ها أنا يا أبي
شقيٌ كـدمية ممزقة
أرتشفُ من تجاعيدك سهري
وأصنعُ من وعودكِ الصغيرة
رجلَ ثلجٍ كبير
ألا تذكرُ يا أبي
الأنتظار الطويل أمام المخابز
فجراً
ورائحةُ الخطابات الثورية
تفوحُ من نهايات الأزقةِ الرطبة
والقفز بين حقول العجين
فوق مصطبة جدتي الرخامية
كـعصفورين أخضرين لا يُحبانِ الغروب
لازلتُ أنتظر الثامنة كل مساء
لأشاهد موجز الأخبار
وأنا أرتلُ آخر ما ورد إلينا
وأتلو القتل على مسامع الفقراء
أو لأخبر العرب عاجلاً
أن فلسطين قد تحرَّرت
ألم تُخبرني بأني سأكون هناك
أرتدي طفولتي المشذبة
وأضعُ عطرًا رائحتهُ بيتنا
وألوكُ التبغَ كـنكتةٍ بذيئة
فأين أحلامي يا أبي
لازلتُ أنتظر
حنجرتي مفخخة بالنيكوتين
ورأسي يُحاصره الشيب
ندوبي لا تبدو مُقنعة
فلا أحدَ يفكر في وضعِ الثلج عليها
وأنا وحيد كـمحاولة أنتحار
لرجل يغرق
أريد وطني المذوبح
كـطائر سنونو
هدهدات أمي بيديها المُخضبتين
بالماضي وشجارات أشقائي
لأجلك
لقد كان فراشك يسعُ بكائي المتقاطر
لذلك كنتُ أحب الأنتظار
لأكبر كـشجرة زيتون
وأرفرفَ إلى آخر الشارع الموحل
لأشتري بعض الهالاتِ والقمل
بعض الشبابِ الملطخِ بالحرب
والحبِ المصلوبِ فوق خشبِ العادات.