استكمالا لرؤيتنا عن المشالكل التي تقف حائلاً أمام استمرار الحركة الفنية وحيويتها نتوقف عند آراء بعض الكتاب والإعلاميين ووجهة نظرهم بالخصوصالبداية كانت مع الكاتب عبدالعزيز الزني الذي شاركنا الحديث عن المسرح والاستمرارية قائلاً : الاستمرارية في عملية الإبداع أساس مهم، يترتب عليها الكثير .. الاستمرارية أساس لكل شيء نتوجه إليه كي يثمر و إلا سيقف عند حد معين .. العمل المسرحي كثقافة مستجلبة من وراء الحدود، ولأنه كذلك لم يعرف استمرارية على الإطلاق، و قد مّر على استنباته عندنا، عقود عدة وأصبح بيننا الكاتب والممثل و المخرج، و باقي عناصر التكوين أقيمت المهرجانات، وتحت عناوين شتى. كم تجاوز عددها ؟، لو قام «شاطر» بعملية حسابية لربما اتضح لنا أن هذه المناسبات تقام كل خمس، أو سبع سنوات مرة، وهي عادة ما تضطلع بها «الحكومة» بعد هذ العمل المسرحي وكان منهم مجهودات كبيرة في هذا الاتجاه وكانت العروض تتولاها فرق خاصة، أحب المنتسبون إليها ..
العمل المسرحي وكان منهم مجهودات كبيرة في هذا الاتجاه و وفقوا في تقديم عروض ناجحة لقيت إقبالاً كبيراً و صُفق لها طويلاً ثم كان و لأسباب عدة، يعقب العمل والذي قد يعرض ليلية واحدة، أو بضعة ليالٍ، بعدد في الغالب محدود من المشاهدين، أمد طويل من الركود وهذا بسبب عدم وجود المقر اللائق ،غياب الدعم المادي تسرب الأعضاء، انتفاء مساندة حقيقية من المشاهد حين وجوده غياب العنصر النسائي ويترتب على هذا نتائج سلبية عدة منها ضِعف العلاقة بين الفن المسرحي، والمشاهد أو انتفائها، ندرًا ما يكتب في الصحف و المجلات عن المسرح، وبالتالي انتفاء، أو ندرة الدراسة النقدية الواعية للعمل المسرحي، وعناصره؛ فغياب الاستمرارية كما أتضح تنعكس سلباً على المجال المسرحي بشكل ملحوظ …
من المعروف ندرة وجود النص المسرحي متكامل الأركان وندرة الدراسات النقدية الواعية تلك التي تتناول العروض المسرحية بالنقد والتحليل والحال عندنا وكون العمل المسرحي نشاطاً تتعامل معه الجهات المسؤولة بحذر وربما رحبت بغياب بسبب ما يرافقه عادة من مشكلات ومنغصات هي مَجْلبة للقلق والتوتر؛ فكانت الندرة ويلاحظها حتى غير المتتبع، ملازمة للنشاط المسرحي منذ بدايته حتي اللحظة وشملت هذه الندرة بسلبيتها كما أسلفنا عناصر العمل المسرحي ولكن هذا لا ينفي وجود من تناولوا عددًا من العروض المسرحية بالدراسة والتحليل موضحين ما يتصل بالمعالجة .
الدرامية والبناء الفني ما أدى إلى إيضاح العديد من الجوانب المتصلة بالعرض المسرحي مركزين على النص.
و قد نجد أهم ما رأى ضرورة توضيحه فيما يصل بوجهة نظره ونرى هذا عند الكاتب الأستاذ البوصيري عبد الله إذا تولى هذا في مقدمة نصه )تحولات( التي نشرها مؤخراً، في كتاب ضم ثلاثة نصوص مسرحية على نفقته الخاصة .. و ايجابية هذا الذي اخذ به الأستاذ البوصيري يتمثل في الأخذ بيد القارئ نحو الوجهة الصحيحة، لاستيعاب النص، ومن ثم للقارئ أن يُكوّنَ رأياً خاصاً به إذ ليس ما يمنعه وهذا أقصد الذي قام به الأستاذ البصيري كان مثمراً وأفادني كقارئ إلى حد بعيد .
وكذلك كان معنا الكاتب والقاص والمهتم بكتابة السيناريو أمين بورواق شاركنا قائلاً :
موضوع النقد الفني هو نظرة متخصص في مجال ما ليبدي رأيه حول موضوع في مجال تخصصه لظهر لنا الجيد والرديء، فما تم انتقاده إبدا الرأي فيه، والمشكلة التي نعاني منها في النقد بصفة عامة وفي شتى المجالات و استسهال النقد الذي تلاعب به من شاء من أنصاف أو أرباع المثقفين وصار لدى البعض موضوع أهوائهم ومولهم كما نجد المواطن العادي يبدي رأيه ونقده دون خجل في بعض مثل الأمور الدقيٌقة كالهندسة والطب …
أما فيما يخص المجال الفني أعتقد أنه ليس لدينا العدد الكافي من يستحقون أن نطلق عليهم نقادًا؛ فأغلبهم متابعين للوسط الفني سواء أكان مسرحًا أم تلفزيونًا أم موسيقى أم كتابة ليبدي كل منهم آراءه حول موضوع ما بحكم خبرة متابعته لهذه الفنون.
النقاد في بلادنا وفي بعض الدول الأخرى قلة، أما بالنسبة للمتخصصين الغالبية تجدهم مستبعدين عن مهرجاناتنا ومسارحنا واحتفالنا لأنهم بحكم تخصصهم انتقادات لا تروق لهم لأنها تظهر عيوبهم يريدون من يجاملهم ، ليعلن في الصحافة أن ذلك المهرجان ناجح وتلك المسرحية عظيمة والمطرب الفلان كان يصدح بصوت في منتهى الجمال نقد بناء ونقد هّدام وهذا رأي شخصي قد يخالفني فيه الكثيرون كذلك أنا عندي رأي حول كلمة )نقد( فالنقد نقد سواء أظهر ايجابيات العمل أو سلبياته المهم أنه سلط الضوء وحلل العمل وأظهر جميع ما فيه كذلك في مجتمعنا وثقافتنا البائسة ما يعرف بـ «الشخصنة» حيث نرى أن كل من يظهر سلبيات… أي عمل نتهمه بأنه تطاول وهاجم العمل، و نيظر إليه وكأنه عدو يحاول إفشال العمل ومحاولة زعزعة نجاحه .
صحيح لا نسمح إلى شخص بأن ينتقد إلا إذا كان متخصصاً لذا إذا كنا نريد نقدا تحركه ولا تؤثر فيه العاطفة والمجاملة بقدر ما يحركه العقل والمنطق أعلم أن هذا صعب قدر ما يحركه العقل والمنطق في البداية ، ولكن إذا استمر فستكون له نتائج إيجابية على مر الأيام .
النقد بصفة عامة في المجالين الأدبي والفني في بلادنا ضعيف، ونعاني من قلة النقاد المختصين، وهو قليل بشكل اكبر في المجال الفني ، حيث يمكن أن نجد قراءات نقدية في القصص والروايات، نادرًا ما نجد نقدا فنيا لعمل غنائي، أو مسلسل أو مسرحية.
وهو نادر جدًا في الفنون التشكيلية .
من الشخصيات الأدبية كان معنا الأستاذ مفتاح قناو الذي شاركنا الحديث قائلاً :
أهم من كتب النقد الفني في بلادنا وكان مواكبًا لظهور الأعمال الفنية الجديدة الكاتب المرحوم سليمان كشلاف والكاتب المرحوم محمد أحمد الزوي، والكاتب الأستاذ أحمد عزيز، والمرحوم الأستاذ عبد الله هويدي وهؤلاء كتبوا نقدًا حقيقيًا موازيًا للأعمال الفنية الجميلة التي عاصروها في المسرح والموسيقى وباقي الفنون.
حاليا الإنتاج الفني ضعيف جدًا، نتيجة التوقف النهائي للمسرح وتوقف قسم الموسيقى بالإذاعة الوطنية عن إنتاج الأعمال الجديدة ، واقتصار الإنتاج الفني على بعض المسلسلات الرمضانية التي يعاني اغلبها من ضعف البناء الدرامي.. لذلك فإن ضعف الإنتاج الفني التلفزيوني وانعدام الإنتاج الغنائي «إذا استثنينا غناء فرق الاعراس الشعبية» وتوقف عمل المسرح ، كل هذه العوامل تعطي نتيجة واحدة هي توقف النقد الفني، لأن النقد الفني لا بد أن يواكب حركة فنية مزدهرة، غير متوقفة.
كما شاركنا الحديث عن النقد الفني معنا الكاتب والاديب يوسف الفاندي الذي تحدث بكل توضيح وتفسير كيف انه يعد ركنًا اساسيًا وقال :
يعد النقد ركناً أساسياً في العملية الإبداعية سواء فيما يتعلق بالأجناس الأدبية، أو الأعمال الفنية المسموعة، والمرئية لأنه يمثل الجانب المهم في قراءتها وتحليلها. ولا شك أن النقد له دور كبير في التطوير والتوجيه معاً لموضوع النص الفني، وكذلك لأداء وحركة الفنانين ورؤية المخرج لنقل النص المكتوب إلى مشاهد سمعية وبصرية تتطعم بالموسيقى والمؤثرات الفنية الأخرى .. وفي ليبيا ظهر العديد من النقاد في المجال الفني خاصة في التصدي للأعمال المسرحية مثل سليمان كشلاف، والراحل الاستاذ عبدالله هويدي، والبوصيري عبدالله، ومنصور بوشناف، وفي الأشرطة السينمائية مثل رمضان سليم، ولؤي بوغرارة رغم ندرة الانتاج السينمائي الليبي.. لا شك وبالرغم من غزارة الإنتاج الفني العربي فقد تمكن النقد من الحضور الدائم وخلق جسر تفاعلي مع النص والجمهور، وذلك للارتباط الوثيق بين النقد وإنتاج الأعمال الفنية الإذاعية والمسرحية والسينمائية، ولكن في ليبيا ظلت العملية الانتاجية تتسم بالندرة والقلة وكذلك بالموسمية الزمنية سواء الخاصة بالمهرجانات المسرحية والموسيقية أو البرامج الرمضانية، وبالتالي فإن قلة الانتاج الفني أدت إلى قلة النقد ومن ثم غيابه كلياً، وعدم ترسيخ حضوره بشكل أساسي في الأعمال الفنية وهو ما نرصده طوال السنوات الماضية في المشهد الفني الليبي، الأمر الذي يعد خسارة كبيرة لجميع الأطراف المشاركة في انتاج العملية الابداعية الفنية.
ولا بد من الإشارة إلى أن غياب المهرجانات الفنية المدرسية والجامعية سواء أكانت الموسيقية أو المسرحية أو الفنية يؤثر سلبياً بشكل كبير جداً على مضامين الأعمال الفنية بها وكذلك على النقود الفنية التي تصاحبها للعمل على توجيهها وتطويرها وإبراز جمالياتها وسلبياتها. ولذلك فإن النقد لن يكون حاضراً إلا بعودة هذه المهرجانات الفنية بالإضافة إلى زيادة إنتاج الأعمال المختلفة سواء الإذاعية المسموعة أو المرئية التلفزيونية أو المسرحية أو السينمائية. كما أنه لا بد من تنظيم ورش عمل لتدريب الكتاب على المناهج النقدية وكيفية التعاطي مع الأعمال ونقدها بشكل فني مدروس ولا يقتصر ذلك على القراءات الانطباعية التي تتسم غالباً بالمجاملة والمحاباة.
- ومن الفنانين شاركنا الفنان القدير الهادي البكوش برأيه وكيف يعد من أساسيات تطور الدراما قائلا :
بالعكس هذا موضوع مهم ويخدم صناعة الدراما؛ النقد الفني من أساسيات تطور صناعة الدراما ونحن محتاجون كثيرًا للنقد البناء الذي يخدم العمل الدرامي ولكن للأسف لا يوجد نقاد بالمعنى الحقيقي للنقد .. وربما الموجود هو انتقاد اكثر من انه نقد النقد يعتمد على الخبرة وقراءة مستفيدة للعمل الدرامي من كل ابعاده ابتداءً من اركانه الثلاثة :
النص والإخراج والإنتاج وصولا إلى عناصر الانتاج من ممثلين وفنيين تقنيين إلى مستلزمات العمل الدرامي من اوكيشن وديكورات وملابس واكسسوارات كل هذا مهم بالنسبة للنقد الفني ومدى المامه به بينما ما يحدث الآن ليس بالنقد الصحيح هناك نوعان من النقد الآن.. منهم من ينتقد بحسب معرفته وتخصصه كان ينتقد كاتب و كاتب اخر او ممثل ينتقد زميله او مخرج ينتقد مخرجًا وهنا يكون النقد اما ان يكون فعلا يتناول المنتقد لمعرفة الناقد بهذه المهمة او يكون مجادلة لإثبات بأنه الأفضل لو حل محله او تدخل أمور أخرى كالغيرة والحقد والهوية وهذا لا يعتبر نقدًا بل انتقاد هدام عموما نحن في حاجة لنقاد مثل احمد عزيز ولؤي ابوغرارة وغيرهما ممن ابتعدوا عن المجال.
الحركة الفنية في ليبيا لم تستطع أن تنجب ناقدًا متخصصًا وهذه دعوة للشباب أن يحاولون دراسة منهجية النقد.
شكرًا للصحيفة على تناولها لهذا الموضوع المهم نحن في ليبيا برز بعض المخرجين الشباب وبعض الممثلين الشباب وبعض التقنيين الشباب الذين استطاعوا ان يثبتوا مقدرتهم وتفوقهم ولكننا محتاجون لعناصر أخرى مهمة للرفع بالحركة الفنية وهي من نفتقدها الآن ومنهم الناقد المتخصص وايضا نحتاج للمنتج الفني المتخصص ومشرف عام الانتاج المتخصص ومديري الانتاج المتخصصين حتى تكتمل حلقة صناعة الدراما الحقيقية.. شكرا لكل الشباب الصادقين والمميزين في صناعة الدراما بليبيا الحبيبة
وشكرا لكل قلم صادق وصحفي مجتهد عمل على خدمة هذه الصناعة .
– وشارك الاعلامي القدير أستاذ عبد الفتاح شعماش قائلا :
النقد الادبي هو تذوق الفن بحد ذاته بمعنى أن الناقد يرى العمل الفني رؤية صحيحه بحيث يفسره للمتلقي ويكشف له مضامينه الجميلة باعتباره قراءة وتحليلًا شاملًا للعمل الفني من كل جوانبه
النقد الأدبي هو دراسة العمل الفني من حيث العمل والتصميم والأسلوب ويكتبه الناقد ويقرأه الفنان كما يقرأه القارئ العادي وقد يصل هذا النقد بين الفنان والناقد إلى حد الخلاف بسبب تضارب الآراء بعدم رضى الناقد على العمل أو عدم رضى الفنان على رأي الناقد وهذا يقودنا إلى مقارنة بين النقد في القدم والنقد الآن حيث كان النقد في السابق متمركزًا فقط على الصحافة والاعلام صحبة متخصصين في هذا المجال أما الان فنجد أن هناك العديد من النقاد الذين يمتهنون هذه الصفة فقط لأنهم يتمتعون بميزة الجرأة في الحوار وحفظهم لبعض المفردات الصحفية والاعلامية والفنية مع كامل احترامنا لأصحاب المهنة الحقيقين وهذا ما يؤثر سلبا على الفن الحقيقي لما يصحبه من إحباط للفنان عندما يعطى الشيء لغير أهله.
- وكذلك شاركنا برأيه الفنان القدير رمضان كازوز الذي تحدث عن الموضوع بكل اسهاب قائلا :
بالنسبة للنقد الفني يوجد لدينا نقاد ولكن على استحياء يستمعون ويشاهدون الاعمال جيدها والسيء فيها ولكن لا يتكلمون عن ذلك ولا يكتبون ومن أساسيات نجاح أي عمل فني هو نقده سلبا او ايجابا دون مجاملة لاحد فقط يجب ان يكون الناقد ملمًا بالشعر الغنائي ومتابعًا له وكذلك ان تكون له دراية بالعلوم الموسيقية من مقامات وطبوع واوزان والوان مختلفة ومن اهم ما نحتاجه في النقد اليوم هو الطابع واللون الليبي الذي يجب ان تكون عليه الأغنية الليبية وكذلك يجب الحديث عن أشباه الملحنين ممن لا تجد لهم لونًا في الحانهم ولكنهم يقتطعون جملًا موسيقية من اعمال وألحان لفنانين اخرين ويطلقون على ذلك اسم لحن وهذا تعدٍ عن اجتهاد واعمال المبدعين يستحق التنبيه عليه، وكثيرا هي الاعمال المأخوذة من غيرها سواء بقصد او بعدم دراية او تأثر لدرجة ان يختفي الملحن الذي اخذ لحن من غيره او جملة علما بان من يصل ويأخذ من غيره في لحنه يعتبر العمل مسروقًا.
وهناك ظاهرة اخرى وهي وضع كلمات جديدة على لحن شعبي قديم او عمل مشهور ويكتب عليه الحان فلان وتوزيع فلان؛ ايضا هناك من يكتب توزيع فلان والعمل لا يوجد به توزيع فقد تم تنفيذه على سنتره في خط واحد ويسمى موسيقيا الميلودي ..في الوقت الذي يكون فيه التوزيع في خطوط اخرى تصل إلى ثلاثة خطوط مثلا خط للكمناجات وخط للتشيلو وخط لأآات نحاسية . اضافة الى خطوط الصولوهات للآلات الفردية وعلم التوزيع علم بذاته هناك التوزيع الآلي والتوزيع الهرموني، وتوزيع الأصوات البشرية التي نسمعها في خطوط تختلف في ادائها وبشكل تتوافق فيه نغمات التوزيع دون التأثير على ميلودي أو اساس الحن.
الحديث يطول في هذا الموضوع وكم اتمنى ان تكون هناك شعبة للنقد الموسيقي في كليات الفنون والمعاهد الموسيقية في معهد جمال الدين الميلادي في طرابلس ومعهد علي الشعالية في بنغازي ومعهد الفنون بسبها كما اتمنى أن تتأسس لجنة بقسم الموسيقى من أساتذة قدماء لهم خبرة ويحفظون الاعمال الغنائية قدميها وحديثا لتقييم اي عمل قبل تسجيله وبعد تسجيله بقاعات التسجيل الموسيقية حتى لا يقع اي ملحن في شبهة السرقة او اخذ اي جملة موسيقية من غيره .