إجتماعي

المتزوجة من أجنبي .. حضر العقد وغابت الحقوق

فايزة العجيلي

عرض‭ : ‬فايزة‭ ‬صالح

المحامي‭ : ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬نعمة

  ‬أصبحتْ‭ ‬ظاهرة‭ ‬زواج‭ ‬الليبيات‭ ‬من‭ ‬أجانب،‭ ‬معضلة‭ ‬تواجه‭ ‬الأسرة‭ ‬الليبية،‭ ‬والمجتمع‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬فإقدام‭ ‬الليبية‭ ‬على‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الليبي،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الميول‭ ‬العاطفية،‭ ‬فإن‭ ‬له‭ ‬أسباب‭ ‬عدة‭.‬

أولها‭ : ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬العنوسة‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع،‭ ‬نتيجة‭ ‬عوامل‭ ‬متراكمة،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬أزمة‭ ‬السكن‭ ‬والعمل،‭ ‬وكذلك‭ ‬ارتفاع‭ ‬سن‭ ‬الزواج‭.. ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر،‭ ‬أي‭ ‬الزوج‭ ‬الأجنبي،‭ ‬فتأتي‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولىالحصول‭ ‬على‭ ‬‮«‬الجنسية‭ ‬الليبية‮»‬،‭ ‬والمزايا‭ ‬المرجوة‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬ذلكمن‭ ‬بينها‭ ‬الإقامة‭ ‬والعمل‭ ‬داخل‭ ‬البلاد‭..‬

وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أغلب‭ ‬حالات‭ ‬زواج‭ ‬الليبيات‭ ‬من‭ ‬أجانب،‭ ‬فإن‭ ‬حالات‭ ‬الفشل‭ ‬فيه‭ ‬كثيرة،‭ ‬والمشكلات‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الفشل،‭ ‬لا‭ ‬تعود‭ ‬على‭ ‬الزوجين‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬نتاج‭ ‬ذلك‭ ‬الزواج،‭ ‬أي‭ – ‬الأبناء‭ – ‬من‭ ‬حيث‭ ‬حملهم‭ ‬لجنسية‭ ‬الأب،‭ ‬الذي‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يتركهم‭ ‬مع‭ ‬والدتهم،‭ ‬ويعود‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أتى،‭ ‬وما‭ ‬يترتب‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬نفسية‭ ‬واجتماعية،‭ ‬وأيضًا‭ ‬إدارية‭ ‬تنظيمية‭ ‬تخص‭ ‬أولئك‭ ‬الأبناء‭..‬

للوقوف‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المشكلات،‭ ‬وما‭ ‬يترتيب‭ ‬عنها،‭ ‬ومحاولة‭ ‬لوضع‭ ‬الحلول‭ ‬لها،‭ ‬تعمل‭ ‬الجهات‭ ‬ذات‭ ‬الاختصاص‭ ‬على‭ ‬دراستها،‭ ‬ووضع‭ ‬الأسس‭ ‬السليمة‭ ‬لمعالجتها‭..‬

في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬شهدت‭ ‬دوائر‭ ‬الاحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬بالمحاكم‭ ‬ازديادًا‭ ‬مضطردًا‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الدعاوى‭ ‬المرفوعة‭ ‬من‭ ‬الليبيات‭ ‬ضد‭ ‬ازواجهن‭ ‬الأجانب،‭ ‬وما‭ ‬يواجهنه‭ ‬من‭ ‬صعوبة‭ ‬فعلية‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬لحقوقهن،‭ ‬وحقوق‭ ‬أبنائهم‭ ‬وحتى‭ ‬نبسط‭ ‬الموضوع‭ ‬على‭ ‬القاريء‭ ‬الكريم‭ ‬نستعرض‭ ‬هنا‭ ‬بعض‭ ‬تلك‭ ‬الدعاوى‭  ‬كأمثلة‭ ‬بسيطة،‭ ‬وما‭ ‬اسفرت‭ ‬عنه‭ ‬تلك‭ ‬الدعاوى‭ ‬من‭ ‬أحكام‭ ‬ونتائج‭ ‬عملية‭..‬

ففي‭ ‬إحدى‭ ‬الدعاوى‭ ‬التي‭ ‬اقامتها‭ )‬ن‭.‬س‭.‬ع‭(‬‭ ‬ضد‭ ‬زوجها‭ ‬طالبةً‭ ‬فيها‭ ‬التطليق‭ ‬منه‭ ‬للغيبة‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬زوجها‭ ‬من‭ ‬جنسية‭ ‬عربية‭ ‬قد‭ ‬اختفى‭ ‬فجأةً،‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬العام،‭ ‬ولا‭ ‬تعلم‭ ‬علنه‭ ‬شيئًا‭ ‬سوى‭ ‬أنه‭ ‬كان‭  ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ..‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جعلها‭ ‬هي،‭ ‬وابنتها‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬نفقة‭ ‬وقضتْ‭ ‬المحكمة‭ ‬لها‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬بتطليقها‭ ‬منه‭ ‬للغيبة‭.‬

وفي‭ ‬دعوى‭ ‬مماثلة‭ ‬اقامتها‭ )‬ج‭.‬م‭.‬ال‭(‬‭ ‬ضد‭ ‬زوجها‭ ‬من‭ ‬جنسية‭ ‬عربية‭ ‬أيضًا‭ ‬طالبةً‭ ‬فيه‭ ‬تطليقها‭ ‬منه‭ ‬للضرَّر،‭ ‬وقد‭ ‬قضتْ‭ ‬فيها‭ ‬المحكمة‭ ‬بتطليقها‭ ‬منه‭ ‬للضرر‭ ‬مع‭ ‬إلزامه‭ ‬بدفع‭ ‬حقوقها‭ ‬المالية‭ ‬إلا‭ ‬انه‭ ‬وعند‭ ‬تقديمها‭ ‬الحكم‭ ‬للتنفيذ‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تستوفي‭ ‬حقوقها‭ ‬منه‭ ..‬فالمحكوم‭ ‬عليه‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬أي‭ ‬عقار،‭ ‬أو‭ ‬راتب‭ ‬أو‭ ‬شيء‭ ‬يمكن‭ ‬لها‭  ‬أن‭ ‬تضمن‭ ‬به‭ ‬استفاء‭  ‬حقوقها‭  ‬الامر‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬منطوق‭ ‬الحكم‭ ‬حبرًا‭ ‬على‭ ‬ورق‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للتنفيد‭ ‬عمليًا‭.‬

مما‭ ‬سبق‭ ‬يتضح‭ ‬لنا‭ ‬جليًا‭ ‬ما‭ ‬تعانيه‭ ‬بعض‭ ‬المتزوجات‭ ‬الليبيات‭  ‬من‭ ‬الأجانب‭ ‬عند‭ ‬حدوث‭ ‬نزاعات‭ ‬قضائية‭ ‬بينهم‭..‬فمن‭ ‬جهة‭ ‬لا‭ ‬يتمع‭ ‬أبناؤها‭ ‬بحقوق‭ ‬المواطنة‭ ‬باعتبارهم‭ ‬أجانب‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬تبقى‭ ‬مشكلة‭ ‬عدم‭ ‬استقرار‭ ‬الزوج‭ ‬في‭ ‬الوطن،‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬دخل‭ ‬ثابت‭ ‬له‭ ‬يضمن‭ ‬لها‭ ‬ولأبنائه‭ ‬منه‭ ‬حياة‭ ‬كريمة،‭ ‬وليس‭ ‬معنى‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الزيجات‭ ‬باءت‭ ‬بالفشل،‭ ‬فالواقع‭ ‬يشهد‭ ‬على‭ ‬نجاح‭ ‬بعضهم‭ ‬ولكن‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬فالاغلب‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك‭.‬

الـــرأي‭ ‬الــقانـــوني

إنَّ‭ ‬الحقوق‭ ‬المالية‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬أحكام‭ ‬التطليق،‭ ‬أو‭ ‬الطلاق‭ ‬من‭ )‬مؤخر‭ ‬صدق،‭ ‬ونفقة‭ ‬متراكة‭(‬،‭ ‬وغيرها‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬الحقوق‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬نفقة‭ ‬بمفهومها‭ ‬الشامل‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬يد‭ ‬الزوجة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬زوجها‭ ‬معسرًا،‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬مالًا‭ ‬منقولاً،‭ ‬أو‭ ‬عقارًا‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬التنفيذ‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬ذمة‭ ‬المدين‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬شخصه‭   ..‬وباعتبار‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬اهم‭ ‬تلك‭ ‬الحقوق‭ ‬هي‭ ‬حق‭ ‬النفقة‭ ‬التي‭ ‬فرضها‭ ‬المشرع‭ ‬للزوجة،‭ ‬والأبناء‭ ‬حال‭ ‬قيام‭ ‬العلاقة‭ ‬الزوجية‭ ‬وفرضها‭ ‬للمطلقة‭ ‬وأبنائها‭ ‬حال‭ ‬الفرقة‭ ..‬فقد‭ ‬نصت‭ ‬المادتان‭ )‬23‭(‬،‭ ‬و‭)‬71‭( ‬من‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬10‭/‬84‭ ‬بشأن‭ ‬احكام‭ ‬الزواج‭ ‬والطلاق‭ ‬واآثارهما‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬الزوجة،‭ ‬والأبناء‭ ‬في‭ ‬النفقة‭ ‬ووضع‭ ‬المشرع‭ ‬أساسًا‭ ‬لتقدير‭ ‬قيمة‭ ‬النفقة‭ .‬وهي‭ ‬حالة‭ ‬اليسر‭ ‬والعسر‭ ‬للملزم‭ ‬بها‭ ..‬اي‭ ‬انه‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬عسر‭ ‬الزوج‭ ‬الشديد‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يلزم‭ ‬إلا‭ ‬بمبلغ‭ ‬رمزي‭ ‬بالنفقة‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬الزوجة‭ ‬أو‭ ‬ابنها‭ ‬عمليا‭ ..‬وهنا‭ ‬يكون‭ ‬الامر‭ ‬اشد‭ ‬وطأة‭ ‬على‭ ‬المتزوجة‭ ‬من‭ ‬أجنبي‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬استفاء‭ ‬حقوقها‭ ‬لانه‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬لا‭ ‬راتب‭ ‬ولا‭ ‬عقار‭ ‬له،‭ ‬فتكون‭ ‬هي‭ ‬وأبناؤئها‭ ‬عرضة‭ ‬لظروف‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬القسوة‭ ‬كما‭ ‬انه‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الاحيان‭ ‬يعود‭ ‬الزوج‭ ‬لبلده‭ ‬الاصل‭ ‬وتبقى‭ ‬الزوجة‭ ‬وابنائها‭ ‬في‭ ‬بلدها‭ ‬دون‭ ‬معيل‭ ‬او‭ ‬نفقة‭ ‬فلا‭ ‬الدولة‭ ‬تضمن‭ ‬حقوق‭ ‬الابناء‭ ‬ولا‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تطالب‭ ‬بحقوق‭ ‬لهم‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى