رتوش

أثـير التلــــــــــوث

زكريا العنقودي

سيادة‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬قنوات‭ ‬الفضاء‭ ‬السمعي‭ ‬بليبيا‭ .. )‬صباحكم‭ ‬حليب‭( .‬

المهم‭ ‬أنا‭ ‬مش‭ ‬ضد‭ ‬المرسكاوي‭ ‬الحقيقي،‭ ‬والأصيل،‭ ‬بالعكس‭ ‬أنا‭ ‬نحبه‭ ‬ونسمع‭ ‬فيه‭ .‬

صح‭ ‬نختار‭ .. ‬ونسمع‭ ‬في‭ ‬شي،‭ ‬ونلوح‭ ‬في‭ ‬أشياء‭ .. ‬لكن‭ ‬هذي‭ ‬ذائقة‭ ‬نستعمل‭ ‬فيه‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ألوان‭ ‬الموسيقى‭ ‬والغناء‭ ‬التي‭ ‬احبها‭.‬

يظل‭ ‬متوفرة‭ ‬قاعدة‭ ‬يفترض‭ ‬يعرفها‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬اللي‭ ‬ليه‭ ‬علاقة‭ ‬بالفن‭ ‬والإعلام‭ .‬

‭)‬المرسكاوي‭ ‬مش‭ ‬وقته‭ ‬الصبح‭( .. ‬كتبتُ‭ ‬هذه‭ ‬المقدمة‭ ‬بعدما‭ ‬تابعتُ‭ ‬إصراركم‭ ‬الغريب‭ ‬على‭ ‬جدولته‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬أغاني‭ ‬صباحاتنا‭ .‬

الأمر‭ ‬جد‭ ‬مزعج‭ .. ‬ويصيبنا‭ ‬هذا‭ ‬التلوث‭ ‬السمعي‭ ‬بمقتل‭ ‬في‭ ‬ذائقتنا‭ ‬الفنية‭ .‬

ياسيدي‭ ‬المسؤول‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬اشرنا‭ ‬عليكَ‭ ‬أن‭ ‬المرسكاوي‭ ‬عمومًا‭ )‬مش‭ ‬وقته‭ ‬الصبح‭(‬،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بالموجة‭ ‬الجديدة‭ ‬منه،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬لها‭ ‬لا‭ ‬كلام،‭ ‬ولا‭ ‬لحن،‭ ‬أغانٍ‭ ‬عارية‭ ‬لا‭ ‬لباس‭ ‬لها،‭ ‬ومتنها‭ ‬كله‭ ‬مجرد‭ )‬عياط‭ ‬وزعيق‭ ‬فلا‭ ‬تعرفها‭ ‬مناحة،‭ ‬وإلا‭ ‬مأتم،‭ ‬وإلا‭ ‬عرس‭(‬،‭ ‬والتي‭ ‬تصر‭ ‬قنواتكم‭ ‬على‭ ‬فرضها‭ ‬على‭ ‬أسماعنا‭ .‬

لو‭ ‬سألتك‭ ‬ياسيدي‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الاسفاف،‭ ‬والعبث‭ ‬المفرط‭ ‬فيه،‭ ‬ستكون‭ ‬اجابتك‭ ‬حتمًا‭ )‬جمهور‭ ‬المستمعين‭ ‬يبي‭ ‬هكي‭(.‬

يا‭ ‬سيدي‭ ‬أنتَ‭ ‬مش‭ ‬قناة‭ ‬لجمهور‭ ‬خاص‭ ‬على‭ ‬‮«‬التيك‭ ‬توك‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الفيس‭ ‬بوك‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬هم‭ ‬لكَ‭ ‬إلا‭ ‬جمع‭ ‬الاعجابات‭ ‬بيش‭ ‬تجاوبني‭ ‬هالجواب‭ .‬

أنتَ‭ ‬قناة‭ ‬تبث‭ ‬عبر‭ ‬أثير‭ ‬الدولة‭ ‬الليبية،‭ ‬وجمهورك‭ ‬هو‭ ‬كل‭ ‬الليبيين‭ .. ‬بكل‭ ‬أطيافهم،‭ ‬وأعمارهم،‭ ‬واختلاف‭ ‬مستويات‭ ‬تعليمهم‭ … ‬وووو

لذلك‭ ‬أنت‭ ‬قناة‭ ‬مش‭ ‬الجمهور‭ ‬الذي‭ ‬يضع‭ ‬قائمة‭ ‬الاغاني‭ ‬فيها،‭ ‬نعلم‭ ‬مسبقًا‭ ‬أن‭ ‬الأغنية‭ ‬الليبية‭ ‬حاليًا‭ ‬في‭ ‬الحضيض‭ ‬وتعاني،‭ ‬وقنوات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬هذا،‭ ‬فلا‭ ‬تكون‭ ‬أنتَ‭ ‬الآخر‭ ‬شريكًا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة،‭ ‬فكونك‭ ‬طرف‭ ‬فيها‭ ‬فهذه‭ ‬يعني‭ ‬أننا‭ ‬قريبًا‭ ‬جدًا‭ ‬من‭ ‬تفاقم‭ ‬الكارثة‭ .‬

حينها‭ ‬سيضيع‭ ‬كل‭ ‬إرثنا‭ ‬الفني‭ ‬البديع،‭ ‬وإلى‭ ‬الزوال‭ ‬سيؤول‭ ‬كل‭ ‬تاريخ‭ ‬الموسيقى،‭ ‬والأغنية‭ ‬الليبية،‭ ‬التي‭ ‬سجلها‭ ‬المؤسسون‭ ‬بحروف،‭ ‬ونوتات‭ ‬من‭ ‬الذهب‭ ‬‮…‬‭ ‬اضافة‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬الومضات‭ ‬الفنية‭ ‬الجديدة‭ ‬والشابة‭ ‬والمميزة،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لندرتها‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬لها‭ ‬مكانًا،‭ ‬وسط‭ ‬هذا‭ ‬الهرج،‭ ‬والمرج‭ ‬الذي‭ ‬تعج‭ ‬به‭ ‬قنواتكم،‭ ‬وتنتهي‭ ‬وتزول،‭ ‬لأنها‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬الرعاية،‭ ‬والدعاية،‭ ‬والاهتمام‭ ‬اللازم‭ ‬لإنتعاشها‭ ‬وتكريسها،‭ ‬فانتباهكم‭ ‬كله‭ ‬تولونه‭ ‬للانحطاط‭ ‬والتردي‭ ‬والحجة‭ ‬الجمهور‭ ‬يبي‭ ‬هكي‭.‬

سيدي‭ ‬بالعكس‭ ‬أنتَ‭ ‬من‭ ‬يفترض‭ ‬به‭ ‬أن‭ ‬يعالج‭ ‬هذا‭ ‬الخلل‭ .. ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬الوقوف‭ ‬ضده‭ .‬

أنتَ‭ ‬مَنْ‭ ‬تقود‭ ‬الجمهور‭ ‬وتهذب‭ ‬ذائقته،‭ ‬وليس‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يملي‭ ‬عليكَ‭ ‬خياراته‭ ‬خاصة‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬بهذه‭ ‬البذاءة‭ ‬التي‭ ‬تفرضونها‭ ‬علينا‭ ‬عبر‭ ‬أثير‭ ‬موجاتكم‭ ‬كل‭ ‬صباح‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى