السيدة العظيمة الراحلة خديجة الجهمي الباعثة للإبداع النسائي فنًا، وشعرًا، وصحافةً، وإعلامًا وسياسةً .. الرائدة في كافة :
«مجالات التحضر»
كانت خديجة الجهمي تسعى بين الشرق والغرب والجنوب تصنع الحياة .. في الواقع أن اسمها الحقيقي هو «بنت الوطن» فقد كانت كذلك .. عندما كانت صبية ارسلت رسالة لـ«موسوليني»، وقالت له : )اخرج من ليبيا( .. مشاعرها نحو وطنها وشعبها عميقة منذ طفولتها. أسهمت في دفع المرأة نحو التعلَّم، والعمل، والإبداع.
كتبت أ. أسماء الأسطى:
)كل ذلك يقع في بال امرأة مسكونة بروح الحياة، امرأة ذات قلب حي، ويقين راسخ بأن استتباب المجتمع يقع على عاتق الطرفين الرجل والمرأة، وبأن دورها الريادي لا يقل عن دور الرجل، خديجة التي قالت كل شيء كانت تترجم تلك المشاعر المحتبسة في كينونتها في نصوص غنائية عميقة، أطربت بها مسامع من تهفو قلوبهم إلى المحبة والسلام ..(.
كتبت السيدة خديجة الجهمي أكثر من ثلاثين أغنية كان أشهرها أغنية تغنينا بها ونحن صبيان )نور العين والجوبة بعيدة( لأغنية كانت قريبة لجيلنا ومن أول ما تغنينا بها وعاشت هذه الأغنية معنا منذ 1957 إلى يومنا هذا .
قالت فيها بنت الوطن خديجة الجهمي :
نور العين والجوبة بعيدة
حن القلب لوهامه يريده
لوهامه وحبه يحلم بيه
بأيامه بقربه
سألتُ مثقفين ومتعلمين عن معنى كلمة )جوبة( .. لم يعرف أحدٌ وهي الكلمة التي اشتهرت بها الأغنية .. كيف اختارتْ المبدعة خديجة الجهمي بذكاء لفظ )الجوبة(، والتي تعني المسافة البعيدة بين البيوت والنجوع و كلمة )الجوبة( كلمة غير مستخدمة في كلام النَّاس .. ثم أبدعتْ تلك الصور الشعرية دقيقة التعبير : )حاله حال من فارق وليده .. من فارق ضنينه .. يبكي دوم متزايد حنينه(.. لحنها وغناها الأستاذ الفنان الكبير حامي التراث الشعبي الغنائي وصانع الأغاني الخالدة المبدع «محمد مرشان» اختار بعض أنغامها مما هو متداول شعبيًا وأخرجه لحنًا بديعًا في غاية الكمال.. على مقام البياتي .. يتبادل فيه الأداء مع المجموعة الصوتية كورس رجالي وآخر نسائي ربما من أوائل الأغاني العربية التي يستخدم فيها «الهرموني» المزدوج بين الكورس والموسيقى والمطرب .. أغنية ثورية في وقتها، وفي وقتنا الحالي..
رحم الله السيدة خديجة، والأستاذ مرشان