رأي

توطين العمل

هاشم شليق

 

بحلول عام 2030 سوف يعيش أكثر من ثلثي سكان العالم في المدن على حساب الأرياف بسبب عوامل الدفع وأهمها الإفتقار إلى الفرص الإقتصادية مقابل عوامل جذب منها الأمل في ظروف معيشية أفضل..فالعمق الجغرافي لعدد من الدول أصبح بيئة طاردة وليست حاضنة لمواطنيها..إنه ثمن اتساع الفجوة التنموية بين الدواخل والمدينة التي آلت غالبا بسبب مزاحمة القادمين للمقيمين إلى إرتفاع نسبة البطالة والفقر في المدن الرئيسية مما يعني إرتفاع معدل الجريمة..
عموما يشكل ربط مخرجات التعليم بسوق العمل في المدن وخارجها ذو أهمية ولكنه عبء ثقيل والشاهد على ذلك ما يحدث في أفريقيا حيث ينبغي إيجاد 18 مليون فرصة عمل جديدة سنويا بينما تتوفر حاليا 3 ملايين فرصة فقط..
إذن يصعب توفير فرص عمل فالعرض أقل من الطلب لذا تعد الثغرة بين التعليم وسوق العمل سببا آخرا في الهجرة إلى البلدان المتقدمة اعتقادا بأنها أكثر استيعابا للمهارات والقدرات..وبالتالي ظهرت الثقافة العابرة التي تضعف الإحساس بالهوية الوطنية فما الذي جعل 50% من الأطباء و 23% من المهندسين و 15% من مجموع الكفاءات العربية المتخرجة يهاجرون إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا..و 54% من الطلاب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى بلدانهم كما تشكل نسبة الأطباء العرب في بريطانيا من المجموع العام قرابة 34%..
من جهة أخرى ذكر خبير اقتصادي أمريكي قبل سنوات أن العصر الراهن يتطلب توفر أكثر من دخل للأسرة الواحدة..والدولة الرسمية لا يمكن أن تمول وتدعم كل الأفراد والعائلات في زمن تتأثر فيه إيرادات الدول بظروف ما يحدث في العالم من تقلبات متقاربة وتغيرات متسارعة..لذا لابد من تحديد بوصلة واتجاهات سوق العمل الأمر الذي يتطلب دراسة احتياجات السوق ومن ثم تعزيز ريادة الأعمال الخاصة وتعاون الحكومة مع البلديات التي هي أدرى بشعابها..ومن متطلبات السوق اليوم هو العمل عن بعد أي من البيت وليس المكتب خاصة في ظل ازدحام ساعات الذروة وفي ظل التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي وتطور تقنية المعلومات والاتصالات بإستمرار..
أخيرا من الضروري إجراء مراجعة دائمة للمقررات الدراسية وتحديثها سواء في المدارس أو الجامعات حتى تفسح المجال لتوطين العمل بمناهج عملية تواكب العصر والمستقبل وتهدف إلى تعزيز الإنتماء. يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى