أصبح استخدام الإنترنت حدثا مستمرا طوال اليوم..كما أن حياتنا تعتمد على الترفيه المعاصر والراحة الحديثة التي توفرها الشبكة الرقمية..ففي عام 2024 يوجد ما يقرب من 8 مليارات شخص في العالم منهم 5.35 مليار أو لنقل حوالي 66% لديهم إمكانية الوصول إلى النت..ومن المتوقع وصول عدد المستخدمين إلى 7.9 مليار بحلول عام 2029..وفي المتوسط يقضي مستخدمو الشبكة الدولية ست ساعات ونصف على الإنترنت يوميا..ويعيش الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاما 2.5 ساعة إضافية على الإنترنت أكثر من أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و64 عاما..ويجلس الأصغر سنا ما يزيد قليلا عن ساعتين أمام التلفزيون المتصل إلكترونيا..كل ما سبق يعزز الدور المحوري للإنترنت كأداة أساسية للتواصل لدى الشباب بل حتى من قبل أعداد متزايدة من الأطفال والمراهقين..فقد بات عندهم أمرا ضروريا ومصيريا فهو يظهر براقا متوهجا بعد ارتداؤه قناع الجاذبية ولباس الرفاهية..ويعد انستجرام هو التطبيق الأكثر شعبية لديهم مع 696 مليون عملية تنزيل في جميع أنحاء العالم هذا العام..يليه عن قرب تطبيق تيك توك الذي حقق 654 مليون عملية تنزيل..وهنا تظهر الحاجة الماسة إلى تبني التطبيقين إعلاميا فوسائل الإعلام بمختلف أنواعها أصبحت في حكم المنقرضة عمليا لأنها تخاطب شكلا ومضمونا نخبة محدودة من المجتمع..مما دعا بعض صفحات الجرائد والمجلات الرقمية إلى تضمين الشاشة الرئيسية لأقسام متنوعة مثل السياسة والاقتصاد والدين والاجتماع والرياضة والصحة والعلوم والمقالة والتحليل والتريند والموضة والترفيه وغيرها..بهدف توفير عوامل جذب تتطلبها عقلية وميول واهتمامات أكبر شرائح المجتمع..خاصة أن نسبة الأطفال والفتيان والفتيات والشباب تشكل 75% من مجموع سكان الكرة الأرضية..فلم تعد محاولات صد رغبات وهوايات تلك الفئات مجدية..كما تفشل مساعي توجيه أسلوب حياتهم ضد تيار تصوراتهم ووجهات نظرهم..فكما أن الإنترنت قرية معلوماتية واحدة فإن الأجيال العالمية الجديدة تصب في بوتقة هوياتية واحدة..شئنا أم أبينا..وكمحصلة لابد لنا أن نعترف بأن الأغلبية تتابع آخر تقليعة في أي مجال ولاتلتفت للتقليدي..والتريندات عندهم ليست نفسها التي عند الأقلية..والأولويات تختلف وتتغير بنفس سرعة العصر وتسارع العالم الرقمي..فما بالك مع احتلال الذكاء الاصطناعي لكل مناحي الحياة يوما بعد يوم..يجب أن نقر إن غالبية شباب اليوم يفضلون هدف كرة قدم في المرمى على حضور أمسية شعرية..وأغنية بموسيقى الراب على سماع خبر سياسي..ويحلمون بهاتف آيفون بدلا من اقتناء جريدة يومية من مكتبة..لذلك ما باليد حيلة فقد وقع الجميع في الشبكة العنكبوتية..ويظل المهم خلق توازن قدر الإمكان بين الحفاظ على الوطنية والعقيدة وبين حقيقة ما يحدث من نزوح هوياتي..إنها ضريبة العولمة تماما كما هو عالمية التغير المناخي وتزايد هجرة الجماعات البشرية إلى المدن..أما اجترار الحديث عن الغزو الثقافي فقد بات مثل محاولة جمع قطع زجاج كوب مكسور..تماما مثل درس نظري يقود الى الحفظ عن ظهر قلب دون ممارسة وتطبيق..اذن فيما يخص الشباب لكل مقام مقال..وكما يقول المثل الشعبي الليبي كيفما يأتيك الوقت إذهب معه..