مؤشر انتشار ظاهرة التسول في الآونة الأخيرة بليبيا مرتفع بشكل كبير جدًا مقارنة بالأعوام الماضية هذا ما أثبتته الدراسات بشكل عام فالمسببات ازدادت، وارتفاع مستوى المعيشة والغلاء الكبير في أسعار السلع الضرورية أمر زاد من استفحال الأمر وتفاقم المشكلة، وقد اعتبرت بعض التقارير والدراسات التي أجريتْ مؤخرًا أن ظروف الدولة الليبية خلال السنوات الماضية والحروب والتناحرات الداخلية سبب ومؤشر كبير على ازدياد حالات التسول؛ بالإضافة إلى أن احصائيات دخول الأجانب إلى ليبيا ومنافذ الهجرة غير الشرعية زادت من عدد المتسولين عبر الشوارع والطرقات لسهولة الحصول على المال .
إنّ استغلال الأطفال، والنساء للتسول بشكل مستمر بين المحال التجارية، والطرقات أصبح نهجًا للبعض يستخدمه ليس للحاجة فقط بل لسهولة الحصول على ضروريات الحياة دون الحاجة إلى العمل، أو المجهود الكبير، فليس كل المتسولين ينتمون إلى عائلات بعضهم يستغل من قبل الشبكات الإجرامية كمصدر دخل يومي، من هنا يأتي دورنا في التحليل الاجتماعي ومعرفة أسباب الانتشار وطرق المعالجة للحد من وجود مثل هؤلاء الأشخاص في شوارع المدينة .
من خلال طرحنا بعض الأسئلة على رئيس مكتب الشؤون الاجتماعية د. تهاني إدريس أجابت :
على أن التسول أصبح ظاهرة تفشتْ داخل المجتمع على وجه العموم وبالتالي أصبحت مهنة يقتات منها البعض وخصوصًا ضعاف النفوس كما أصبح التسول عبارة عن شركات يوظفون بها بعض الأشخاص مقابل حمايتهم والحصول على الاكل والمبيت وبعض المال.
واستشهدتْ على ما سبق في المدن الليبية حيث قالت :
نرى أطفالًا ونساءً ورجالًا يمارسون هذه الظاهرة من جنسيات مختلفة ولكن الجنسيات الأفريقية هي الأكثر خصوصًا فئة الأطفال فهم الأكثر من بين الفئات العمرية .
أما فيما يتعلق بالليبيين؛ فأصبح البعض يمارس هذه الظاهرة ولكن الأكثر يمارسها بغرض الحصول على المال وليس للحاجة.
ونوهتْ على ضرورة تكثيف الحملات الأمنية للحد من هذه الظاهرة التي أصبحت وباءً داخل المجتمع.
وعن المسببات ذكرتْ أنها مختلفة من شخص إلى آخر، فالمتسولون من الجنسية الإفريقية قد يكون استغلال وضعهم المادي والمعيشي من قبل ضعاف النفوس هذا هو السبب الأول والأساسي.
أما فيما يتعلق بالليبيين يختلف الفئة الأولى فبعضهم يراها مهنه يقتات منها فيعتبر حالة نفسية، أو بالأصح مرض نفسي .
أما الفئة الأخرى من الليبيين قد تكون الحاجة في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشيه الصعبة وارتفاع الأسعار في الآونة الأخيرة.
أما عن دور الشؤون الاجتماعية بخصوص هذه الحالات أجابتْ انه فيما يتعلق بالجانب الليبيين المحاضرات التوعوية والإرشاد وكذلك التعاون مع القطاع الخاص والعام لخلق فرص عمل
أما فيما يتعلق بالجانب الأجنبي فيجب التعاون مع الجهات الأمنية للحد من مخاطر هذه الظاهرة التي تعكس جانبًا سلبيًا على المدينة.
وأفادت بأنه من المهم جدًا أن يكون هناك تعاونٌ بين الشؤون الاجتماعية، والجهات الأمنية لأن كلاهما يحقق الفائدة نفسها.
وذكرت أنّ المسؤولية تكون مشتركة بين كل الجهات من أجل الحد من هذه الظاهرة وإذا كان الأمر يتعلق بالجانب الأجنبي فأغلب من يمارس هذه الظاهرة هم أجانب ليس لديهم أي إجراء رسمي لدخول الأراضي الليبية هنا يتوجب على الدولة اتخاذ إجراءات رادعة لهذه الظاهرة وترحيل الأجانب الذين يعد وجودهم غير شرعي .
أما فيما يتعلق بالجانب الليبي فيجب على مؤسسات الدولة حصر هذه الفئة ومعالجة أوضاعهم عن طريق التعاون بين الجهات المسؤولة خصوصًا الشؤون الاجتماعية وخلق فرص عمل كما ذكرتُ سابقًا، ومن ثم تأتي المرحلة الثانية وهي اتخاذ إجراءات رادعة لكل من يمارس هذه الظاهرة وهو ليس من الفئات المحتاجة في المجتمع .
ويبقى الوصول إلى القضاء نهائيًا على الظواهر السلبية خاصة التسول مرهون أيضا بالثقافة المجتمعية، وثقافة الجمعيات الخيرية والمنظمات الداعمة للطفل والمرأة بشكل خاص التي تساند الأسر والعوائل المحتاجة ضمن سلسلة من الأعمال الخيرية يشترك فيها كل أفراد المجتمع والتجار وأصحاب المصالح لتسهيل عملية التوزيع العادل وحصر العائلات لأن المعروف عن بعض الحالات عدم تقبل المساعدات العلنية ويعتبرونها دعاية مجانية لآلام وأوجاع المحتاجين.
وفي طرح للموضوع من الناحية السيكولوجية استضفنا المستشارة النفسيةوالناشطة المدنية المهتمة بالشؤون التربوية والاسرية في الطب النفسي السيدة/ آمنة زيدان التي سألناها العديد من الاسئلة التي تحتاج إجابات من الناحية النفسي،والاجتماعية:
ما أنواع التسول ؟
* التسول الفردى المباشر يتمثل فى اقتراب المتسول من الاشخاص وطلب المال او الطعام من الاشخاص بشكل مباشر.
* التسول العائلي فى بعض الحالات يقوم أفراد الأسرة بأكملها بالتسول مما يزيد تأثيرها على المارة وأستعطافهم.
* التسول المنظم هو طريقة استخدام مجموعة من المتسولين لكنهم تحت رعاية شبكة معينة تستخدمهم لجمع المال وأحيانًا للسرقة والحرابة.
* التسول الإلكتروني، هو أخطر الأنواع وأكثرها انتشارًا في الآونة الأخيرة على «السوشال ميديا» بعد التطور التقني الهائل وهو يحتاج إلى توعية خاصة.
أهم أسباب وجود هذه الظاهرة؟
أجابت أن هذه الظاهرة انتشرت في الفترة الاخيرة بشكل اوسع إلا انها ليست وليدة العام بل لها تاريخ قديم في ليبيا والدول العربية لانها تعاني من عدة مشكلات عميقة من شأنها أن تكون أسبابًا أساسية وهي الفقر وانتشار البطالة، والأدمان، والركود الاقتصادى وكل سبب من هذه الأسباب كفيل بخلق جيل كامل من المتسولين .
ما أهم العوامل التى أدت إلى تفاقم ظاهرة التسول؟
تقسم العوامل الى ثلاث أجزاء مهمة :
أولاً :العوامل الاجتماعية المتمثلة فى التفكك الاسرى نتيجة الحروب والصراعات والتهجير والنزوح مما يعكس سلبًا على نفسية الإنسان ويجعله يعيش أبعادًا لم يكن يرغب في عيشها.
ثانيًا : العوامل النفسية : المتمثلة فى الاحباط النفسى واضطرابات فى نمو الشخصية والحرمان كلها عوامل قد تدفع لبعض الأشخاص لممارسة سلوكيات منافية للبيئة الاجتماعية كظاهرة التسول.
ثالثًا : العوامل الاقتصادية كالبطالة والفقر والحروب والتهجير والكوارث الطبيعية.
كل هذا يجعل من الظاهرة تتفاقم بشكل سريع للغاية .
ما الحلول للحد من ظاهرة التسول حسب وصفك كمستشارة نفسية ؟
يمكن تلخيص الحلول حسب وجهة نظري إلى ست حلول متتابعة وكل خطوة لها دور اساسي في تصحيح كافة الآثار النفسية والاجتماعية.
اولا :تكثيف الندوات وتعليم الاطفال.
ثانيا :توفير فرص عمل للشباب .
ثالثًا : تشديد العقوبات على المتسولين والمستغلين
رابعًا : تنظيم حملات التوعية والإعلام للحد من هذه الظاهرة وتوعية المجتمع بأضرارها .
خامسًا : تقديم الدعم اللازم للفئات الفقيرة والمحتاجة من خلال وزارتي الشؤون الاجتماعية ووزارة العمل والتأهيل.
سادسًا: تنظيم العمالة الوافدة للحد من انتشار هذه الظاهرة.
متى يكون الوضع متفاقمًا ويجب ضبطه؟
عند تزايد العدد بشكل ملحوظ والانتشار الكبير على الطرقات العامة وأمام مؤسسات الدولة والمساجد.
وبالنسبة للمتسولين من الهجرة غير الشرعية من الدول المجاورة يجب ضبطهم وإيواءهم فى أماكن خاصة ومن ثم التواصل مع سفاراتهم لاتمام عملية العودة لدولهم
ما النتائج المترتبة على انتشار هذه الظاهرة ؟
تُسهم ظاهرة التسول فى زيادة معدلات الجريمةبشكل مرعب نظرًا لعدم رضوخ المتسولين إلى رقابة أمنية، أيضًا تعمل هذه الظاهرة على تشويه صورة المجتمع وزيادة الشعور بعدم الأمان بين السكان، كما تؤدي هذة الظاهرة إلى الاجهاد الاقتصادي للدولة لأنها ستكون عبء على الاقتصاد المحلى وذلك بعدد الأشخاص الذين يعتمدون عل التبرعات بدلا من العمل.
ولا يقتصر تأثير هذه الظاهرة على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية بل قد يتفاقم تأثيرها لتشمل جوانب أمنية خطيرة تهدد الأمن القومى بشكل عام .
وجود العديد من حالات التسول في المنطقة هل هو مؤشر على حالة الفقر وصعوبة المعيشة داخلها ؟
يختلف هذا المؤشر ولا يمكن الاعتماد عليه لأن اغلب من يمارس هذه الظاهرة هم من الأجانب الذين دخلوا للبلاد بطريقة غير شرعية أغلبهم أو جلهم .. أما فيما يتعلق بالليبيين؛ فالوضع الاقتصادي والمعيشي أصبح صعبًا للغاية خصوصًا في الفترة الأخيرة فيمكن أن يكون مؤشرًا يختلف هذا المؤشر ولا يمكن الاعتماد عليه .
ما هي أوجه التعاون بين الوزارة ووزارة الداخلية في مكافحة ظاهرة التسول؟
للحد من هذه الظاهرة يجب أن يكون هناك تعاون مشترك يتمثل في استعانه وزارة الداخلية بفريق البحث الاجتماعي والدعم النفسي للوزارة لدورهم الكبير في دراسة السلوكيات النفسيه والواقع الاجتماعي لمن يمارس هذه الظاهرة كما يجب على وزارة الداخلية إخطار الشؤون الاجتماعية بحالات التسول التي يتم ضبطها من الليبيين.
ما الإجراءات التي تتخذها الوزارة عندما يكون المتسول ليبياً؟
بعد الأخطار الوارد من وزارة الداخلية يتوجه فريق البحث الاجتماعي والدعم النفسي لإجراء مقابلات مع من يتم ضبطهم ومن ثم تقديم بعض الاعانة لهم ومن ثم بدء برنامج التوجيه والارشاد عن طريق المحاضرات ومن ثم المحاولة لخلق فرص عمل عن طريق القطاع العام والخاص والمتابعة المستمرة لهم هذا بالنسبة للجانب الليبي
هل هناك دراسات وإحصائيات خاصة بأعداد المتسولين من الليبيين؟، وما هي أكثر المناطق يوجد بها؟
حاليًا في ظل الظروف الحالية لا يوجد
هل هناك تعاون بين الوزارة وصندوق الزكاة والهيئة العامة للأوقاف، بشأن توفير مورد دخل للمتسولين الليبيين المعوزين؟
يمكن أن يكون هناك تعاون كبير جدًا والمساهمة في ضبط الوضع المعيشي والاقتصادي لهم كذلك كما ذكرت سابقًا خلق فرص عمل لهم عن طريق التعاون المشترك
ما هي الدراسات والخطط التي تقوم بها اىوزارة للحد من ظاهرة التسول؟
اعداد فريق خاص لدراسة هذه الظاهرة من جميع جوانبها، ومن ثم كيفية إعطاء المحاضرات التوعوية والإرشاديه وأخيرًا سبل تقديم الدعم لهم.