ثقافة

بعد أن ينتهي كل شيء

سراج الدين الورفلي

بائع‭ ‬السمك‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬أعرفه،‭ ‬مات‭ ‬البارحه،‭ ‬

كان‭ ‬فقيرًا

مصاب‭ ‬بالسكري‭ ‬

بَترتْ‭ ‬‮«‬الغرغرينا‮»‬‭ ‬قدمه‭ ‬

وواجه‭ ‬العالم‭ ‬بكلية‭ ‬واحدة‭. ‬

أشاهده‭ ‬الآن‭ ‬وهو‭ ‬يقف‮ ‬‭ ‬أمام‭ ‬البحر

يشم‭ ‬عبر‭ ‬النوافذ‭ ‬المغلقة

رائحة‭ ‬الأثداء‭ ‬الهزيلة‭ ‬التي‭ ‬تطفو‭ ‬فوق‭ ‬المياه‭ ‬الراكدة،

يقشر‭ ‬‮«‬الروبيان‮»‬‭ ‬الزهري،

يغسل‭ ‬نعاس‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬وجه‭ ‬زوجها‭ ‬بين‭ ‬السمك‭ ‬الميت،‭ ‬

المرأة‭ ‬التي‭ ‬أعتقد‭ ‬أنها‭ ‬تشبه‭ ‬بحيرة‭ ‬جافة‭ ‬ممتلئة‭ ‬بريش‭ ‬طيور‭ ‬النعام،‭ ‬

قالتْ‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬قابلها‭ ‬فيها‭ :‬

أنا‭ ‬دائمًا‭ ‬حزينة‭ ‬قليلًا،‭ ‬مثل‭ ‬البحر‭. ‬

القلوب‭ ‬الرقيقة‭ ‬المحطمة‭ ‬تحب‭ ‬أن‭ ‬ترى‭ ‬انعكاس‭ ‬صورتها‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الماء،‭ ‬

كان‭ ‬يملك‭ ‬موهبة‭ ‬تأمل‭ ‬الموج‭ ‬وهو‭ ‬يتكسر‭ ‬على‭ ‬الشاطئ‭ ‬الصخري،

القلوب‭ ‬الرقيقة‭ ‬المحطمة‭ ‬تحب‭ ‬أن‭ ‬ترى‭ ‬انعكاس‭ ‬صورتها‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الماء،

آخر‭ ‬كلماته‭ ‬كانت‭:‬

أنا‭ ‬دائمًا‭ ‬حزين‭ ‬قليلاً،‭ ‬مثل‭ ‬البحر،‭ ‬

نصب‭ ‬صنارته‭ ‬فوق‭ ‬الجلد‭ ‬المتلألأ‭ ‬تحت‭ ‬الماء

وضع‭ ‬شمسه‭ ‬تحت‭ ‬الوسادة

واختفى‭ ‬في‭ ‬ضباب‭ ‬ابتسامة‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تتذكره‭ ‬أبدًا‭..‬

‭***********‬

اتأمل‭ ‬وجه‭ ‬الماء‭ ‬

الذي‭ ‬يصلح‭ ‬لأن‭ ‬يكون‭ ‬ظلكِ‭ ‬في‭ ‬الخريف‭ ‬

ظلكِ‭ ‬الذي‭ ‬صار‭ ‬يسرح‭ ‬كثيرًا‭ ‬

لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬يسير‭ ‬أحيانًا‭ ‬وحيدًا

وينساكِ‭ ‬معلقة‭ ‬على‭ ‬السياج‭ ‬

كوردة‭ ‬في‭ ‬يومها‭ ‬الثالث‭ .. ‬

‭***********‬

حين‭ ‬تخرج‭ ‬المدرعات‭ ‬من‭ ‬ثكناتها‭ ‬

ويبدأ‭ ‬التكبير‭ ‬واطلاق‭ ‬القذائف‭ ‬

أرغب‭ ‬بشدة‭ ‬في‭ ‬تقبيلكِ‭ ‬

فمن‭ ‬غيرنا‭ ‬سيُغمض‭ ‬عيني‭ ‬الفزع‭ ‬

بعد‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى