رأي

أكبر من تل ابيب وطهران

■ أمين مازن

يستطيع‭ ‬المراقب‭ ‬المنصف‭ ‬أن‭ ‬يقرر‭ ‬بكل‭ ‬الاطمئنان‭ ‬أن‭ ‬صدق‭ ‬التوقعات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بنوعية‭ ‬الرد‭ ‬الإيراني‭ ‬على‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬قنصليتها‭ ‬بدمشق،‭ ‬والقائلة‭ ‬بأن‭ ‬الرد‭ ‬المنتظر‭ ‬لن‭ ‬يُخل‭ ‬بالتوازن‭ ‬الذي‭ ‬يحرص‭ ‬الطرف‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬المحافظة‭ ‬عليه‭ ‬كيفما‭ ‬كان‭ ‬الإخلال‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يُستدرج‭ ‬إليه‭ ‬هذا‭ ‬الطرف‭ ‬أو‭ ‬ذاك،‭ ‬وأن‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬الطرفين‭ ‬كما‭ ‬يعرفه‭ ‬بل‭ ‬ويحدده‭ ‬الراعي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬سيكون‭ ‬دائماً‭ ‬هو‭ ‬سيد‭ ‬الموقف،‭ ‬وإن‭ ‬بدا‭ ‬ظاهرياً‭ ‬ليس‭ ‬كذلك،‭ ‬وهكذا‭ ‬بعد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الوعد‭ ‬والوعيد‭ ‬والإنذار‭ ‬والتهديد،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬تنقضي‭ ‬عطلة‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬السعيد،‭ ‬انطلقت‭ ‬عشرات‭ ‬المُسَيَّرات‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬والصواريخ‭ ‬المعبأة‭ ‬من‭ ‬العاصمة‭ ‬الإيرانية‭ ‬متجهة‭ ‬نحو‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬لتمر‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬سماء‭ ‬فيتم‭ ‬اعتراضها‭ ‬أمريكياً‭ ‬وبريطانياً‭ ‬وحتى‭ ‬فرنسياً،‭ ‬تنفيذا‭ ‬لما‭ ‬أُعلِنَ‭ ‬من‭ ‬العزم‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬تتعرض‭ ‬إليه،‭ ‬وتعمد‭ ‬الأردن‭ ‬من‭ ‬جهتها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تُعلن‭ ‬إلى‭ ‬إسقاط‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يدخل‭ ‬أجواءها‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المُسَيَّرات،‭ ‬دفاعاً‭ ‬عن‭ ‬السيادة‭ ‬كما‭ ‬أُعلن،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبة‭ ‬قد‭ ‬تدفع‭ ‬بالطبع‭ ‬إسرائيل‭ ‬كي‭ ‬تهدد‭ ‬بقرب‭ ‬الرد،‭ ‬وربما‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬يصدق‭ ‬بل‭ ‬ويحدد‭ ‬قرب‭ ‬الموعد،‭ ‬أما‭ ‬النظرة‭ ‬الأبعد‭ ‬فسترى‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬ظهر‭ ‬من‭ ‬امكانيات‭ ‬إيران‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬امبرطوريات‭ ‬البترول‭ ‬الخليجي‭  ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الحذر‭ ‬والتدبّر‭ ‬والتنسيق‭ ‬القوي‭ ‬مع‭ ‬الحليف‭ ‬الأكبر،‭ ‬فكل‭ ‬مراجعة‭ ‬معمّقة‭ ‬تعطي‭ ‬الأهمية‭ ‬بل‭ ‬الضرورة‭ ‬للمشترك‭ ‬القومي‭ ‬وأرصدته‭ ‬الوجدانية،‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬فرص‭ ‬اللقاء‭ ‬ودواعي‭ ‬التعاون‭ ‬أقدر‭ ‬بين‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬تعود‭ ‬أذواقهم‭ ‬إلى‭ ‬بقايا‭ ‬سجع‭ ‬الكُهّان‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يعودوا‭ ‬يذكرون‭ ‬منه‭ ‬شيئاً،‭ ‬بعكس‭ ‬الذين‭ ‬مرجعياتهم‭ ‬مختلفة‭ ‬وألسنتهم‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تنطق‭ ‬أبلغ‭ ‬ما‭ ‬تواتر‭ ‬على‭ ‬تقديسه‭ ‬العرب‭ ‬بألسنة‭ ‬تحرم‭ ‬المستمع‭ ‬من‭ ‬أنفس‭ ‬جمالياته،‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬إسرائيل‭ ‬قصدت‭ ‬بمهاجمة‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬قنصليتها‭ ‬بدمشق‭ ‬وتقتل‭ ‬من‭ ‬ترى‭ ‬ضرورة‭ ‬قتله‭ ‬وترد‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬ترابها‭ ‬وبالصورة‭ ‬التي‭ ‬أتاحت‭ ‬لأمريكا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬إسقاط‭ ‬معظم‭ ‬ما‭ ‬وُجِّهَ‭ ‬لإسرائيل‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬العرب،‭ ‬فلأن‭ ‬اللعبة‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬قد‭ ‬تمت‭ ‬كما‭ ‬تريد‭ ‬لها‭ ‬أمريكا،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الأمور‭ ‬مقُدّرة‭ ‬سلفاً‭ ‬وما‭ ‬يربط‭ ‬الطرفين‭ ‬أوثق‭ ‬ويعود‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬تجنب‭ ‬القتال‭ ‬الحقيقي،‭ ‬ويكفي‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬قضمه‭ ‬الشاه‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬العربية‭ ‬لم‭ ‬يتخلَّ‭ ‬عنه‭ ‬نظام‭ ‬آيات‭ ‬الله،‭ ‬فدور‭ ‬إيران‭ ‬هو‭ ‬الدور‭ ‬المطلوب،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬أردنا‭ ‬وصفه‭ ‬في‭ ‬كلمات‭ ‬فقد‭ ‬نقول‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬وطهران‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى