تقارير

دمعة الأرض وجـرح وطن..

منى الساحلى

ليس‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬عام‭ ‬بأكمله‭ ‬على‭ ‬كارثة‭ ‬درنة‭ ‬ان‭ ‬نفتح‭ ‬ملف‭ ‬موجع‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬فقد‭ ‬لانه‭ ‬اكبر‭ ‬كارثة‭ ‬طبيعية‭ ‬حلت‭ ‬بالبلاد‭ ‬فقدنا‭ ‬فيها‭ ‬اهل‭ ‬واحباب‭ ‬واصدقاء‭ ‬وأبناء‭ ‬وطن‭ .. ‬درنة‭ ‬التي‭ ‬بكت‭ ‬الارض‭ ‬لأجلها‭ ‬وبقيت‭ ‬جرحا‭ ‬غائرا‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬الوطن‭ ‬درنة‭ ‬ذاك‭ ‬الوجع‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬زال‭ ‬يسكننا‭  ‬وكأنها‭ ‬كارثه‭ ‬حلت‭ ‬بنا‭ ‬اليوم‭ ..‬

كارثة‭ ‬درنة‭  ‬موجعة‭ ‬أدمت‭ ‬قلوب‭ ‬كل‭ ‬الليبيين‭ ‬سماها‭ ‬الكثير‭ ‬بفاجعة‭ ‬وطن‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تحديدا‭ ‬في‭ ‬11‭/‬9‭/‬2023‭ ‬ذكرى‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬عالقه‭ ‬في‭ ‬اذهاننا‭ ‬بكل‭ ‬صورها‭ ‬وتفاصيلها‭ ‬المرعبة‭ ‬من‭ ‬أُناس‭ ‬تستنجد‭ ‬و‭ ‬تتلمس‭ ‬حجم‭ ‬الخطر‭ ‬وصور‭ ‬التدفق‭ ‬المخيف‭ ‬في‭ ‬سيول‭ ‬هائجة‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬انفجار‭ ‬السد‭ ‬الذي‭ ‬أخذ‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬أرواح‭ ‬وممتلكات‭ ‬وأشجار‭ ‬لتختفي‭ ‬بعدها‭ ‬وفي‭ ‬لمح‭ ‬البصر‭ ‬أحياء‭ ‬بأكملها‭ ‬ابتلعتها‭ ‬الارض‭ ‬وأخذها‭ ‬البحر‭ ‬إلى‭ ‬المجهول‭ ‬ففي‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬وفي‭ ‬آخر‭ ‬بث‭ ‬مباشر‭ ‬عند‭ ‬مسجد‭ ‬الصحابة‭ ‬وقبل‭ ‬انقطاع‭ ‬الاتصالات‭ ‬والكهرباء‭ ‬عند‭ ‬الساعة‭ ‬3‭:‬00‭ ‬ليلا‭ ‬عاشت‭ ‬مدينة‭ ‬درنة‭ ‬والمناطق‭ ‬المجاورة‭ ‬لها‭ ‬أحد‭ ‬أشد‭ ‬اللحظات‭ ‬فزعا‭ ‬ورعبا‭ ‬في‭ ‬تاريخها‭ ‬نتيجة‭ ‬الفيضانات‭ ‬والسيول‭ ‬بعد‭ ‬انهيار‭ ‬السد‭ ‬لتتحول‭ ‬لحظات‭ ‬الخوف‭ ‬العابر‭ ‬والدعاء‭ ‬الى‭ ‬صرخات‭ ‬الم‭ ‬وحزن‭ ‬و‭ ‬قصص‭ ‬مؤلمه‭ ‬لفقدان‭ ‬متوالي‭ ‬اختفت‭ ‬مباني‭ ‬وسيارات‭ ‬ابتلعها‭ ‬البحر‭ ‬بأهلها‭ ‬إلى‭ ‬أب‭ ‬فقد‭ ‬جميع‭ ‬أفراد‭ ‬عائلته‭ ‬في‭ ‬لمح‭ ‬البصر‭ ‬إلى‭ ‬ام‭ ‬ثكلى‭ ‬فقدت‭ ‬أولادها‭ ‬وأهلها‭ ‬وجيرانها‭ ‬واحبابها‭ ‬مشهد‭ ‬مفزع‭ ‬صوره‭ ‬العديد‭ ‬بأنه‭ ‬صورة‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬يوم‭ ‬القيامه‭!!‬

البعض‭  ‬لا‭ ‬يلوم‭ ‬السد‭ ‬وانهياره‭ ‬فقط‭ ‬لأن‭ ‬التاريخ‭ ‬سجل‭ ‬بان‭ ‬درنة‭ ‬الجميله‭ ‬واجهت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفيضانات‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬سببا‭ ‬لإنشاء‭ ‬لهذه‭ ‬السدود‭ )‬رغم‭ ‬إيماننا‭ ‬بأن‭ ‬قدرة‭ ‬الله‭ ‬فوق‭ ‬كل‭ ‬شيء‭( ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬1941‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬فيضان‭ ‬ثم‭ ‬فيضان‭ ‬1954‭ ‬وفيضان‭ ‬1959‭ ‬فقدت‭ ‬فيه‭ ‬عائله‭ ‬واحده‭ ‬ولم‭ ‬يتجاوز‭ ‬حواف‭ ‬الوادي‭ ‬ثم‭ ‬كان‭ ‬فيضان‭ ‬او‭ ‬لنقل‭ ‬طوفان‭ ‬2023‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬هو‭ ‬الطوفان‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬فقدان‭ ‬الأرواح‭ ‬والممتلكات‭ ‬وكمية‭ ‬الأمطار‭ ‬بصورة‭ ‬مرعبه‭ ‬هذا‭ ‬الطوفان‭ ‬الذي‭ ‬شق‭ ‬طريقه‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬وعنفوان‭ ‬رهيب‭  ‬ليأخذ‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬أرواح‭ ‬ومنازل‭ ‬ومزارع‭ ‬في‭ ‬اعلى‭ ‬وادي‭ ‬الشواعر‭ ‬ليصل‭ ‬لفم‭ ‬الوادي‭ ‬ويفصل‭ ‬شيحه‭ ‬عن‭ ‬باب‭ ‬طبرق‭ ‬لينزل‭ ‬الى‭ ‬وسط‭ ‬درنة‭ ‬وجرفها‭ ‬الى‭ ‬البحر‭ ‬وجرف‭ ‬منطقة‭ ‬جامع‭ ‬العتيق‭ ‬بالكامل‭ ‬عماره‭ ‬الاوقاف‭ ‬وعمارات‭ ‬أخرى‭ ‬شاهقة‭ ‬فاقت‭ ‬السبعة‭ ‬أدوار‭ ‬يجرفها‭ ‬الى‭ ‬عمق‭ ‬البحر‭ ‬ومنطقة‭ ‬ذيل‭ ‬الوادي‭ ‬ويفصل‭ ‬درنة‭ ‬الزاهية‭ ‬الى‭ ‬شرق‭ ‬وغرب‭ ‬ويكسر‭ ‬ظهرها‭ ‬وظهرنا‭ ‬في‭ ‬حادثة‭ ‬تاريخية‭ ‬مؤلمه‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬ذلك‭ ‬الفيديو‭ ‬لغطاسين‭ ‬رغم‭ ‬كبر‭ ‬سنهم‭ ‬وخبرتهم‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬انصدموا‭ ‬بالأعداد‭ ‬الكبيرة‭ ‬للجثث‭ ‬ويصرخ‭ ‬أحدهم‭ ‬ويده‭ ‬فوق‭ ‬رأسه‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬ويقول‭  ‬ام‭ ‬بركات‭ ‬معبيه‭ ‬فل‭ ‬صبايا‭ ‬ورجاله‭ ‬وعيال‭ ‬صغار‭) .. ‬ويقصد‭ ‬منطقة‭ ‬ام‭ ‬بريكات‭ ‬بعد‭ ‬الساحل‭ ‬الشرقي‭ ‬من‭ ‬درنه‭   ‬وجثث‭ ‬أخرى‭ ‬انجرفت‭ ‬لكهوف‭ ‬صعبه‭ ‬و‭ ‬أودية‭ ‬مثل‭ ‬وادي‭ ‬الهرشمه‭..‬

فهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناجين‭ ‬لم‭ ‬تفارقه‭ ‬الى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬اللحظات‭ ‬الأولى‭ ‬للكارثة‭ ‬ويقول‭) ‬صوت‭ ‬الامطار‭ ‬القوية‭ ‬وجريان‭ ‬السيول‭ ‬المرعب‭ ‬وصوت‭ ‬انفجار‭ ‬السد‭ ‬المخيف‭ ‬وصراخ‭ ‬ورجفه‭ ‬الناس‭ ‬كأنها‭ ‬كانت‭ ‬بالأمس‭ ‬فقط‭(  ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬الكثير‭ ‬يعانون‭ ‬الى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬الصدمة‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬فاجعة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬شخصه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬باضطراب‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الصدمه‭ ‬بل‭ ‬صرح‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬بأنه‭ ‬بالفعل‭ ‬تمت‭ ‬إحالة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناجين‭ ‬الى‭ ‬مراكز‭ ‬متخصصة‭ ‬لعلاج‭ ‬تحت‭ ‬اشراف‭ ‬فرق‭  ‬الدعم‭ ‬النفسي‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬صرحت‭ ‬به‭ ‬الدكتورة‭ ‬صبريه‭ ‬الشاوش‭ ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬وكالات‭ ‬خاصة‭ ‬وان‭ ‬هناك‭ ‬أطفال‭ ‬ونساء‭ ‬قضوا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬ساعه‭ ‬تحت‭ ‬انقاض‭ ‬منازلهم‭ ‬أو‭ ‬جرفتهم‭ ‬المباني‭ ‬الى‭ ‬أماكن‭ ‬بعيدة‭ ‬صحبة‭ ‬جثث‭ ‬اشخاص‭ ‬آخرين‭ ‬أو‭ ‬جثث‭ ‬عائلاتهم‭..‬

‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭  ‬في‭ ‬درنة‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬الإعمار‭ ‬فقط‭ ‬ومحاولة‭ ‬إحياء‭ ‬درنة‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬بحاجة‭ ‬موازية‭ ‬الى‭ ‬فرق‭ ‬الدعم‭ ‬النفسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والتي‭ ‬تستمر‭ ‬حتى‭ ‬لسنوات‭ ‬قادمة‭ ‬ما‭ ‬يمكننا‭ ‬قوله‭ ‬ان‭ ‬الذكرى‭ ‬الاولى‭ ‬لإعصار‭ ‬دانيال‭ ‬والذي‭ ‬سبب‭ ‬في‭ ‬كارثه‭ ‬ادمت‭ ‬قلوب‭ ‬وابكت‭ ‬عيون‭ ‬كل‭ ‬الليبيين‭ ‬على‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬مدينه‭ ‬الصحابة‭  ‬درنة‭ ‬الزاهرة‭ ‬فقدنا‭ ‬فيه‭ ‬الالاف‭ ‬من‭ ‬اهالينا‭  ‬ولكن‭ ‬رغم‭ ‬الحزن‭ ‬والألم‭ ‬الذي‭ ‬اعتصر‭ ‬قلوب‭ ‬الليبيين‭ ‬الا‭ ‬انهم‭ ‬كتبوا‭ ‬سطرا‭ ‬جديدا‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭  ‬الليبي‭ ‬مداده‭ ‬التعاون‭ ‬والتآزر‭ ‬والإخاء‭ ‬فكان‭ ‬الالاف‭ ‬من‭ ‬المتطوعين‭ ‬لعمليات‭ ‬الانقاذ‭ ‬كبارا‭ ‬وشبابا‭ ‬نساء‭ ‬وفتيات‭ ‬برهنوا‭ ‬على‭ ‬اصالتنا‭ ‬ووحدتنا‭ ‬كليبيين‭ ‬فتحولت‭ ‬درنة‭ ‬في‭ ‬ساعات‭ ‬الى‭ ‬رمز‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬والحزن‭ ‬المشترك‭ ‬تقاسمه‭ ‬كل‭ ‬أفراد‭ ‬الشعب‭ ‬الليبي‭ ‬وستظل‭ ‬تلك‭ ‬اللحظات‭ ‬محفورة‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬كل‭ ‬الليبيين‭ ‬فهي‭ ‬مأساة‭  ‬فاقت‭ ‬حدود‭ ‬الخيال‭ ‬وتركت‭ ‬أثرا‭ ‬لن‭ ‬يمحى‭ ‬من‭ ‬قلوبنا‭ ‬فقد‭ ‬لان‭ ‬هذا‭ ‬الاعصار‭ ‬وذاك‭ ‬السيل‭ ‬لم‭ ‬يقض‭ ‬على‭ ‬أرواح‭ ‬الاطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والرجال‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬قضى‭  ‬على‭ ‬ملامح‭ ‬مدينة‭ ‬جميلة‭ ‬وعلى‭ ‬شوارعها‭ ‬ومنازلها‭ ‬واهلها‭ )‬اللهم‭ ‬لا‭ ‬اعتراض‭(. ‬

‭ ‬فلو‭ ‬تكلمنا‭ ‬عن‭ ‬خسائر‭ ‬هذه‭ ‬الكارثه‭ ‬وما‭ ‬يهمنا‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬الارواح‭ ‬البشرية‭ ‬نسأل‭ ‬الله‭ ‬ان‭ ‬يرحمهم‭ ‬ويغفر‭ ‬لهم‭ ‬ونحتسبهم‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬الشهداء‭ ‬مع‭ ‬الصحابه‭ ‬والأنبياء‭ ‬بجوار‭ ‬سيد‭ ‬الخلق‭ ‬محمد‭ ‬عليه‭ ‬الصلاه‭ ‬والسلام‭ ‬فإننا‭ ‬نتكلم‭ ‬عن‭ ‬رقم‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬40‭ ‬الف‭ ‬الى‭ ‬11‭,‬000‭ ‬ضحية‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬المفقودين‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬رقمه‭ ‬مجهول‭ . ‬ولا‭ ‬زال‭ ‬هنالك‭ ‬تباين‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬الأعداد‭ ‬الفعلية‭ ‬لضحايا‭ ‬هذه‭ ‬الكارثة‭ ‬الطبيعية‭ ‬وحسب‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬عبر‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬الى‭ ‬حجم‭ ‬الخسائر‭ ‬المادية‭ ‬جراء‭ ‬احداث‭ ‬درنة‭ ‬قدر‭ ‬بحوالي‭ ‬65‭% ‬دولار‭ ‬حيث‭ ‬تضررت‭ ‬حوالي‭ ‬16.5‭ ‬ألف‭ ‬وحدة‭ ‬سكنية‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬7‭% ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬الوحدات‭ ‬السكنية‭ ‬في‭ ‬كامل‭ ‬أنحاء‭ ‬البلاد‭ ‬وأن‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬صرح‭ ‬بأن‭ ‬فرقه‭ ‬قد‭ ‬تلقت‭ ‬بلاغات‭ ‬عن‭ ‬فقدان‭ ‬حوالي‭ ‬3‭.‬975‭ ‬شخصا‭ ‬وانتشال‭ ‬2‭.‬317‭ ‬جثمانا‭ ‬طيلة‭ ‬فترة‭ ‬عملها‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬لمدة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬يجدر‭ ‬الاشارة‭ ‬الى‭ ‬انما‭ ‬حدت‭ ‬في‭ ‬درنة‭  ‬قد‭ ‬نبهت‭ ‬عليه‭ ‬المنظمة‭ ‬العالمية‭ ‬الارصاد‭ ‬الجويه‭ ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬التابعه‭ ‬للامم‭ ‬المتحده‭ ‬والتي‭ ‬اشارت‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬ليبيا‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الافريقية‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬عبئاً‭ ‬ثقيلا‭ ‬و‭ ‬متزايدا‭ ‬جراء‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬فى‭ ‬الجنوب‭ ‬الليبي‭ ‬ومن‭ ‬وسط‭ ‬الصحراء‭ ‬من‭ ‬سيول‭ ‬وفيضانات‭ ‬وتابعت‭ ‬المنظمة‭ ‬تصريحها‭ ‬بأن‭  ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الافريقية‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬ليبيا‭ ‬تخسر‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬2‭ ‬الى‭ ‬5‭% ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬في‭ ‬المتوسط‭ ‬نتيجة‭ ‬الظواهر‭ ‬المناخية‭ ‬المتطرفة‭ ‬واحيانا‭ ‬ترتفع‭ ‬لتصل‭ ‬الى‭ ‬9‭% ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬المقام‭ ‬نشير‭ ‬كذلك‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬ما‭ ‬حدث‭  ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬2023‭ ‬عندما‭ ‬ضربت‭ ‬عاصفة‭ ‬متوسطية‭ ‬عدة‭ ‬دول‭ ‬في‭ ‬حوض‭ ‬المتوسط‭ ‬وهي‭ ‬اليونان‭ ‬وتركيا‭ ‬وبلغاريا‭ ‬وليبيا‭ ‬ومصر‭ ‬فإنها‭  ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬خسائر‭ ‬مادية‭ ‬كبيرة‭ ‬قدرته‭ ‬السلطات‭ ‬اليونانية‭ ‬لوحدها‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬2‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬وسببت‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬خمسة‭ ‬اشخاص‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الضرر‭ ‬الأكبر‭ ‬للعاصفه‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬درنة‭  ‬في‭ ‬صوره‭ ‬مفزعه‭ ‬ومخيفه‭ ‬لكارثة‭ ‬فاقت‭ ‬إمكانيات‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬وليس‭ ‬المحلية‭  ‬فقط‭. ‬

ولكن‭ ‬هذه‭ ‬الكارثة‭ ‬الطبيعية‭ ‬كشفت‭ ‬الغطاء‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مستور‭  ‬من‭ ‬عدة‭ ‬نقاط‭ ‬منها‭ ‬بناء‭ ‬المنازل‭ ‬في‭ ‬مجرى‭ ‬الأودية‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬درنة‭  ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بقاع‭ ‬ليبيا‭ ‬وهو‭ ‬خطأ‭ ‬كبير‭ ‬دفع‭ ‬ثمنه‭ ‬أبناء‭ ‬مدينة‭ ‬درنة‭ ‬والدولة‭ ‬كانت‭ ‬طرف‭ ‬فيه‭ ‬بعدم‭ ‬إصدارها‭ ‬قوانين‭ ‬تجرم‭ ‬وتخالف‭ ‬البناء‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأماكن‭ ‬حتى‭ ‬تترك‭ ‬مجال‭ ‬لمجرى‭ ‬الأودية‭ ‬وتأخذ‭ ‬طريقها‭ ‬بكل‭ ‬انسيابية‭ ‬نحو‭ ‬البحرالى‭ ‬عدم‭ ‬المبالاة‭ ‬وتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬وتأجيل‭ ‬الاهم‭ ‬قبل‭ ‬المهم‭ ‬فمرارا‭ ‬وتكرارا‭ ‬نبهنا‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬تهالك‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬وعدم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬الصيانة‭ ‬الدورية‭ ‬المكثفة‭ ‬وليس‭ ‬الهامشية‭ ‬بات‭ ‬امر‭ ‬بالغ‭ ‬الاهمية‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالسدود‭ ‬التي‭ ‬اغلبها‭ ‬تم‭ ‬انشائها‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬و‭ ‬منذ‭ ‬عقد‭ ‬السبعينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬الا‭ ‬ان‭ ‬حلت‭ ‬بنا‭ ‬الكارثة‭ ‬درنة‭ ‬التي‭ ‬اوجعت‭ ‬قلوبنا‭ ‬و‭ ‬أنهكت‭ ‬قوانا‭ ‬وسنبقى‭ ‬نذكر‭ ‬اهالينا‭ ‬من‭ ‬ضحايا‭ ‬درنة‭ ‬ونرفع‭ ‬ايدينا‭ ‬الدعاء‭ ‬والصلوات‭ ‬لاجلهم‭ ‬رحم‭ ‬الله‭ ‬كل‭ ‬الضحايا‭ ‬وأهم‭ ‬الصبر‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬بقي‭ ‬من‭ ‬ذويهم‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى