إجتماعي

اعقلها وتوكل

غادة محمد حميد

لا‭ ‬يمكنَّني‭ ‬أنّ‭ ‬انسى‭ ‬أبدًا‭ ‬نظرة‭ ‬الفرحة‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬عيني‭ ‬والدي،‭ ‬وشعور‭ ‬السعادة‭ ‬عند‭ ‬والدتي‭ ‬عندما‭ ‬تحصلتُ‭ ‬على‭ ‬الترتيب‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬الشهادة‭ ‬الإعدادية‭ ‬بمدرسة‭ ‬‮«‬الوثيقة‭ ‬الخضراء‮»‬‭ ‬بغريان،‭  ‬ونلتُ‭ ‬على‭ ‬مجموعًا‭ ‬مرتفعًا‭ ‬أهلني‭ ‬إلى‭ ‬دخول‭ ‬الثانوية‭ ‬العامة‭ ‬لقد‭ ‬استمريتُ‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬مسيرة‭ ‬النجاح‭ ‬منذ‭ ‬صغري‭ ‬بفضل‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى،‭ ‬وتشجيع‭ ‬أبي‭ ‬وأمي‭ ‬ليَّ،‭ ‬وقد‭ ‬تكرر‭ ‬مشهد‭ ‬الفرحة‭ ‬الكبرى‭ ‬كما‭ ‬أُسميه‭ ‬عندما‭ ‬تحصلتُ‭ ‬على‭ ‬الترتيب‭ ‬الثاني‭ ‬على‭ ‬الدفعة‭  ‬بجامعة‭ ‬الجبل‭ ‬الغربي،‭ ‬وقد‭ ‬أُجيزتْ‭ ‬رسالتي‭ ‬الماجستير‭ ‬بامتياز‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬نشرها‭ ‬علىشبكة‭ ‬المعلومات‭ ‬الدولية«الانترنت»عندها‭ ‬قال‭ ‬ليّ‭ ‬أبي‭ ‬بالحرف‭ ‬الواحد‭ : ‬‭)‬إن‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬اسعد‭ ‬أيام‭ ‬حياته‭ !!(‬‭.‬

لقد‭ ‬مر‭ ‬َّعلى‭ ‬أبي،‭ ‬وكذلك‭ ‬عديد‭ ‬الآباء‭ ‬والأمهات‭ ‬الكثيرُ‭ ‬والكثير‭ ‬ُمن‭ ‬الأيام‭ ‬الجميلة‭ ‬من‭ )‬زواج،‭ ‬وإنجاب‭ ‬أطفال،‭ ‬وأفراح‭( ‬وهم‭ ‬يعتبرون‭ ‬تفوق‭ ‬أبنائهم‭ ‬اسعد‭ ‬أيام‭ ‬حياتهم‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

وإذا‭ ‬أردتُ‭ ‬أن‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬النجاح‭ ‬والتفوق‭ ‬والتميز‭ ‬فهو‭ ‬مطلبٌ،‭ ‬وطموح‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬منا‭ ..‬

هناك‭ ‬من‭ ‬يتوهم‭ ‬أن‭ ‬النجاحَ،‭ ‬والتفوق‭ ‬هو‭ ‬ضربة‭ ‬حظ،‭ ‬وصدفة‭ ‬عمياء‭ .. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬والتجربة‭ ‬يثبتان‭ ‬أن‭ ‬النجاح‭ ‬هو‭ ‬صناعة،‭ ‬وهندسة،‭ ‬وعلم‭ .‬‭.‬النجاح‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬بناء‭ ‬شخص‭ ‬قابل‭ ‬ومهيأ‭ ‬لمستقبل‭ ‬مشرق‭ ‬ومفعم‭ ‬بالنجاح‭ .. ‬تحقيق‭ ‬النجاح‭ ‬يتطلب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الإنسان‭ ‬متفائلاً،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬فكره‭ ‬إيجابيًا،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬الجوانب‭ ‬المشرقة‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬وأن‭ ‬يحذر‭ ‬التشاؤم‭ ‬والفكر‭ ‬المحبط‭..‬المشدود‭ ‬نحو‭ ‬بؤر‭ ‬الفشل‭. ‬

تحقيق‭ ‬النجاح‭ ‬يتطلب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للإنسان‭ ‬أهدافٌ‭ ‬محددة‭ ‬وواضحة،‭ ‬و‭ ‬يتطلب‭ ‬أن‭ ‬يبذل‭ ‬الإنسان‭ ‬جهوداً‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬اليأس،‭ ‬فالإصرار‭ ‬عنصرٌ‭ ‬ضروري‭ ‬في‭ ‬معادلة‭ ‬النجاح‭ ‬والثقة‭ ‬بالنفس‭ ‬هي‭ ‬طاقة‭ ‬دافعة‭ ‬نحو‭ ‬النجاح‭.. ‬حيث‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬الإنسان‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬التفكير‭ ‬الدقيق‭ ‬ليحقق‭ ‬أهدافه‭ ‬وطموحاته،‭ ‬فكثيرٌ‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬بفكر‭ ‬مشوشٍ،‭ ‬ومبعثرٍ‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬استنتاجات‭ ‬خاطئة،‭ ‬و‭ ‬قناعاتٍ‭ ‬لا‭ ‬تتسم‭ ‬بعمق‭ ‬الرؤية‭. ‬

فمجاهدة‭ ‬النفس‭ ‬وتربيتها‭ ‬وتعويدها‭ ‬على‭ ‬الالتزام‭ ‬أمرٌ‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية‭ ‬حتى‭ ‬يمكن‭ ‬للإنسان‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بالأعمال‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬يتطلبها‭ ‬مشوار‭ ‬النجاح،‭ ‬فالإنسان‭ ‬الذي‭ ‬يقوده‭ ‬هواه‭ ‬وتتحكم‭ ‬فيه‭ ‬رغباته،‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬يريد‭ ‬من‭ ‬طموحات‭.. ‬ويظل‭ ‬يحلم‭ ‬في‭ ‬فضاءات‭ ‬فارغة‭ ..! ‬

فالنجاح‭ ‬يتطلب‭ ‬أن‭ ‬تؤمن‭ ‬بقدرتك‭ ‬على‭ ‬تحقيقه،‭ ‬فدون‭ ‬أن‭ ‬يوجد‭ ‬لديك‭ ‬قوة‭ ‬الإيمان‭ ‬بقدرتك‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬تريد‭ ‬يصبح‭ ‬النجاح‭ ‬أمامك‭ ‬مستحيلًا‭. ‬

فالإنسان‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬تحقيق‭ ‬النجاح‭ ‬منفرداً‭ ‬لذلك‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬علاقة‭ ‬مع‭ ‬مجموعةٍ‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬تقاسمه‭ ‬الأهداف‭ ‬نفسها،‭ ‬ويعتبرون‭ ‬فريقك‭ ‬الذي‭ ‬يساندك‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافك‭ .‬

النجاح‭ ‬يتحقق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الآخرين،‭ ‬ولذلك‭ ‬تلعب‭ ‬الشخصية‭ ‬دوراً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬تحقيقه،‭ ‬حيث‭ ‬يعد‭ ‬اللطف‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬واللباقة،‭ ‬والبشاشة‭ ‬ضرورة‭ ‬لكي‭ ‬يحقَّق‭ ‬الإنسانُ‭ ‬ما‭ ‬يريد،‭ ‬ويمكن‭ ‬للإنسان‭ ‬غير‭ ‬البشوش‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعويد‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬الابتسامة‭ ‬والعبارات‭ ‬اللطيفة‭ ‬أن‭ ‬يوجد‭ ‬تحولاً‭ ‬في‭ ‬شخصيته‭ ‬ويصبح‭ ‬شخصاً‭ ‬بشوشاً‭ ‬مع‭ ‬الأيام‭ . ‬

تحقيق‭ ‬النجاح‭ ‬يتطلب‭ ‬من‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يتصف‭ ‬بالمبادرة‭ ‬،‭ ‬فهو‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يبادر‭ ‬بطرح‭ ‬أفكار‭ ‬وآراء‭ ‬تجلب‭ ‬له‭ ‬النجاح،‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬مثل‭ ‬الغالبية‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬القانعين‭ ‬بروتين‭ ‬الحياة،‭ ‬والمستسلمين‭ ‬للظروف‭. ‬

‭ ‬لا‭ ‬تنسَ‭ ‬الحماسَ‭ ‬الذي‭  ‬يعد‭ ‬عنصراً‭ ‬أساسياً‭ ‬لتحقيق‭ ‬النجاح،‭ ‬فالإنسان‭ ‬الذي‭ ‬يفقد‭ ‬الحماسَ‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬تحقيق‭ ‬الإنجازات،‭ ‬والحماسُ‭ ‬طاقةٌ‭ ‬يحتاجها‭ ‬الإنسان‭ ‬ليندفع‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬دون‭ ‬توانٍ،‭ ‬أو‭ ‬تخاذل‭. ‬

يـتـبع‭ ….‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى