الرئيسية

سدود ميـاه .. أم سـدود فساد ؟!!

محمد الزرقاني مخلص العجيلي

لأنّ‭ ‬المشكلةَ‭ ‬تتكرَّر‭ ‬كل‭ ‬سنة،‭ ‬ولأننا‭  ‬لم‭ ‬نتأخر‭ ‬لا‭ ‬عن‭ ‬السؤال،‭ ‬ولا‭ ‬عن‭ ‬التنويه،‭ ‬ولا‭ ‬التحذير‭ ‬من‭ ‬خطورة‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬نتيجة‭ ‬الاهمال؛‭ ‬فالمطر‭ ‬كله‭ ‬خير‭ ‬لكنه‭ ‬ينقلب‭ ‬إلى‭ ‬العكس‭ ‬في‭ ‬انعدام‭ ‬وجود‭ ‬بنية‭ ‬تحتية،‭ ‬ومعالجة‭ ‬السدود‭ ‬ومجاري‭ ‬الوديان‭.‬

ها‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬التوقيت‭ ‬نفسه‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الملف،‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬جرف‭ ‬السيل‭ ‬عديد‭ ‬الأرواح‭ ‬نتيجة‭ ‬الخلل‭ ‬نفسه،‭ ‬الاهمال‭ ‬نفسه،‭ ‬الفساد‭ ‬نفسه‭!!.‬

هذه‭ ‬المادة‭ ‬الصحفية‭ ‬سبق‭ ‬وأنَّ‭ ‬نشرناها‭ ‬في‭  ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬للتنويه‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬معالجة‭ ‬مشكلة‭ ‬السدود‭ ‬والتي‭ ‬أغلبها‭ ‬منتهي‭ ‬الصلاحية‭ ‬أصلاً‭ ‬ولأهميتها‭ ‬إرتأينا‭ ‬إعادة‭ ‬نشرها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭.‬

وذكر‭ ‬لعل‭ ‬الذكرى‭ ‬تنفع‭ ‬المؤمنين‭.‬

ففي‭ ‬جنوبي‭ ‬العاصمة‭ ‬طرابلس‭ ‬هناك‭ ‬سدٌ‭ ‬كبيرٌٌ‭ ‬يعرف‭ ‬بسد‭ )‬وادي‭ ‬المجنين‭(‬،‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ‭)‬الوادي‭ ‬المجنون‭(‬،‭ ‬أنشيء‭ ‬عام‭ ‬1972‭   ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬الغرض‭ ‬من‭ ‬إنشائه‭ ‬توفير‭ ‬مياه‭ ‬الأمطار،‭ ‬لاستخدامها‭ ‬في‭ ‬الرَّي‭ ‬الزراعي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬التحَّكم‭ ‬في‭ ‬الفيضانات‭ ‬السد‭ ‬المجنون‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬بلديات‭ ‬النواحي‭ ‬الأربع‭  ‬تُروى‭ ‬عنه‭ ‬حكايات‭ ‬كثيرة،‭ ‬منها‭ ‬عندما‭ ‬غضب‭ ‬عام‭  ‬1908‭ ‬وخرج‭ ‬عن‭ ‬مجراه‭ ‬متوجهًا‭ ‬نحو‭ ‬العاصمة‭ ‬سالكًا‭ ‬مجرى‭ ‬ودايه‭ ‬مارًا‭ ‬بـ‭)‬طريق‭ ‬الهضبة‭( ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬بعد‭ ‬مدينة‭ ‬يقطنها‭ ‬السكان،‭ ‬بل‭ ‬كانتْ‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مساحات‭ ‬شاسعة‭ ‬من‭ ‬الهضاب،‭ ‬والكثبان‭ ‬الرمال،‭ ‬وصفت‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬باستراحة‭ ‬للوادي‭ ‬عندما‭ ‬تسيل‭ ‬مياهه‭ ‬آخدةً‭ ‬تلك‭ ‬الوديان‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تبعد‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬65‭ ‬كم‭ .‬

وكما‭ ‬تروى‭ ‬الحكايات‭ ‬أنه‭ ‬انحدر‭ ‬إلى‭ ‬منطقتي

‭ )‬أبومليانة،‭ ‬وأبو‭ ‬مشماشة‭( ‬مرورًا‭ ‬بما‭ ‬يعرف

بـ‭)‬شارع‭ ‬الوادي‭( ‬الآن‭ ‬سالكًا‭ ‬طريقه‭ ‬إلى‭ ‬البحر‭ .‬

وتكرَّرتْ‭ ‬تلك‭ ‬الحوادث‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬1919‭ ‬عندما‭ ‬أنشأتْ‭ ‬إيطاليا‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة‭ ‬الزمنية‭ ‬مدينة‭ ‬حديثة‭ ‬خارج‭ ‬صور‭ ‬المدينة‭ ‬القديمة‭ ‬فتغير‭ ‬مجراه‭ ‬ابتداءً‭ ‬من‭ ‬آخر‭ ‬الهضبة‭ ‬إلى‭ ‬باب‭ ‬قرقارش‭ .‬

في‭ ‬عام‭ ‬1986‭ ‬ثار‭ ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬الهضبة‭ ‬الشرقية،‭ ‬والغربية،‭ ‬وحي‭ ‬دمشق،‭ ‬والجامعة‭ ‬ومستشفي‭ ‬الخضراء،‭ ‬وخلف‭ ‬أضرارًا‭ ‬مادية‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬قبل،‭ ‬وبعد‭ ‬إنشاء‭ ‬السد‭ .‬

ففي‭ ‬زيارة‭ ‬ميدانية‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬منها‭ ‬الوقوف‭ ‬على‭ ‬سد‭ ‬وادي‭ ‬المجنين‭ ‬وقبل‭ ‬الوصول‭ ‬يقطع‭ ‬المسافر‭ ‬طريق‭ ‬بلدية‭ ‬قصر‭ ‬بن‭ ‬غشير‭ ‬مرورًا‭ ‬ببلدية‭ ‬سوق‭ ‬الخميس‭ ‬إمسيحل‭ ‬سالكًا‭ ‬الطريق‭ ‬الجنوبي‭ ‬متجهًا‭ ‬نحو‭ ‬بلدية‭ ‬العواتة‭ ‬تلك‭ ‬المدينة‭ ‬التي‭ ‬حطَّطنا‭ ‬بها‭ ‬الرحال،‭ ‬وتجولنا‭ ‬صحبة‭ ‬أهلها‭ ‬الطيبين‭ ‬الذين‭ ‬بدورهم‭ ‬قدموا‭ ‬لنا‭ ‬شرحًا‭ ‬مفصلاً‭ ‬عن‭ ‬المدينة،‭ ‬وما‭ ‬يشكله‭ ‬السد‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء‭ ‬حيث‭ ‬تصب‭ ‬به‭ ‬المياه‭ ‬من‭ ‬الجنوب‭ ‬الغربي،‭ ‬والجنوب‭ ‬الشرقي،‭ ‬وتأتي‭ ‬من‭ ‬أماكن‭ ‬بعيدة‭ ‬تبعد‭ ‬قرابة‭ ‬الـ‭)‬3‭( ‬ساعات‭ ‬بالسيارة‭ .‬

هذه‭ ‬الوديان‭ ‬التي‭ ‬تأخذ‭ ‬طريقها‭ ‬عبر‭ ‬مسالكها‭ ‬متجهة‭ ‬نحو‭ ‬مناطق‭ ‬كثيرة‭ ‬حتى‭ ‬تنتهي‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬السد‭ ‬باعتباره‭ ‬السد‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬تصب‭ ‬فيه‭ ‬السيول‭ .‬

فالمزارع‭ ‬يشتكي‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬المياه‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬السدود،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها‭ ‬عند‭ ‬الزراعة‭ ‬والرَّي‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬بقاء‭ ‬الوديان‭ ‬في‭ ‬خضرة‭ ‬دائمة؛‭ ‬فبقاؤها‭ ‬دون‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها‭ ‬يشكل‭ ‬خطرًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬على‭ ‬الزراعة‭ ‬فهذا‭ ‬المشروع‭ ‬يعد‭ ‬مشروعًا‭ ‬عملاقًا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬الاستفادة‭ ‬منه‭ ‬قدر‭ ‬المستطاع‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬التساؤل‭ ‬عن‭ ‬جدوى‭ ‬وجود‭ ‬السد‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬المياه‭ ‬دون‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها؛‭ ‬فالموقع‭ ‬متميزٌ‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬يرى‭ ‬البعض‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الفائدة‭ ‬منه‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مباشرة‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬الفائدة‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬الماء‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الزراعي،‭ ‬وغيرها‭ ‬إذا‭ ‬أردنا‭ ‬إنشاء‭ ‬السدود‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬متابعتها‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬اهمالها‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬الكارثة‭ .‬

فالتضاريس‭ ‬الجغرافية‭ ‬منها‭ ‬الجبلية‭ ‬تمكن‭ ‬المياه‭ ‬من‭ ‬التدفق‭ ‬بكميات‭ ‬كبيرة‭ .‬

من‭ ‬جانبه‭ ‬أفادنا‭ ‬الأخ‭ ‬عبدالله‭ ‬المبروك‭ ‬أن‭ ‬السد‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬خطرًا‭ ‬على‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬لطالما‭ ‬هناك‭ ‬عملٌ‭ ‬جاد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومة؛‭ ‬فمجاري‭ ‬الوديان‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬بعيدة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الخطر‭ ‬الأكبر‭ ‬دائًما‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء؛‭ ‬فالبلديات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وزارة‭ ‬الحكم‭ ‬المحلي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكثف‭ ‬جهودها‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الضرورية‭ ‬مع‭ ‬متابعة‭ ‬دورية‭ ‬لمجرى‭ ‬الوديان؛‭ ‬فهي‭ ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬النظافة‭ ‬والتوسعة‭ ‬المستمرة‭ ‬حتى‭ ‬يتسنى‭ ‬لنا‭ ‬التنقل‭ ‬بكل‭ ‬حرية،‭ ‬وهناك‭ ‬طرق‭ ‬وعرة‭ ‬داخل‭ ‬البلدية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تنفذ‭ ‬بها‭ ‬المشاريع‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وزارة‭ ‬المواصلات‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تعطى‭ ‬المشاريع‭ ‬للشركات‭ ‬المنفذة‭ ‬ذات‭ ‬الاختصاص‭ ‬تعمل‭ ‬وفق‭ ‬مواصفات‭ ‬فنية‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬فنيون‭ ‬ومهندسون‭ ‬معمارون؛‭ ‬فهناك‭ ‬مشروع‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذه‭ ‬الآن‭ ‬وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬معبر‭ ‬لطريق‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬الوادي‭ ‬باشرتْ‭ ‬العمل‭ ‬فيه‭ ‬شركة‭ ‬محلية‭ ‬وعلى‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬غير‭ ‬مناسب‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬رؤية‭ ‬فنية‭ ‬ونحن‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬التنقل‭ ‬بالسيارة‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬خاصة‭ ‬وأنه‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬الجنوب‭ ‬الغربي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬طريق‭ ‬معلق‭ ‬مناسب‭ ‬خاصة‭ ‬وتلك‭ ‬المناطق‭ ‬توجد‭ ‬بها‭ ‬مقرات‭ ‬حكومية‭ ‬كـ‭)‬المدارس،‭ ‬والأعمال‭ ‬الإدارية‭( ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التنقل‭ ‬بالسيارة‭ .‬

وأضاف‭: ‬إن‭ ‬المنطقة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬متواصل‭ ‬إن‭ ‬أردنا‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬ممتلكات‭ ‬وأرواح‭ ‬الناس‭  ‬فكما‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الوديان‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬المنطقة‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تجد‭ ‬بها‭ ‬مبانٍ‭ ‬سكنية‭ ‬محاذية‭ ‬للوادي،‭ ‬ويقول‭ ‬البعض‭ ‬لطالما‭ ‬مر‭ ‬الوادي‭ ‬في‭ ‬مجراه‭ ‬سلسًا‭ ‬يكون‭ ‬آمنًا‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬خطرًا؛‭ ‬فالتضاريس‭ ‬الجغرافية‭ ‬قد‭ ‬تلعب‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭  ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬إنسياب‭ ‬المياه‭ ‬سالكة‭ ‬طريقها‭ ‬نحو‭ ‬السد‭ .‬

السيد‭ ‬صلاح‭ ‬الذويب‭ ‬من‭ ‬جانبه‭ ‬قال‭ ‬إنّ‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬المنطقة‭ ‬يحتاج‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العمل؛فالبلدية‭ ‬حقيقة‭ ‬تسعى‭ ‬دائمًا‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬العيش‭ ‬بسلام‭ ‬مع‭ ‬توفر‭ ‬الاحتياجات‭ ‬للمنطقة‭ ‬والسكان‭ ‬فهنك‭ ‬عديد‭ ‬الوديان‭ ‬كما‭ ‬تحدثنا‭ ‬عنها‭ ‬عند‭ ‬التجوال‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬وادٍ‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬كبير،‭ ‬ومتواصل‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يتعلق‭ ‬بالصرف‭ ‬الصحي‭ ‬أرهق‭ ‬المنطقة،‭ ‬وأصبح‭ ‬كالشبح‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الصيف‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬الروائح‭ ‬الكريهة‭ ‬وتكاثر‭ ‬الحشرات‭ ‬الضارة،‭ ‬وغيرها‭ ‬وهذا‭ ‬مشروع‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬متابعة؛‭ ‬فالبلدية‭ ‬نحن‭ ‬نعلم‭ ‬بأنها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الكثير؛‭ ‬فالبنية‭ ‬التحتية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالطرق‭ ‬والجسور‭ ‬ومياه‭ ‬الشرب‭ ‬وغيرها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أموال‭ ‬تصرف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومة‭ ‬حتى‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬معالجة‭ ‬كل‭ ‬الاشكاليات‭ ‬المتعلق‭ ‬بالمدينة‭ .‬

من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬قال‭ ‬السيد‭ ‬عبد‭ ‬الكريم‭ ‬الشوشان‭:‬إن‭ ‬هذا‭ ‬السد‭ ‬نسبة‭ ‬مخاطره‭ ‬كبيرة؛‭ ‬فالكارثة‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬درنة‭ ‬حقيقة‭ ‬كارثة‭ ‬الوطن‭ ‬وكان‭ ‬بالإمكان‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تخفيف‭ ‬معاناتها‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬استغلت‭ ‬المياه‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬مشروعات‭ ‬عملاقة‭ ‬ولكن‭ ‬قدَّر‭ ‬الله‭ ‬وما‭ ‬شاء‭ ‬فعل‭ ‬فإن‭ ‬إرادتْ‭ ‬الحكومة‭ ‬تفادى‭ ‬مشكلات‭ ‬السدود‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تباشر‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬حلحلة‭ ‬جل‭ ‬المشكلات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بها‭ ‬بدايةً‭ ‬من‭ ‬الكشف‭ ‬الدوري‭ ‬عليها‭ ‬وتنظيف‭ ‬طرق‭ ‬ومسالك‭ ‬الوديان‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬منها‭ ‬السيول‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬اهمالها‭ ‬وتفادي‭ ‬مشكلاتها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬الكارثة‭ ‬و‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬تلك‭ ‬السدود‭ ‬قد‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬نهاية‭ ‬عمرها‭ ‬المفترض‭.‬

وهو‭ ‬ما‭ ‬ينذر‭ ‬باحتمال‭ ‬وقوع‭ ‬كوارث‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬شاكلة‭ ‬فاجعة‭ ‬درنة‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تحظ‭ ‬بالصيانة‭ ‬اللازمة‭ ‬فانقطاع‭ ‬التيار‭ ‬الكهربائي‭ ‬عن‭ ‬السدود‭ ‬هو‭ ‬مشكل‭ ‬كبير‭ ‬يجب‭ ‬معالجته؛‭ ‬وفي‭ ‬الحقيقة‭ ‬هي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مبالغ‭ ‬مالية‭ ‬كبيرة‭ ‬جدًا؛‭ ‬فالأبحاث‭ ‬العلمية‭ ‬التي‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬نسمع‭ ‬عنها‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تؤخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬ولطالما‭ ‬سرقت‭ ‬مضخاتها‭ ‬ومعداتها‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تباشر‭ ‬الحكومة‭ ‬وعلى‭ ‬الفور‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬احتياجات‭ ‬كل‭ ‬سد‭ ‬من‭ ‬السدود‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬والشرق‭ .‬

قرابة‭ ‬ثمانية‭ ‬عشر‭  ‬سداً‭ ‬مائياً‭ ‬تم‭ ‬إنشاؤها‭  ‬شرق‭ ‬وغرب‭ ‬ووسط‭ ‬ليبيا‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الثلاثة‭ ‬الماضية‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬أوضحته‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للمياه‭ ‬والتصميمات‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬قبل‭ ‬إنشاء‭ ‬السدود‭ ‬كانت‭ ‬ترمي‭ ‬لتوفير‭ ‬375‭ ‬مليون‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬من‭ ‬الماء،‭ ‬بينما‭ ‬كميات‭ ‬المياه‭ ‬المحتجزة‭ ‬سنوياً‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬65‭ ‬مليون‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬لعدد‭ ‬18‭ ‬سدًا‭ ‬أهمها‭ )‬سهل‭ ‬الجفارة‭(‬،‭ ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬بسبب‭ ‬الأخطاء‭ ‬التصميمية‭ ‬ما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬حجز‭ ‬كميات‭ ‬بسيطة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المستهدفة‭ ‬والتي‭ ‬صمم‭ ‬السد‭ ‬وتكلف‭ ‬ماليًا‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬تحقيقها‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬إهدار‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬قطرة‭ ‬من‭ ‬معدل‭ ‬هطول‭ ‬الأمطار‭ ‬الذي‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬2.5‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬سنويًا‭ ‬وفقًا‭ ‬ما‭ ‬أشار‭ ‬له‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬الأساتذه‭ ‬في‭ ‬قسم‭  ‬التربة‭ ‬والمياه‭ ‬‮«‬إنّ‭ ‬نسبة‭ ‬ما‭ ‬تحجزه‭ ‬السدود‭ ‬تعد‭ ‬بسيطة‭ ‬جدًا،‭ ‬مقارنةً‭ ‬مع‭ ‬نسبة‭ ‬هطول‭ ‬الأمطار‭ ‬سنويًا‮»‬‭.‬

وتقع‭ ‬ليبيا‭ ‬ضمن‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬المناطق‭ ‬فقرًا‭ ‬في‭ ‬موارد‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وتتجاوز‭ ‬ليبيا‭ ‬مع‭ ‬12‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬خط‭ ‬الفقر‭ ‬المائي‭ ‬الحاد‭ ‬إذ‭ ‬يقدّر‭ ‬نصيب‭ ‬الفرد‭ ‬فيها‭ ‬بحوالي‭ ‬120‭ ‬متراً‭ ‬مكعباً‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬لكل‭ ‬فرد،‭ ‬وذلك‭ ‬وفقاً‭ ‬للتقرير‭ ‬العالمي‭ ‬لتنمية‭ ‬المياه‭ ‬لعام‭ ‬2015‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬حد‭ ‬الفقر‭ ‬العالمي‭ ‬يقدّر‭ ‬بألف‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬لكل‭ ‬فرد‭ ‬حسبما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬بحث‭ ‬سياسات‭ ‬إدارة‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬المنظمة‭ ‬الليبية‭ ‬للسياسات‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬في‭ ‬شهر‭  ‬مايو‭ ‬عام‭ ‬2017‭.‬

تغير‭ ‬المناخ

يعدُّ‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬عاملاً‭ ‬آخر‭ ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬عامل‭ ‬الزمن‭ ‬ليزيد‭ ‬القلق‭ ‬بشأن‭ ‬مخاطر‭ ‬السدود‭ ‬القديمة،‭ ‬فقد‭ ‬صممت‭ ‬تلك‭ ‬السدود‭ ‬لتتحمل‭ ‬أسوأ‭ ‬الظروف،‭ ‬لكنهم‭ ‬لم‭ ‬يضعوا‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭ ‬المناخ‭ ‬المتطرف‭ ‬الذي‭ ‬يشهده‭ ‬العالم‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭.‬

فالأحداث‭ ‬المناخية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬ينظر‭ ‬إليها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬تحدث‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬قرن،‭ ‬أصبحت‭ ‬الآن‭ ‬كثيرة‭ ‬الحدوث،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬خطرًا‭ ‬على‭ ‬السدود‭ ‬القديمة‭ ‬ويضاعف‭ ‬احتمالات‭ ‬انهيارها‭ ‬أو‭ ‬تصدعها‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال‭.‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬الكارثة‭ ‬التي‭ ‬حلت‭ ‬بدرنة‭ ‬جراء‭ ‬انهيار‭ ‬سديها‭ ‬أول‭ ‬حوادث‭ ‬السدود‭ ‬العتيقة،‭ ‬فقد‭ ‬أثّرت‭ ‬الأمطار‭ ‬الغزيرة‭ ‬والعواصف‭ ‬المرتبطة‭ ‬بتغير‭ ‬المناخ‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬سدود‭ ‬العالم‭.‬

ففي‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬دمرت‭ ‬الأمطار‭ ‬الغزيرة‭ ‬سد‭ ‬‮«‬أوروفيل‮»‬‭ ‬القديم‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬الأميركية،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬إجلاء‭ ‬سكان‭ ‬المناطق‭ ‬القريبة‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬دمرت‭ ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬الجليد‭ ‬في‭ ‬الهيمالايا‭ ‬سدًا‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬الهند‭ ‬وألحقت‭ ‬أضرارًا‭ ‬بآخر،‭ ‬مما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬عشرات‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬المنكوبة‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى