والدارسين..كما أن منظمة اليونسكو تعتمد آثار قادمين لبلادنا كمحميات تاريخية في حين أن هناك غيرها أقدم ولم تنل حقها من التأريخ وإماطة اللثام..مثلآ تشابه الرسومات القديمة الموجودة بكثرة في الكهوف والمغارات الليبية مع غيرها القليلة الموجودة في أمريكا الشمالية..وكونها الموطن الأصلي للفهد الأفريقي والفيل الأفريقي..وليس هناك تفصيل تاريخي حاسم ودقيق يضاهي الزي الليبي..مع العلم إن أقدم عشرة مدن في العالم لا يوجد بها واحدة ليبية حسب تصنيف اليونسكو..
وفي ظل أية تجاذبات قد تطرأ بين أطياف الشعب الواحد لأسباب سياسية..وكما يقال إن المنتصر هو من يكتب التاريخ..لذلك للدلالة على إنتصار كل الليبيين لابد من سبر اغوار التاريخ الليبي منذ المهد وليس من منتصف الطريق..فهو الحائط الذي تستند عليه الأجيال حفاظا على النسيج الإجتماعي..إنها دعوة لحماية ظهورنا بعد إزاحة الغبار عن الجدار المنحوت عليه عبارة من ليبيا يأتي التاريخ..