رأي

الطبيب الذي استبدل انسانيته بثمن الكشف

نجاح مصدق

في‭ ‬منطقة‭ ‬ما‭ ‬مابين‭ ‬الحياة‭ ‬والموت‭  ‬وصلني‭ ‬صوته‭ ‬الحاد‭ ‬والمرتفع‭ ‬‮…‬طلعيها‭ ‬من‭ ‬هنايا‭   ‬خلاص‭ ‬العيادة‭ ‬تسكرت‭..‬

لم‭ ‬تسعفني‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التكلم‭ ‬ولا‭ ‬التفكير‭  ‬لاخوض‭ ‬نقاشا‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الطبيب‭ ‬ذاىع‭ ‬الصيت‭  ‬والذي‭ ‬لم‭ ‬استطع‭ ‬ان‭ ‬اصنف‭ ‬عمله‭ ‬وتصرفه‭ ‬تحت‭ ‬اي‭ ‬بنذ‭ ‬سوى‭ ‬الاجرام‭ ‬وهو‭ ‬ينسلخ‭ ‬كليا‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬انسانا‭ ‬اولا‭ ‬وطبيبا‭ ‬ثانيا‭ ‬ولاني‭ ‬كنت‭ ‬انازع‭ ‬بين‭ ‬البقاء‭ ‬او‭ ‬المغادرة‭ ‬بلا‭ ‬عودة‭ ‬جاهدت‭ ‬برفقة‭ ‬سيدة‭  ‬هادىة‭  ‬رصينة‭ ‬الحركة‭ ‬وحكيمة‭  ‬كانت‭ ‬حاضرة‭ ‬بصفتها‭ ‬ممرضة‭ ‬حاولت‭ ‬مساعدتي‭ ‬للبقاء‭ ‬صاحية‭ ‬والتنفس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬صدري‭ ‬ومحاولة‭ ‬استنشاق‭ ‬الهواء‭ ‬الذي‭ ‬تغسر‭ ‬دخوله‭ ‬واخراجه‭ ‬وانقطع‭ ‬فجاة‭ ‬بعد‭ ‬محاولة‭ ‬الطبيب‭ _‬الذي‭ ‬غابت‭ ‬عنه‭ ‬المسؤولية‭ ‬والانسانية‭ ‬والمهنية‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة‭ ‬واستبدلها‭ ‬باسلوب‭ ‬حاد‭ ‬جاف‭ ‬اقرب‭ ‬للعراك‭ ‬والتوبيخ‭_‬وهو‭  ‬يضع‭ ‬بنج‭ ‬موضعي‭ ‬للحنجرتي‭ ‬لقيام‭ ‬بمنظار‭ ‬للحلق‭ ‬في‭ ‬بادي‭ ‬الامر‭ ‬لم‭ ‬استوعب‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬لانشغالي‭ ‬بالمقاومة‭ ‬غير‭ ‬المنقطعة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬ثقب‭ ‬صغير‭ ‬يمر‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬الهواء‭ ‬يجعلني‭ ‬حية‭ ‬ما‭ ‬اصابني‭ ‬بالصدمة‭ ‬هو‭ ‬موقف‭ ‬هذا‭ ‬الطبيب‭ ‬وهو‭ ‬يصرخ‭ ‬وينهر‭ ‬ويطردني‭ ‬من‭ ‬حجرته‭ ‬ويسارع‭ ‬لاعادة‭ ‬المبلغ‭ ‬الذي‭ ‬دفعته‭ ‬مقابل‭ ‬اجراىه‭ ‬للمنظار‭ ‬وحرصه‭ ‬على‭ ‬ارجاعه‭ ‬بنفسه‭ ‬ووضعه‭ ‬في‭ ‬حقيبتي‭ ‬دون‭ ‬محاولة‭ ‬مساعدتي‭ ‬باسطوانة‭ ‬اكسجين‭ ‬او‭ ‬تنفس‭ ‬صناعي‭ ‬او‭ ‬وضع‭ ‬كيس‭ ‬لاعادة‭ ‬تدوير‭ ‬الهواء‭ ‬واعادة‭ ‬وعيي‭ ‬الذي‭ ‬كدت‭  ‬افقده‭ ‬لولا‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬ومعجزة‭ ‬رايتها‭ ‬بام‭ ‬عيني‭ ‬حينما‭ ‬فتحت‭ ‬نافدة‭ ‬اعلى‭ ‬رأسي‭ ‬جاءتني‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬صور‭ ‬ابناىي‭ ‬براءة‭ ‬وبهاء‭ ‬ومحمد‭ ‬وزوجي‭ ‬واختي‭ ‬وظلت‭ ‬معي‭ ‬تصعد‭ ‬وتهبط‭ ‬كانها‭ ‬قرع‭ ‬لروحي‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬اغيب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المعاناة‭ ‬كان‭ ‬هم‭ ‬الطبيب‭ ‬المختص‭ ‬والاستشاري‭ ‬في‭ ‬الانف‭ ‬والحنجرة‭ ‬في‭ ‬عيادة‭ ‬طيبة‭ ‬الا‭ ‬ابعادي‭ ‬من‭ ‬حجرته‭ ‬وصراخه‭ ‬بان‭ ‬العيادة‭ ‬اقفلت‭_ ‬توقعا‭ ‬منه‭ ‬باني‭ ‬ساموت‭ _ ‬وانه‭ ‬لن‭ ‬يجر‭ ‬منظارا‭ ‬لي‭ ‬وحرصه‭ ‬الشديدعلى‭ ‬اراجع‭ ‬المبلغ‭ ‬و‭ ‬امنياته‭ ‬بان‭ ‬اغادر‭ ‬بعيدا‭ ‬عنه‭ ‬وعن‭ ‬عيادته‭ ‬دون‭ ‬تحمل‭ ‬ادنى‭ ‬مسؤولية‭ ‬لما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬او‭ ‬استحظار‭ ‬الانسانية‭ ‬التي‭ ‬غابت‭ ‬عنه‭ ‬ولا‭ ‬اعتقد‭ ‬انه‭ ‬يملكها‭ ‬بالاساس‭ ‬هذه‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬عدة‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬اناس‭ ‬كثر‭ ‬نسمع‭ ‬انهم‭ ‬ذهبوا‭ ‬لعيادات‭ ‬على‭ ‬اقدامهم‭ ‬ولم‭ ‬يعودوا‭ ‬ثانية‭ ‬بسبب‭ ‬اخطاء‭ ‬طبية‭ ‬مسكوت‭ ‬عنها‭ ‬وغياب‭ ‬انسانية‭ ‬وفرار‭ ‬من‭ ‬مساءلة‭ ‬قانونية‭ ‬تحت‭ ‬تكتم‭ ‬رهيب‭ ‬محاطة‭ ‬به‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مستشفياتنا‭ ‬وعياداتنا‭ ‬اذكر‭ ‬اخر‭ ‬كلمة‭ ‬بيني‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬الطبيب‭ ‬المدعو‭ ‬اسامة‭: ‬كنت‭ ‬اتمنى‭ ‬عليك‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬انسانا‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬طبيبا‭ ‬ولكنك‭ ‬لاجيت‭ ‬هذا‭ ‬ولاهذا‭ ‬حمدت‭ ‬الله‭ ‬اني‭ ‬لازالت‭ ‬اقف‭ ‬على‭ ‬قدمي‭ ‬وخرجت‭ ‬صحبة‭ ‬زوجي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬لا‭ ‬اسستطع‭ ‬وصفها‭ ‬وداخلي‭ ‬تعهد‭ ‬بعد‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬طبيب‭ ‬ثانية‭ ‬مهما‭ ‬كلفني‭ ‬الامر‭ ‬وها‭ ‬انا‭ ‬ذا‭  ‬اتسأل‭ ‬اين‭  ‬هو‭ ‬الطبيب‭ ‬الانسان‭ ‬الحريص‭ ‬على‭ ‬مرضاه‭ ‬قبل‭ ‬حرصه‭ ‬على‭ ‬جمع‭ ‬المال‭ ‬وتكدس‭ ‬المرضى‭ ‬واقفال‭ ‬العيادة‭ ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى