قراءة في رواية ..
تدور فكرة الرواية حول فَقْد الإنسان لجوهره، وتوقه إلى استعادة ذاته، بعد أن يتغلب على العوائق التي شوهتْ حياته، متمنيًا أن يكون العمر الآخر أكثر جمالًا.
أما الغلاف فهو عبارة عن لوحة تشكيلية بنمط واقعي، تشير مباشرة إلى أحداث الرواية، فتبدو كأنها شخصية تعاني حالات الخيبات والحزن والانكسار، تحتضن حلمًا بعيدًا كالسراب، كما هيمن اللون الأسود على الصورة، وهذا ليس بالصدفة، بل جاء متلائمًا مع رؤية السارد الخاصة للحياة.
بدأتْ الرواية في صفحتها الأولى بتأمل الغريب للأماكن والشوارع والأرصفة والنَّاس سردًا وظّف فيه السارد توظيفًا بتقنية عالية لسيّد الضمائر )الضمير الغائب(، في قوله: )غريب هو عنها اليوم كما هي غريبة عنه(؛ ليتوارى خلفه فيمرَّر ما شاء من أفكار، وأيدلوجيات، وآراء، وأيضًا ليجسّد الأسطورة من الناحية الشكلية عندما قال :)إذا وهبتك الحياة سرّها عانقها .. ثم اكتب أسطورتك…(.
ترسم رواية )عمْر آخر( حياة الطالب العسكري «أيوب»، واختيار السارد لاسم أيوب ليس اختيارًا عشوائيًا؛ وإنما لتحلّي الشخصية بالصبر على ما يبتلي الله به عباده كصبر سيدنا أيوب عليه السلام.
يلتحق أيوب بالأكاديمية العسكرية للهندسة الجوية في «سراييفو»، ويعيش قصة حبه لـ«ماريا»، الحب الذي فرّقته الحرب، وقبل أن تفرقه الحرب حطّمه «ميروسلاف»بقرار هجرته مع أسرته إلى كندا، وبعد مُضي أشهر قليلة من هجرة «ماريا» تحين عودة أيوب إلى الوطن «ليبيا»، وما هي إلا أسابيع ليجد نفسه جنديًا مشاركًا في حرب )تشاد( ليقع أسيرًا مهزومًا وغريبًا، وغربته هذه المرة غربة جبرية.
- بكل احترافية فنية انتقى«عمر عبد الدائم» الأحداث )الواقعية، والخيالية( التي شكّل بها نصه الروائي، فهو صاحب المخزون الثقافي والخيال الفني مما جعل الرواية شيئًا مميزًا، مختلفًا عن الوقائع في عالم الواقع.