اجتماعي

إسماعيل دنف وجع طفل ليبي يهزّ ضمير المجتمع

عبير أبو عافية

في‭ ‬مشهدٍ‭ ‬صادمٍ‭ ‬تناقلته‭ ‬صفحات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬انتشرتْ‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬صورٌ‭ ‬ومقاطع‭ ‬تُظهر‭ ‬طفلًا‭ ‬يُدعى‭ ‬‮«‬إسماعيل‭ ‬دنف‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬مصراتة‭ ‬يُقال‭ ‬إنه‭ ‬فارق‭ ‬الحياة‭ ‬بعد‭ ‬تعرضه‭ ‬لتعذيبٍ‭ ‬قاسٍ‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬والده،‭ ‬في‭ ‬واقعةٍ‭ ‬هزّت‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الليبي‭ ‬وأعادت‭ ‬فتح‭ ‬ملف‭ ‬العنف‭ ‬الأسري‭ ‬ضد‭ ‬الأطفال‭ .. ‬وبحسب‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تداوله‭ ‬على‭ ‬نطاقٍ‭ ‬واسع‭ ‬بين‭ ‬رواد‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل،‭ ‬فإن‭ ‬الطفل‭ ‬كان‭ ‬يعيش‭ ‬مع‭ ‬والده‭ ‬بعد‭ ‬انفصال‭ ‬والديه،‭ ‬لتتحوَّل‭ ‬حياته‭ ‬اليومية‭ ‬إلى‭ ‬دائرة‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬والألم‭.‬

وأشارتْ‭ ‬المنشورات‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬الأب‭ ‬كان‭ ‬يعذّب‭ ‬ابنه‭ ‬انتقامًا‭ ‬من‭ ‬طليقته،‭ ‬في‭ ‬محاولةٍ‭ ‬للضغط‭ ‬النفسي‭ ‬عليها‭..‬الطفل‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬سنوات‭ ‬الطفولة‭ ‬الأولى،‭ ‬كان‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الصور‭ ‬وهو‭ ‬يبتسم،‭ ‬ابتسامةً‭ ‬تُخفي‭ ‬خلفها‭ ‬ملامح‭ ‬الألم،‭ ‬وأثار‭ ‬الضرب‭  ‬لتصبح‭ ‬تلك‭ ‬الابتسامة‭ ‬اليوم‭ ‬رمزًا‭ ‬موجعًا‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬شاهد‭ ‬القصة‭ .. ‬حتى‭ ‬لحظة‭ ‬كتابة‭ ‬هذا‭ ‬التقرير،‭ ‬لم‭ ‬تصدر‭ ‬أي‭ ‬جهة‭ ‬رسمية‭ ‬في‭ ‬بيانًا‭ ‬يؤكد‭ ‬أو‭ ‬ينفي‭ ‬الحادثة،‭ ‬فيما‭ ‬يطالب‭ ‬ناشطون‭ ‬بفتح‭ ‬تحقيق‭ ‬عاجل‭ ‬لكشف‭ ‬ملابسات‭ ‬القصة،‭ ‬ومحاسبة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تورّط‭ ‬في‭ ‬تعذيب‭ ‬الطفل،‭ ‬أو‭ ‬التستر‭ ‬على‭ ‬معاناته‭ .. ‬ويشير‭ ‬خبراء‭ ‬اجتماعيون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الواقعة‭  ‬سواء‭ ‬ثبتت‭ ‬رسميًا‭ ‬أم‭ ‬لا‭  ‬تعكس‭ ‬حالة‭ ‬قلقٍ‭ ‬اجتماعي‭ ‬حقيقي‭ ‬يعيشها‭ ‬الأطفال‭ ‬داخل‭ ‬بعض‭ ‬الأسر؛‭ ‬حيث‭ ‬تتداخل‭ ‬الخلافات‭ ‬الزوجية‭ ‬مع‭ ‬غياب‭ ‬الوعي‭ ‬القانوني،‭ ‬لتتحوَّل‭ ‬الطفولة‭ ‬أحيانًا‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬انتقام‭ ‬بين‭ ‬الكبار‭..‬‭ ‬تقول‭ ‬الاختصاصية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬نجلاء‭ ‬بن‭ ‬موسى‭ ‬لصحيفتنا‭ :‬

العنفُ‭ ‬الأسري‭ ‬ضد‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مجرد‭ ‬حالات‭ ‬فردية،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬ظاهرةً‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬رصدٍ‭ ‬وتشريعات‭ ‬حازمة‭. ‬الطفل‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬وسيلة‭ ‬للانتقام،‭ ‬أو‭ ‬ورقة‭ ‬ضغط‭ ‬في‭ ‬النزاعات‭ ‬الزوجية‭.‬‮»‬‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬دعا‭ ‬ناشطون‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬حملة‭ ‬تحت‭ ‬وسم‭ #‬حق‭_‬إسماعيل‭ ‬للمطالبة‭ ‬بملاحقة‭ ‬مرتكبي‭ ‬جرائم‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬الأطفال،‭ ‬مؤكدين‭ ‬أن‭ ‬السكوت‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬مشاركةٌ‭ ‬ضمنية‭ ‬في‭ ‬استمرارها‭ .. ‬ورغم‭ ‬غياب‭ ‬التأكيدات‭ ‬الرسمية،‭ ‬تبقى‭ ‬قصة‭ ‬إسماعيل‭  ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬واقعة‭ ‬حقيقية‭ ‬أم‭ ‬صرخة‭ ‬رمزية‭ ‬جرس‭ ‬إنذارٍ‭ ‬مؤلم‭ ‬لمجتمعٍ‭ ‬يحتاج‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬مفهوم‭ ‬الأبوة،‭ ‬في‭ ‬مسؤولية‭ ‬الحماية،‭ ‬وفي‭ ‬واجب‭ ‬الدولة‭ ‬تجاه‭ ‬أبنائها‭ ‬الصغار‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬صوت‭ ‬لهم‭ ‬إلا‭ ‬عبر‭ ‬دموعهم‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى