قانوني

قضية العدد: تلاعب بمستندات الملكية !!

لم‭ ‬يتخيل‭ ‬ربّ‭ ‬عمل‭ ‬أن‭ ‬الثقة‭ ‬التي‭ ‬منحها‭ ‬لأحد‭ ‬العاملين‭ ‬السابقين‭ ‬ستتحول‭ ‬إلى‭ ‬خنجر‭ ‬في‭ ‬الظهر،‭ ‬ينتهي‭ ‬بقضية‭ ‬تتفرّع‭ ‬خيوطها‭ ‬نحو‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬التلاعب‭ ‬في‭ ‬المستندات‭ ‬الرسمية‭ ‬وتزوير‭ ‬ملكيات‭ ‬المركبات‭!‬

القصة‭ ‬بدأت‭ ‬حينما‭ ‬قام‭ ‬أحد‭ ‬المواطنين،‭ ‬بحكم‭ ‬علاقة‭ ‬العمل،‭ ‬بتسليم‭ ‬سيارته‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬هونداي‭ ‬إكسنت‭ ‬لأحد‭ ‬العمال‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬محل‭ ‬ثقته،‭ ‬لاستخدامها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المهام‭ ‬اليومية‭. ‬لكن‭ ‬المفاجأة‭ ‬أن‭ ‬العامل‭ ‬امتنع‭ ‬لاحقًا‭ ‬عن‭ ‬إرجاع‭ ‬المركبة،‭ ‬متجاهلًا‭ ‬كل‭ ‬محاولات‭ ‬التواصل،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬احتفاظه‭ ‬بمقتنيات‭ ‬شخصية‭ ‬تعود‭ ‬لربّ‭ ‬العمل،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬هاتف‭ ‬نقال‭ ‬ودفتر‭ ‬صكوك‭.‬

وبعد‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬البحث،‭ ‬تم‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬مركبة‭ ‬مطابقة‭ ‬للمواصفات‭ ‬في‭ ‬ورشة‭ ‬صغيرة‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬سكنية‭ ‬شرقية‭ ‬بالعاصمة‭. ‬اللافت‭ ‬أن‭ ‬المركبة‭ ‬كانت‭ ‬مسجلة‭ ‬باسم‭ ‬شخص‭ ‬مختلف‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬صاحب‭ ‬البلاغ‭! ‬وعند‭ ‬مراجعة‭ ‬الصور،‭ ‬أكد‭ ‬رب‭ ‬العمل‭ ‬أن‭ ‬السيارة‭ ‬تعود‭ ‬له‭ ‬دون‭ ‬شك،‭ ‬وأن‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تسجيلها‭ ‬باسمه‭ ‬كان‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬لديه‭ ‬سابقًا،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬الشكوك‭ ‬تتسع‭ ‬وتتكاثف‭.‬

الورشة‭ ‬التي‭ ‬وُجدت‭ ‬فيها‭ ‬المركبة‭ ‬أُدخلت‭ ‬إليها‭ ‬بغرض‭ ‬صيانة‭ ‬مدفوعة‭ ‬الأجر،‭ ‬وفقًا‭ ‬لأقوال‭ ‬صاحب‭ ‬الورشة،‭ ‬الذي‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬أحضرها‭ ‬ادعى‭ ‬أنها‭ ‬ملكٌ‭ ‬لزوجته‭. ‬لكن‭ ‬التحريات‭ ‬أظهرت‭ ‬أن‭ ‬الملكية‭ ‬نُقلت‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬سند‭ ‬قانوني،‭ ‬ما‭ ‬يُشير‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬تلاعب‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬إجراءات‭ ‬التسجيل‭.‬

المفاجأة‭ ‬الثانية‭ ‬لم‭ ‬تتأخر؛‭ ‬إذ‭ ‬كشف‭ ‬رب‭ ‬العمل،‭ ‬أثناء‭ ‬تقديم‭ ‬إفادته،‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مركبة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬النوع‭ ‬والموديل‭ ‬كانت‭ ‬أيضًا‭ ‬بحوزة‭ ‬عامل‭ ‬آخر‭ ‬ضمن‭ ‬فريقه،‭ ‬وقد‭ ‬اختفت‭ ‬بدورها‭ ‬بنفس‭ ‬الطريقة،‭ ‬ليبدأ‭ ‬خيط‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬التحقيق‭.‬

لاحقًا،‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬العامل‭ ‬الثاني،‭ ‬الذي‭ ‬أقرّ‭ ‬بأنه‭ ‬سلّم‭ ‬المركبة‭ ‬لشخص‭ ‬ثالث‭ ‬بدعوى‭ ‬“الخوف‭ ‬من‭ ‬الأوضاع‭ ‬الأمنية”‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬يقيم‭ ‬فيها‭. ‬وأوضح‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ينوي‭ ‬التصرّف‭ ‬في‭ ‬المركبة،‭ ‬بل‭ ‬أودعها‭ ‬عند‭ ‬ذلك‭ ‬الشخص‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬الأمانة‭ ‬المؤقتة‮…‬‭ ‬لكن‭ ‬الأمانة‭ ‬تحوّلت‭ ‬إلى‭ ‬وسيلة‭ ‬للاستيلاء‭!‬

وباستمرار‭ ‬التتبع،‭ ‬تم‭ ‬ضبط‭ ‬الشخص‭ ‬الثالث،‭ ‬الذي‭ ‬تبيّن‭ ‬أنه‭ ‬العقل‭ ‬المدبر‭ ‬لكامل‭ ‬السيناريو‭. ‬اعترف‭ ‬صراحة‭ ‬بأنه‭ ‬قام‭ ‬بإخفاء‭ ‬المركبة‭ ‬الأولى‭ ‬داخل‭ ‬الورشة،‭ ‬وساهم‭ ‬في‭ ‬تزوير‭ ‬بيانات‭ ‬الملكية‭ ‬بمساعدة‭ ‬شخص‭ ‬مختص،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬إصدار‭ ‬كتيبات‭ ‬جديدة‭ ‬لتبدو‭ ‬وكأن‭ ‬المركبتين‭ ‬ملكه‭.‬

تم‭ ‬تحديد‭ ‬مكان‭ ‬المركبة‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مخبأة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬ساحلية،‭ ‬وتم‭ ‬ضبطها‭ ‬بعد‭ ‬مطاردة‭ ‬دقيقة‭. ‬كما‭ ‬جرى‭ ‬فحص‭ ‬المركبتين‭ ‬وتبين‭ ‬تطابق‭ ‬أرقام‭ ‬الهياكل‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬البلاغات‭ ‬الأصلية‭. ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬المركبتين‭ ‬كانت‭ ‬تحمل‭ ‬لوحة‭ ‬جديدة‭ ‬تم‭ ‬تغييرها‭ ‬ضمن‭ ‬عملية‭ ‬تزوير‭ ‬كاملة‭ ‬للملف‭.‬

القضية‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬عند‭ ‬حدود‭ ‬“خيانة‭ ‬أمانة”،‭ ‬بل‭ ‬اتسعت‭ ‬لتشمل‭ ‬تلاعبًا‭ ‬خطيرًا‭ ‬في‭ ‬المنظومات‭ ‬الرسمية‭ ‬ونقل‭ ‬ملكيات‭ ‬بطرق‭ ‬احتيالية،‭ ‬ما‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬تحقيقات‭ ‬إضافية‭ ‬حول‭ ‬احتمالية‭ ‬تورط‭ ‬عناصر‭ ‬أخرى‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التزوير‭.‬

وبعد‭ ‬استرجاع‭ ‬المركبتين،‭ ‬وتحريز‭ ‬الهاتف‭ ‬المسترجع،‭ ‬تمت‭ ‬إحالة‭ ‬المتورطين‭ ‬إلى‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬لاستكمال‭ ‬التحقيقات‭ ‬واتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬بحقهم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى