ليبيا ليست بمنأى عن أي تأثيرات اجتماعية أو ثقافية .. كما أنها وبطبيعة الحال خاضعة للتغيرات وانعكاسات انفلات النمط السلوكي المجتمعي.
كل ما حدث من ظواهر وصفت بأنها غريبة خارجة عن المألوف هي ظواهر موجودة في المجتمعات الأخرى.
نحن كمجتمع مهما كنا محافظين نظل عرضة للتأثيرات في كافة المجالات لأننا جزءٌ من منظومة تتفاعل وتتغير مع ما يحدث من تطور تقني والذي ينتج عنه تغير في الثقافات والسلوك.
المجتمع من خلال هذه التأثيرات أصبح يتعامل مع التقنية والوسيلة الاعلامية المتطورة بعد ما كان جليس الكتاب ورفيق المكتبات.. كما أنه لم يعد ذلك القاريء المجتهد الذي له قراءات متفردة في القصيدة التقليدية أو النص الروائي لأدباء الامريكيتين.
كل هذه النخب التي حبست أنفاس القراء من خلال نصوصها وإبداعها أصبحت الآن ذكرى واطلال يتضاءل ظلالها وسط الساحات الحالية..
لن تجد في ليبيا مثلا عشر شباب مصنفين بأنهم متابعين جيدين لإصدارات ماركيز أو آرنست همنغواي أو حنا مينا مثلا.
في حين هناك ما هو أكثر من ثلاثة ملايين متابع للكندر و بنات السلطانة أو عبدالرزاق البكوش .. وهو عدد يتقارب مع عدد سكان ليبيا رغم أن هذه الصفحات ليس بها أي محتوى يضيف لمتابعيها أو أي فائدة .
أيضا لن تجد عشر شباب يعرف جيدا من يكون علي صدقي عبد القادر أو الكوني أو النيهوم إلا من خلال الاسم فقط وبنسبة قليلة من الشباب.. ثق تماماً أنك لن تجد ثلاثة تفاعلات في صفحتك الشخصية عبر الفيسبوك أو حتى شاشة التيك توك لو حاولت تحريك مشاعر الشباب الليبي عن أي قضية أدبية أو ثقافية وحتى صحفية .. في حين باستطاعة بنات السلطانة مثلا أن تجمع ما يتجاوز آلاف التفاعلات لحوار سجلته بالصدفة..
هذه التغيرات في الذائقة وفي الاهتمام وفي المستويات الفكرية والثقافية تخضع لها كل الدول والمجتمعات ليس لكونها مجرد ظاهرة عارضة بل هي ضريبة ترتيبات تقنية للتغيير والسيطرة على ثقافات وسلوكيات المجتمعات وليبيا كما ذكرت هي إحدى هذه المجتمعات دون شك.