في بلادٍ تُقدّسُ العائلةَ وتُفاخرُ بقيم الرحمة، والتكافل، تُرمى الطفلة «رواسي» في الشارع أكثر من مرة، وكأنها بلا دمٍ يجري في عروقها، بلا قلبٍ صغير يرتجف من الخوف، بلا حقٍّ في الحياة الكريمة.
مَنْ يُنصف «رواسي»؟!، ومَنْ يُعيد إليها ما سُلبَ منها دون ذنب؟
لسنا أمام قصة عابرة، أو حادثة فردية. نحن أمام جريمة تربوية وأخلاقية، وقانونية، ضحيتها طفلة لم تخترْ أهلها، ولم تطلب أكثر من حضن دافيء، وبيت آمن. لكنّ القدرَ وضعها في طريق أب تملص من المسؤولية، وأم ميتة القلب.
فهل يُعقل في القرن الحادي والعشرين أن يُلقى بطفلة في الشارع، ثم تُسحب إلى دار رعاية، بينما والداها لا يزالان أحياء؟! أي مجتمعٍ هذا الذي يقبل أن تُؤمم الطفولة، ويُخصخص الاهمال؟!
الحديث النبوي الشريف يقول :
)كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته( ..
فأين الرعاية؟!، وأين المسؤولية؟!
أين القانون .. الذي نصّ صراحة على أن اهمال الأبناء يُعدّ جريمةً يُحاسبُ عليها القانون لا الزمن؟.
«رواسي» اليوم تمثل وجعًا عامًا، ليس فقط لها، بل لكل طفل تُهدر طفولته باسم الخلافات الأسرية، أو العجز الاقتصادي، أو التخلّي العاطفي. وواجبنا كإعلام ومجتمع، وقانون، ألا نكتفي بمشهد الحزن، أو صدمة الفاجعة، بل نرفع الصوت عاليًا:
كفى تجاهلًا .. كفى صمتًا..!!
نطالبُ السلطاتِ المعنيةَ تطبيقًا صارمًا لقانون العقوبات على كل مَنْ قصّر، أو اهمل، أو شارك في هذه الجريمة بالصمتِ، أو التبرير. فدار الرعاية ليستْ حلًا دائمًا، بل مخرجًا مؤقتًا لعجز المجتمع.
«رواسي» لا تحتاج إلى مؤسسة.. بل إلى قلب مسؤولين.
وما لم ننتصر للطفولة، فسننهزم جميعًا أمام إنسانيتنا.