
كان شيخ كبير في السن قد بلغ من العمر سبعين عاماً تقريباً اسمه «سالم» شجاعًا حذقًا حريصًا لا يخرج إلا وبندقيته معه. فكان ذلك اليوم يرعى غنمه في جبل وادي «قويام» في خشة «ولد حليمة» في حيز قرية من قرى الجبل، وهو من سكانها ولكنه من أصل «تيميجار» كان في ذلك الجبل وغنمه أمامه وهو جالسٌ على صخرة يُصلح في بندقيته وقد وضع أصابعه على فوهة البندقية فخرجتْ إطلاقة عن طريق الخطأ فأصابتْ إصبعين من أصابع يده اليسرى.
حاول ربط أصبعيه بقطعة قماش لوقف النزيف وفعلاً قد أفلح في ذلك حتى رجع إلى القرية، وهو يسوق أغنامه في وقت لم يتعود الرجوع فيه إلى القرية مما أثار انتباه أحد أبنائه جنب المنزل حيث تم لقاؤه قبل وصوله للمنزل فبدأ ابنه يسأل عن سبب رجوعه وسبب ربط اليد، هل أنتَ ملدوغ يا أبي ؟!، فأجابه أدخل الغنم إلى الحظيرة وستفهم فيما بعد، قام ابنه بإدخال الغنم إلى الحظيرة وهو يتساءل عن سبب رجوعه في هذا الوقت، وسبب ربط اليد وهو يقول لا حول ولا قوة إلا بالله، وقد قام بإقفال الحظيرة بإحكام ولحق بأبيه فوجده والعائلة كلهم حوله يقومون بربط الأصابع المقطوعة ويُحكمون الربط خوفًا من النزيف، وعندما تم إسعافه طلب منه أبناؤه الذهاب إلى الطبيب فأمتنع عن الذهاب خوفًا من الشرطة التي ستقوم بالتحقيق في تلك الحادثة، وستقوم بسحب البندقية ومعاقبته، فقال له أبناؤه ستفهم النَّاس هذا السر في يوم من الأيام قال أنتم لا تتكلموا، ولا تخبروا أحدًا بما حدث وأنا الذي سأتكلم فقط وأنا أعرف ما أقول .
وعندما انتشر الخبر في القرية بقطع أصابع الحاج سالم توافدوا عليه أفراداً وجماعات يحمدون له السلامة ويستفسرون عن الحادث الذي ألم به .
وكان من ضمن هؤلاء الناس صهر ابنه موسى الذي أخبرته أخته عن الحادثة باعتباره من ضمن العائلة فعرف كل كبيرة وصغيرة عن هذه القصة المجهولة عن أغلب أهالي القرية .
وعندما كان جالسًا مع الناس في المربوعة والحاج سالم يروي القصة، وهو يقول بصوت مرتفع حتى يسمع الجميع ودون تلعثم في حديثه واصفًا له السبب، وما حدث له وهو يقول :
عندما كنتُ جالسًا على صخرة، والغنم ترعى أمامي فإذا بصخرة تهوى من أعلى الجبل وتضربني على يدي هذه ويشير إلى يده المصابة فأصابت الاصبعين، ولم ينفصلوا عن اليد ويوجد معي فأس صغير فقمتُ بقطع الاصبعين بالفأس وربطهما بقطعة قماش ورجعت إلى البيت، وهو يظهر الصبر والشجاعة في حديثه هذا وكان صهر ابنه يستمع إليه وهو مستغربٌ في هذه القصة التي سمعها من أخته، وهي مخالفة لما يرويه الحاج سالم فقاطعه قائلاً :
يا خالي سالم، قال نعم، فقال له قد سمعنا القصة بشكل آخر فرد وبسرعة، يا امحمد أنتَ كيف اسمعت صحيح والحديث للجماعة واستمر في رواية القصة المكذوبة لبقية الجماعة ودون أي ارتباك، وكذب على الصخرة كما كذب إخوة سيدنا يوسف على الذئب .